تسريب: تل أبيب تخطط لتهجير الفلسطينيين منذ نصف قرن بعلم لندن وواشنطن
أثار الحديث عن خطة أمريكية مدعومة من إسرائيل لنقل الفلسطينيين من غزة إلى سيناء، في أعقاب الحرب الإسرائيلية المدمرة على القطاع، مخاوف عدة في الأوساط العربية والدولية.
وتكشف الوثائق البريطانية التي كُشف عنها مؤخرًا عن تفاصيل مثيرة تعود إلى أكثر من خمسة عقود، تؤكد أن إسرائيل كانت قد وضعت خطة سرية في الستينيات لنقل آلاف اللاجئين الفلسطينيين من غزة إلى شمال سيناء، في حين كانت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة على دراية بتلك الخطة لكنهما اختارتا عدم التدخل.
خطة إسرائيل السرية: تهجير الفلسطينيين إلى العريش
تعود هذه الخطة إلى عام 1967، عندما كانت غزة تحت الاحتلال الإسرائيلي بعد الحرب العربية الإسرائيلية. وفي تلك الفترة، بدأت إسرائيل بدراسة سبل نقل الفلسطينيين من غزة إلى منطقة العريش في شمال شبه جزيرة سيناء، بالتزامن مع جهود لتقليل عدد اللاجئين في قطاع غزة، الذي أصبح يمثل مصدرًا رئيسًا للتهديد الأمني؛ بسبب المقاومة الفلسطينية المستمرة.
وبحسَب الوثائق التي عُثر عليها في الأرشيف الوطني البريطاني، كانت إسرائيل قد وضعت خطة لنقل اللاجئين الفلسطينيين إلى مصر أو إلى مناطق أخرى من الأراضي الإسرائيلية؛ بهدف تخفيف حدة المقاومة الشعبية التي كانت تنطلق من مخيمات اللاجئين في القطاع.
تواطؤ الولايات المتحدة وبريطانيا: عدم التدخل رغم المعرفة
ومع أن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة كانتا على علم بالخطة الإسرائيلية، فإنهما اختارتا عدم التدخل أو اتخاذ أي خطوات عملية لمنعها. وفي تقارير السفارة البريطانية في تل أبيب، ورد أن الحكومة البريطانية كانت تراقب الوضع في غزة عن كثب، وكانت على دراية بمحاولات إسرائيل لإيجاد حلول لتهجير الفلسطينيين، لكن لم تتخذ أي خطوات رسمية لمعارضة هذه التحركات.
وفي تقرير مؤرخ في يناير 1971، أشار إرنست جون وارد بارنس، السفير البريطاني في تل أبيب، إلى أن الولايات المتحدة كانت على علم بتحركات إسرائيل، لكن لم تكن هناك رغبة لدى واشنطن في مناقشة هذه القضية علنًا مع الحكومة الإسرائيلية.
إسرائيل تؤكد نيتها: إعادة توطين الفلسطينيين في العريش
وفي سبتمبر 1971، ناقش شمعون بيريس، وزير النقل الإسرائيلي في ذلك الوقت، في محادثة مع المسؤولين البريطانيين الخطط المتعلقة بنقل الفلسطينيين من غزة إلى العريش، مشيرًا إلى أن هذه الخطط كانت جزءًا من “سياسة جديدة وطويلة الأمد” لحل مشكلة اللاجئين في غزة. وأضاف أن إسرائيل كانت تتطلع إلى إعادة توطين نحو مئة ألف شخص في العريش أو في مناطق أخرى داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وأوضح بيريس أن الخطة كانت تسعى إلى تقليل الضغط على غزة من خلال نقل الفلسطينيين إلى منطقة العريش حيث يمكن لهم “العيش في مساكن عالية الجودة”، وهو ما اعتبره مسؤول بريطاني “قرارًا عمليًّا” لتخفيف العبء الأمني عن إسرائيل.
المعارضة الدولية ورفض الأونروا
ومع تزايد التحركات الإسرائيلية، أعربت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) عن رفضها القاطع لخطط النقل القسري للاجئين الفلسطينيين إلى العريش، مؤكدةً أن هذه السياسات تخالف المبادئ الدولية لحقوق الإنسان. كما حذرت الأمم المتحدة من أن إسرائيل قد تواجه موجة من الانتقادات من المجتمع الدولي إذا استمرت في تنفيذ هذه السياسات القسرية.
وتظهر الوثائق البريطانية أن إسرائيل كانت تفكر بجدية في تنفيذ خطة شاملة لتغيير التركيبة السكانية في غزة من خلال نقل اللاجئين الفلسطينيين قسرًا إلى مناطق أخرى، في محاولة لتهدئة الوضع الأمني في القطاع. ورغم اعتراضات المجتمع الدولي، كانت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة على دراية بتفاصيل هذه الخطة، لكنهما اختارتا عدم اتخاذ أي موقف حاسم ضدها، ما يثير تساؤلات عن الدور الدولي في مواجهة السياسات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
المصدر: Middle East Monitor
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇