“كأنني تسممت عندما غادرت غزة”.. شهادة وائل الدحدوح عن الألم والصمود

لم يكن الغرض يومًا ما يشكل تحديًا بالنسبة لوائل الدحدوح، الصحفي الفلسطيني الذي ناضل من أجل نقل معاناة أهل غزة في أصعب الظروف. رغم المآسي الشخصية التي تعرض لها، استمر في العمل تحت خطر الموت ليوافي العالم من خلال كاميرات الجزيرة بما يحدث في غزة. لكن تركه لغزة كان تجربة مريرة له، حيث يشعر كما لو أنه قد “تسمم” بعد مغادرته.
عودة إلى العمل رغم المآسي

عاد وائل الدحدوح إلى عمله بسرعة بعد استشهاد زوجته وطفلين له وحفيده الصغير في غارة جوية إسرائيلية في أكتوبر 2023. كما استمر في تغطيته للعديد من الأحداث رغم إصابته هو وزميله الصحفي سامر أبو دقة، الذي استشهد في نفس القصف في نوفمبر 2023.
وعلى الرغم من ذلك، عاد وائل للعمل مجددًا بعد جنازة ابنه الأكبر، حمزة، الذي استشهد في غارة إسرائيلية استهدفت سيارة كانت تحمل مجموعة من الصحفيين في يناير 2024.
الألم العميق والقرار بالمغادرة
رغم عزيمته، لم يستطع وائل أن يواصل العمل في غزة بعد استشهاد أفراد عائلته. في يناير 2024، نصحته عائلته بمغادرة غزة ليبحث عن الأمان، ورغم قسوة القرار، لم يتمكن من التخلص من الشعور بالذنب والمرارة بعد مغادرته المكان الذي كان يُشعره بالعزيمة والهدف.
ويقول وائل في شهادته: “كان الأمر كما لو أنني تسممت عندما غادرت قطاع غزة. لا يمكنني المبالغة في القول أن الأمر في كثير من الأحيان أصعب مما كان عندما كنت داخل غزة، وهذا يزداد عمقًا كلما رأيت كارثة في غزة تؤثر على الصحفيين، الناس، وأقاربي.”
الصحافة في غزة: جيل جديد يواجه التحديات

تسببت الظروف الخطيرة في غزة في استشهاد أكثر من 225 صحفيًا وعاملاً في وسائل الإعلام، وفقًا لنقابة الصحفيين الفلسطينيين، وهو ما دفع العديد من الصحفيين ذوي الخبرة لمغادرة القطاع. بينما دخل جيل جديد من الصحفيين إلى الميدان، الذين اضطروا للتعلم في ظروف صعبة ومخاطر يومية، ما بين العيش في الخيام والعمل تحت تهديد الموت.
وأوضح وائل الدحدوح أن الجيل الجديد من الصحفيين في غزة يدمج بين المهارات التقليدية في الصحافة و”صحافة المواطنين” عبر وسائل التواصل الاجتماعي، التي تتيح لهم نقل المعلومات من المناطق التي لا يستطيع الصحفيون الوصول إليها بسبب الخطر.
التضامن الدولي مع الصحفيين في غزة
الدحدوح لا يخفى عليه أن الصحفيين في غزة مهددون من قبل القوات الإسرائيلية، ويعلم أن عائلته كانت هدفًا بسبب عمله الصحفي. ومع ذلك، يصدق أن الصحفيين في غزة سيستمرون في أداء مهامهم لأن الظروف تجبرهم على ذلك، مشيرًا إلى أن الصحفيين في المناطق الآمنة يتحملون مسؤولية التضامن مع زملائهم في غزة من خلال التحدث عنهم ورفع الوعي حول المخاطر التي يواجهونها.
وقال الدحدوح: “كنت أتمنى أن يكون دم حمزة هو الأخير من دماء الصحفيين والمدنيين، ولكن بعد هذه الأشهر الطويلة، هناك الكثير من الدماء تتدفق من الصحفيين والمدنيين.”
نضال الصحفيين والمجتمع الدولي
وفي مواجهة هذه الظروف، تحركت أكثر من 140 مجموعة حقوقية وإعلامية بالإضافة إلى منظمات إخبارية مثل “لجنة حماية الصحفيين” و”مراسلون بلا حدود”، للمطالبة بإتاحة الفرصة للصحفيين الأجانب للدخول إلى غزة، ودعوا إسرائيل إلى حماية الصحفيين وضمان حقوقهم في نقل المعلومات بحرية.
وتشيد منصة العرب في بريطانيا AUK بتضحية وائل الدحدوح وزملائه الصحفيين في غزة وتعتبر أن دورهم في نقل الحقيقة إلى العالم له أهمية كبيرة في هذا العدوان. الصحافة المستقلة والشفافة هي حجر الزاوية لأي ديمقراطية حقيقية، ومن واجب المجتمع الدولي دعم الصحفيين في مناطق النزاع وحمايتهم. في سياق تقرير الدحدوح، تبرز الحاجة الملحة إلى وقف استهداف الصحفيين وضمان حرياتهم، ليس فقط في غزة ولكن في جميع أنحاء العالم، إذ أن التغطية الصحفية الدقيقة تعد عنصرًا أساسيًا في نشر الوعي العالمي حول حقوق الإنسان.
المصدر: الغارديان
إقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇