تعديل مفاجئ بوزارة الداخلية البريطانية يطيح بمفوض مكافحة التطرف

في خطوة مفاجئة ضمن إعادة هيكلة كبرى في وزارة الداخلية البريطانية، أعلنت الحكومة إقالة روبن سيمكوكس من منصب المفوضية لمكافحة التطرف، إلى جانب إلغاء منصب المستشار المستقل في مسائل العنف السياسي، الذي كان يشغله اللورد وولني (جون وودكوك)، النائب العمالي السابق والعضو المستقل حاليًّا في مجلس اللوردات.
وأوضحت وزارة الداخلية في بيان لها أمس الجمعة، أن المهمات التي كان يؤديها وولني ستُدمَج ضمن أعمال “لجنة مكافحة التطرف” (CCE) مع توسيع صلاحياتها، مشيرة إلى فتح باب الترشح لاختيار خلف لسيمكوكس، إضافة إلى تعيين مفوض جديد ومستقل لبرنامج “بريفنت” لمكافحة الإرهاب، وهو المنصب الذي أعلنه رئيس الوزراء كير ستارمر الشهر الماضي في ظل انتقادات متزايدة للبرنامج، بعد الكشف عن أن مراهقًا قتل ثلاث فتيات في ساوثبورت كان قد أحيل إليه ثلاث مرات خلال دراسته.
وقررت الحكومة تعيين اللورد ديفيد أندرسون، المراجع المستقل السابق لتشريعات مكافحة الإرهاب؛ لشغل منصب مفوض “بريفنت” بصفة مؤقتة. وقد شكر وزير الأمن، دان جارفيس، سيمكوكس وولني على جهودهما، منبّهًا إلى أهمية الدور الجديد في مكافحة التطرف والإرهاب، وأعرب عن تطلعه للتعاون مع المرشحين الجدد.
جدل بشأن تعيين سيمكوكس وعلاقته بمراجعة “بريفنت”
تولى روبن سيمكوكس منصب مفوض مكافحة التطرف مؤقتًا في آذار/مارس 2021، قبل أن يُعَين رسميًّا في 2022، خلفًا لسارة خان التي شغلت المنصب منذ إنشائه عام 2018 خلال فترة حكومة المحافظين. وأكدت وزارة الداخلية أن فترة ولايته، التي تستمر لثلاث سنوات، ستنتهي في تموز/يوليو المقبل، على أن يُعلَن خليفته لاحقًا.
وأثار تعيين سيمكوكس منذ البداية جدلًا واسع النطاق؛ بسبب خلفيته وعلاقته بمراكز أبحاث اتُّهمت بترويج خطاب معادٍ للإسلام، فضلًا عن دعمه للمراجعة المثيرة للجدل لبرنامج “بريفنت” التي أجراها ويليام شوكروس، والتي قوبلت بمقاطعة كبيرة من منظمات حقوق الإنسان والجاليات المسلمة.
كما كلفته لاحقًا حكومة المحافظين السابقة بمراقبة الشكاوى التي تقدَّم ضد البرنامج، وهو ما أثار اعتراضات باعتبار أن لجنة مكافحة التطرف لم تكن معنية في الأصل بالإشراف عليه.
وكانت الحكومة قد أزالت الميثاق الذي ينظم عمل اللجنة من موقعها الإلكتروني في 2023، ما أثار تساؤلات عن كيفية عملها في الفترة الأخيرة.
وخلال الشهر الماضي، كشفت تقارير إعلامية أن اللجنة كانت تسعى للحصول على شكاوى مجهولة المصدر من حسابات يمينية متطرفة على وسائل التواصل الاجتماعي بشأن برنامج “بريفنت”.
وولني في مرمى الانتقادات بسبب مواقفه من الاحتجاجات
من جانبه أثار اللورد وولني جدلًا كبيرًا خلال فترة عمله مستشارًا لوزارة الداخلية في مسائل العنف السياسي، حيث أفادت تقارير إعلامية بأنه قدم لوزارة الداخلية ملفات استندت إلى منشورات غير موثقة ومنحازة على وسائل التواصل الاجتماعي بشأن تهديدات تعرض لها نواب البرلمان خلال الانتخابات العامة في تموز/يوليو الماضي.
كما وُجهت إليه انتقادات بسبب وصفه للمظاهرات المؤيدة لفلسطين التي شهدتها لندن منذ بدء العدوان على غزة بأنها جزء من “ثقافة فرعية يسارية متطرفة”، ومطالبته بتشديد قوانين مكافحة الاحتجاجات لحماية شركات الدفاع وموردي الطاقة.
واتهمه منظمو الاحتجاجات باستغلال منصبه لتعزيز أجنداته السياسية ضد القضية الفلسطينية، وتقديم توصيات من شأنها تقويض المبادئ الديمقراطية الراسخة.
وفي تعليق له عبر وسائل التواصل الاجتماعي يوم الجمعة، جدد وولني دعواته لفرض قيود على الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين، قائلًا: “في ظل تزايد التهديدات والترهيب، يجب أن نبذل ما بوسعنا لحماية ديمقراطيتنا وأعضاء البرلمان من الإكراه المنظم، وكذلك حماية الجمهور من خطر المتظاهرين المتطرفين”.
توجه جديد في مكافحة التطرف
بحسب الوصف الوظيفي الذي نشرته الحكومة، سيتولى المفوض الجديد لمكافحة التطرف مسؤولية تقديم استشارات مستقلة للحكومة بشأن السياسات والأدوات اللازمة لمواجهة التطرف، كما سيشمل دوره الجديد الإشراف على العنف السياسي والاضطرابات، وهو جانب لم يكن من مهمات المنصب سابقًا.
أما مفوض “بريفنت” الجديد، فسيكون مسؤولًا عن الإشراف على وحدة الامتثال والمعايير الخاصة بالبرنامج، والتي كانت تدار في السابق ضمن لجنة مكافحة التطرف، كما يتعين عليه التعامل مع منتقدي “بريفنت”، وإعداد تقارير تسهم في صياغة السياسات العامة بشأن العلاقة بين مكافحة الإرهاب والاندماج والصحة العامة والمجتمعات الدينية.
يُذكَر أن برنامج “بريفنت” يواجه منذ سنوات انتقادات حادة من منظمات حقوق الإنسان والجماعات المدنية، مثل منظمة العفو الدولية و”رايتس أند سكيورتي إنترناشيونال” و”ليبرتي”، حيث يُتهم باستهداف المسلمين بطريقة تمييزية.
المصدر: ميدل إيست آي
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇