تعرف إلى المدرسة البريطانية التي لا يتحدث أي من طلابها اللغة الإنجليزية كلغة أولى

على بُعد خطوات من شارع “كوميرشال رود” الصاخب، تتوارى مدرسة ابتدائية مميزة عن الأنظار، تحمل اسم (Kobi Nazrul) وتنطق بمعظم لغات العالم تقريبًا، إلا الإنجليزية بوصفها اللغة الأولى لطلابها. ففي سابقة على مستوى بريطانيا، يُشكّل الطلاب الـ243 الملتحقون بهذه المدرسة نموذجًا حيًّا على قوة التنوع الثقافي، إذ لا يتحدث أي منهم الإنجليزية بوصفها اللغة الأم، بل تتنوع ألسنتهم من البنغالية والهندية إلى الأردية، وكذلك الألبانية، ما جعل هذه المؤسسة التعليمية محط اهتمام الإعلام ومحل إشادة هيئة التفتيش على المدارس (Ofsted).
مدرسة حاضنة للثقافات وحافلة بالنجاحات
وحصلت المدرسة على تقدير “جيد”، ثاني أعلى التصنيفات الرسمية، حيث أُشيد بطموح القائمين عليها، وحماس الطلاب وحبهم للبيئة التعليمية. وعلى الرغم من عقبة اللغة، تؤكد النتائج أن الطلاب يحققون نجاحًا متميزًا على المستويين الأكاديمي والاجتماعي، إذ بلغت نسبة الطلاب الذين يصلون إلى معايير القراءة والكتابة والحساب المتوقعة نحو 76 في المئة، متفوقة على المعدل الوطني البالغ 61 في المئة.
وتحتضن المدرسة غالبية من الطلاب ذوي الأصول البنغالية، وتضم كذلك طلابًا من أصول هندية، وباكستانية، وصومالية، وألبانية، فضلًا عن طلاب ولدوا لعائلات بنغالية أقامت لسنوات طويلة في بلدان أوروبية قبل الانتقال إلى بريطانيا.
وليس التركيز على التعليم وحده ما يُميّز هذه المدرسة، بل سعيها الدائم لحل مشكلة العزلة الرقمية لدى الطلاب، وتنمية مهاراتهم التقنية، وتعزيز وعيهم بأساليب الاحتيال على شبكة الإنترنت، وحمايتهم من محاولات الاحتيال التي تستهدف الفئات المهمّشة.
لكن النجاح الذي حققته المدرسة حاليًّا لم يكن تحقيقه سهلًا على الدوام. ففي عام 2012، عانت (Kobi Nazrul) من تدهور النتائج، ما أدى إلى خضوعها لرقابة مشددة. في ذلك الوقت، تدخلت “أوفست” على الفور، واستُبدلت قيادة المدرسة ومجلس الأمناء بالكامل، قبل تعيين المديرة بيليندا كينغ، التي قادت مسيرة التغيير، وحصلت على تقدير عالٍ من المفتشين عام 2016.
شهادات الأهالي والسكان المحليين
ليس النجاح على الورق وحده ما يشير إلى تميّز هذه المؤسسة التعليمية، بل تلمسه كذلك شهادات الأهالي، حيث تقول بينا بيجوم، وهي أم لطالب عمره 6 سنوات: “هذه المدرسة مذهلة، وفريق العمل داعم وودود، وأنا ممتنة لما تُقدّمه لابني”. كما يشير محمد المأمون، أحد أولياء الأمور، إلى تنوّع الأنشطة التي تقيمها المدرسة، من رحلات ميدانية إلى برامج ترفيهية، مؤكدًا أن “الأطفال، مهما كانت خلفياتهم، يجدون هنا مساحة للاندماج والتعلّم”.
وتعكس المدرسة حال حي وايتشابل، الذي شهد على مدار العقود الماضية تغيرًا جذريًّا من حي سكنته الجالية اليهودية، إلى مجتمع يتمحور اليوم حول مزيج من الثقافات، أغلبها من بنغلاديش، محاطًا بمساجد ومقاهٍ ومتاجر تبيع الزي التقليدي، وترفرف الأعلام الفلسطينية من نوافذ محالّه، وتُكتب اللافتات على مداخلها بالعربية، والبنغالية والإنجليزية.
رأي منصة العرب في بريطانيا
نرى في منصة العرب في بريطانيا أن تجربة (Kobi Nazrul) مثال حي على قوة التعليم بوصفه جسرًا للتواصل والتفاعل بين الثقافات، ومؤشر على إمكانات المدارس البريطانية في حل مشكلة تعدّد اللغات. وننبّه إلى ضرورة دعم هذه المؤسسات التعليمية، وتعزيز دورها في تطوير مهارات الأطفال على اختلاف أصولهم، ما يُسهم في دمجهم بمجتمع متعدد الثقافات، ويُعزّز من قيم الاحترام والتسامح. وننصح أولياء الأمور من العرب المقيمين في بريطانيا بالسعي للاستفادة من هذه الفرص التعليمية، وحثّ أطفالهم على الاندماج؛ لما له من أثر مباشر على نجاحهم الأكاديمي وحياتهم المستقبلية.
المصدر: ديلي ميل
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇