تسريبات من الجيش البريطاني: ممارسات الجيش الإسرائيلي في غزة “أسوأ من جرائم النازية”
كشف تقرير استقصائي لموقع (Declassified UK) عن تسريبات صادمة من داخل المؤسسة العسكرية البريطانية، تُظهر أن قادة في الجيش البريطاني يصفون الهجمات الإسرائيلية على غزة بأنها “انتهاكات جسيمة لاتفاقيات جنيف، تفوق في وحشيتها ما ارتكبه الجيش النازي خلال الحرب العالمية الثانية”.
ويستند التقرير إلى مقابلة داخلية نُشرت عبر شبكة (Defence Connect) الخاصة بوزارة الدفاع البريطانية، بين ضابط طبي رفيع في الجيش ومُقدَّم من وحدة الاتصالات العسكرية، حيث ناقشا علنًا استهداف إسرائيل للمستشفيات وسيارات الإسعاف في قطاع غزة، في مقارنة مباشرة مع الجرائم الروسية في أوكرانيا.
وبحسَب التقرير، فإن هذا التناول الصريح لانتهاكات إسرائيل يعكس تحوّلًا في وعي بعض عناصر الجيش البريطاني، الذين بدأوا يتحدثون بصراحة عن جرائم الحرب الإسرائيلية، في وقت لا تزال فيه الحكومة البريطانية تواصل إنكارها لهذه الحقائق وتبريرها للتعاون العسكري المستمر مع تل أبيب.
تصريحات من داخل الجيش: “إسرائيل تتجاوز النازية”

وفي التسجيل المصوّر، قال المُقدَّم ديريك تيدر: إن “الروس والإسرائيليين متهمون على حدّ سواء بقصف المستشفيات وسيارات الإسعاف. بل إن إسرائيل تُتهم أيضًا بقتل من يقفون في طوابير لتلقي المساعدات”.
وأضاف: “في الحرب العالمية الثانية، حتى الألمان احترموا هذه الأجزاء من اتفاقيات جنيف… فماذا عن مستقبل جنودنا إذا خضنا حربًا مماثلة؟”.
وجاء الرد من الضابط الطبي، الذي لم يُذكَر اسمه، مؤكدًا أن “مئات المنشآت الطبية وسيارات الإسعاف استُهدِفت عمدًا”، وأن الجيش البريطاني يضطر اليوم لإعادة تقييم قدرته على تقديم الرعاية لجنوده مستقبلًا في ظل انتشار هذه الممارسات في الحروب الحديثة.
وفي تصريح لموقع (Declassified UK)، قال أحد أفراد القوات المسلحة -فضّل عدم ذكر اسمه- إن الفيديو المتداول “يتعارض كليًّا مع الرواية الحكومية التي تنكر ارتكاب إسرائيل لجرائم حرب ممنهجة، وتستخدم هذا الإنكار مبررًا لاستمرار تصدير الأسلحة وتدريب القوات الإسرائيلية”.
وأضاف: “كل من يخدم في الجيش البريطاني يعرف ما هي جريمة الحرب، ويعلم أنه يرى بأم عينيه هذه الجرائم تُرتكَب يوميًّا في غزة منذ عامين”، مؤكدًا أن استهداف الطواقم الطبية أصبح أمرًا طبيعيًّا، ما دفع كثيرين للشعور بأنهم يعملون في بيئة أشد خطرًا من أي وقت مضى.
تعاون عسكري مستمر رغم الاعترافات
ورغم هذه التصريحات من داخل الجيش، لم تُعلّق الحكومة البريطانية تعاونها العسكري مع إسرائيل، بل شهدت الشهور الماضية استمرار العلاقات بشكل اعتيادي:
• تخرّج عقيد إسرائيلي من أكاديمية عسكرية بريطانية الشهر الماضي
• زار قائد سلاح الجو الإسرائيلي إحدى قواعد سلاح الجو الملكي البريطاني في أوكسفوردشاير
• ما زالت صادرات الأسلحة، ولا سيما المرتبطة بطائرات (F-35)، تمر عبر دول وسيطة
• نفذت طائرات الاستطلاع البريطانية مئات الطلعات الجوية فوق غزة منذ عام 2023.
وتتناقض هذه التسريبات مع ما قدمته الحكومة البريطانية في وثائق رسمية للمحكمة دفاعًا عن استمرار تصدير الأسلحة إلى إسرائيل، حيث ادعت أن “قواعد الاشتباك التي يعتمدها الجيش الإسرائيلي تشبه إلى حد كبير قواعد الجيش البريطاني”.
وجاء في أحد تقييمات وزارة الخارجية البريطانية أن “إسرائيل تبدو ملتزمة بإجراءات صارمة لإصابة الأهداف في العمليات القتالية”، معتبرة أن “سلوك القوات الإسرائيلية يعكس مبادئ التمييز والتناسب”.
لكن هذه المزاعم أثارت غضب عدد من الضباط المتقاعدين، من بينهم العميد المتقاعد جون ديفيريل، الذي وصفها بأنها “مذهلة ومضلّلة”، وأعلن أنه سيخاطب رئيس الوزراء مباشرة لتفنيدها.
دمار كامل للقطاع الصحي في غزة

وأكد التقرير أن معظم مستشفيات غزة تعرضت للتدمير أو التوقف عن العمل منذ بداية العدوان، مع تسجيل متوسط قدره 180 حالة ولادة يومية دون وجود رعاية طبية كافية.
كما أشار إلى أن مستشفيات مدينة رفح كانت خارج الخدمة تمامًا خلال الفترة من 5 إلى 19 يونيو 2024، في وقت تواصل فيه إسرائيل الادعاء بأن حركة حماس “تتحصن” داخل المرافق المدنية دون تقديم أدلة ملموسة.
ورغم فداحة المعلومات التي كُشف عنها، امتنعت وزارة الدفاع البريطانية عن إصدار أي تعليق رسمي بشأن مضمون المقابلة أو مضمون التسريبات.
تعتبر منصة العرب في بريطانيا أن ما كشفه تقرير (Declassified UK) يعكس هشاشة الرواية الرسمية البريطانية إزاء جرائم الحرب في غزة، ويؤكد وجود فجوة خطيرة بين ما يُقال داخل أروقة المؤسسة العسكرية، وما يُسوّق له في الفضاء السياسي والإعلامي.
وترى المنصة أن استمرار الدعم العسكري واللوجستي لإسرائيل رغم هذه الشهادات الصريحة يشكّل تواطؤًا صامتًا في تقويض القانون الدولي الإنساني، وتدعو الحكومة البريطانية إلى وقف فوري لجميع أشكال التعاون العسكري مع إسرائيل، وفتح تحقيق برلماني مستقل بشأن صادرات الأسلحة والمساعدات التقنية المقدّمة لها.
كما تحثّ المنصة منظمات المجتمع المدني البريطانية والعرب والمهتمين بحقوق الإنسان على مواصلة الضغط السياسي والإعلامي؛ لإعادة الاعتبار لضحايا العدوان في غزة، ومحاسبة المتورطين في دعم جرائم الاحتلال بأي شكل من الأشكال.
المصدر: Declassified UK
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇
