انتقادات لتجاهل الإعلام في بريطانيا لما كشفته الجزيرة بشأن التآمر على كوربين
في السنوات التي سبقت الانتخابات العامة لعام 2019، شنت وسائل الإعلام البريطانية حملة قوية ومتواصلة ضد جيريمي كوربين- الزعيم السابق لحزب العمال- وأهليته للمنصب. وكانت أكثر صور التآمر على كوربين ضررًا اتهامه بالتسامح وغض البصر عن معاداة السامية داخل الحزب.
تصدرت هذه الدعايات الصفحات الأولى للصحف البريطانية لأيام متتالية ووصل الأمر أحيانًا إلى تغطية بي بي سي والقنوات الإخبارية الأخرى. ولا يوجد شك في أنّ هذه الاتهامات ألحقت أضرارًا حقيقية وطويلة المدى بزعيم حزب العمال، ولعبت دورًا مهمًا في خسارته النكراء في الانتخابات العامة الأخيرة. (Valium)
إلا أنّ قناة الجزيرة سلطت الضوء على الحكمة التقليدية التي اتسم بها كوربين من خلال بث سلسلة وثائقية من ثلاثة أجزاء كشفت النقاب عن حقيقة الادعاءات والاتهامات الموجهة ضد حزب العمال خاصة فيما يتعلق بمعاداة السامية.
لا يمكن نفي أنّ هذه كانت مشكلة حقيقية داخل حزب العمال في ذلك الوقت. لكن الرسالة الأساسية لسلسلة الجزيرة الوثائقية تمثلت في تسليط الضوء على حقائق عهد كوربين التي حرّفها وغالطها الإعلام البريطانيّ كتدخل أعضاء من الحزب لحماية الأصدقاء والحلفاء من تهم معاداة السامية.
لهذا وإذا كان طرح سلسلة الجزيرة صحيحًا، فسيحتاج تاريخ حزب العمال على مدى السنوات السبع الماضية إلى إعادة صياغة، ويجب أن يُنظر إلى كوربين نفسه على أنّه ضحية الإعلام البريطانيّ بدلًا من وصمه بمعاداة السامية في الفترة التي سبقت انتخابات 2019 والفترة الموالية.
أدلة ملموسة عن التآمر على كوربين
تغاضت وسائل الإعلام البارزة عن سلسلة الجزيرة حول مسيرة كوربين. كما كُتب عدد قليل من المقالات معظمها في وسائل الإعلام الإقليمية. وتجاهلت الصحف التي لم تنفك تهاجم كوربين وتتهمه بالعنصرية فترة طويلة تقريرًا آخر أعدته الجزيرة.
ينطبق الأمر ذاته على بي بي سي التي لعبت دورًا رئيسًا في تأطير صورة كوربين المعادية للسامية قبل انتخابات 2019، خصوصًا بعد تقرير بانوراما بي بي سي الصادر في يوليو من ذلك العام والذي ورد فيه أن أشخاصًا مقربين من كوربين تدخلوا في الإجراءات التأديبية لتفنيد تهم معاداة السامية ما جعل التصويت لحزب العمال غير أخلاقيّ.
وأشارت الجزيرة أيضًا إلى أنّ بانوراما بي بي سي عكست جانبًا واحدًا فقط من الجالية اليهودية المنقسمة، ولم تتطرق إلى مؤيدي مجموعة الصوت اليهوديّ لحزب العمال الموالية لكوربين.
بحثت الحلقة الثانية من هذه السلسلة الوثائقية في برنامج بانوراما بالتفصيل، وتوصلت في تقاريرها إلى أنّ تحقيقات البرنامج أساءت تمثيل بعض الحقائق وقدمت ادعاءات غير مثبتة.
بعض أمثلة هذا التحريف المزعوم صارخة لدرجة مشينة. وفقًا لأحد الأشخاص الذين قابلتهم بانوراما، سأل أحد الشهود في قضية معاداة السامية في حزب العمل المحقق عما إذا كان من إسرائيل. تعقبت الجزيرة الشاهد الذي نفى بشكل قاطع أنّ مثل هذه الملاحظة قد أدلي بها وقدم شريطًا مسجلًا كدليل عن ذلك.
صمت وسائل الإعلام
ينبغي على بي بي سي أن تخرج من صمتها وترد على تقارير الجزيرة حول التآمر على كوربين، إذ من المهم الاعتراف بالأخطاء الوارد حدوثها من الصحفيين والمؤسسات الإخبارية. وحتى الآن وبخلاف عدد قليل من التصريحات اللطيفة مع التأكيد على أنّها متمسكة بتقاريرها، لم ترد بي بي سي على أي من الأدلة الملموسة المذكورة أعلاه.
فضلًا عن ذلك لم تكن هذه القضية الوحيدة التي تناولها الإعلام البريطانيّ بقالبه الخاص، حيث لاحظت الكاتبة نسرين مالك الأمر ذاته مع ما يسمّى بمؤامرة حصان طروادة التي جعلت صحيفة نيويورك تايمز تفحص الرواية الإعلامية البريطانية لمؤامرة إسلامية مزعومة للسيطرة على مدارس برمنغهام.
خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبيّ هو مثال آخر على ذلك. إذ أيّدت معظم الصحف البريطانية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبيّ وتواصل ذلك حتى الآن ولم تطرح أيّ منها سؤالًا عما إذا كان مشروع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبيّ قد يحمل تبعات وخسائر لا تصب في صالح البلاد رغم الأدلة المتزايدة يومًا عن يوم على أنّه كان قرارًا كارثيًا.
ويمكن تفسير نجاح ليز تراس في الفوز بحملة قيادة حزب المحافظين الأخيرة وتوليها منصب رئاسة الوزراء جزئيًا برفض وسائل الإعلام البريطانية الاعتراف بالأخطاء أو حتى السؤال عما إذا أفادت القراء والمتابعين بالمعلومات الصحيحة.
إشكالية إعداد التقارير
عند توليه زعامة حزب العمال، طالب كير ستارمر مارتن فورد من مؤسسة “Forde Report” بالتحقيق في مزاعم معاداة السامية في عهد كوربين، ليصدر تقرير بالغ الأهمية في يوليو الماضي.
توقع كثيرون أن يؤيد فورد الادعاءات المقبولة تقريبًا في جميع وسائل الإعلام، لكنّ التقرير كان عكس التوقعات مستشهدًا بتقارير مغلوطة أصدرتها وسائل إعلام مثل بي بي سي والتايمز وسكاي نيوز وذا صن.
وكما هو الحال مع سلسلة الجزيرة الوثائقية، تجاهلت وسائل الإعلام البريطانية البارزة تقرير فورد حول التآمر على كوربين رغم أن بعض التقارير عدلت نتائج فورد لتتوافق مع الرواية المزعومة عنه
المصدر: Middle East Eye
اقرأ أيضًا:
جيريمي كوربين مرشحا محتملا لمنصب عمدة لندن
قيادة حزب العمال تنوي التخلي عن صديق فلسطين جيرمي كوربين
نحو مئة ألف بريطاني يشاركون في مظاهرات عامة احتجاجا على ارتفاع تكاليف المعيشة
الرابط المختصر هنا ⬇
19°C
