ترحيل طالبي اللجوء إلى بلغاريا يواجه عقبة قانونية بسبب انتهاكات حقوق الإنسان
تواجه خطط الحكومة البريطانية بشأن الهجرة تحديًا قانونيًا بارزًا هذا الأسبوع، مع شروع محامين في تحريك دعاوى قضائية لوقف ترحيل طالبي اللجوء نحو بلغاريا، في ظل تصاعد المزاعم المتعلقة بانتهاكات جسيمة يتعرض لها المرحّلون، تشمل التعذيب والمعاملة القاسية والمهينة.
ووفقًا لأحدث الأرقام الرسمية، تجاوز عدد المرحّلين من بريطانيا منذ فوز حزب العمال في انتخابات يوليو 2024 أكثر من 24 ألف شخص، سواء عبر الإعادة القسرية أو “الطوعية”، من بينهم أكثر من 200 شخص أُعيدوا إلى بلغاريا خلال العام ذاته.
وتعتمد بريطانيا على ترتيبات ثنائية غير رسمية مع بعض الدول، بينها بلغاريا، تسمح بإعادة طالبي اللجوء إليها، شرط توفر سجل يؤكد دخولهم إليها مسبقًا. إلا أن محامين بريطانيين شرعوا في الطعن في قانونية هذه الإعادات، محذرين من أن المعاملة التي يتعرض لها العائدون قد تنتهك المادة الثالثة من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، التي تحظر التعذيب والمعاملة اللاإنسانية أو المهينة.
تقصير مروّع أدى إلى مقتل أطفال
في يناير الماضي، كشفت صحيفة الغارديان عن حادثة أثارت الغضب، حيث تجاهلت السلطات البلغارية نداءات استغاثة لإنقاذ ثلاثة مراهقين مصريين تقطّعت بهم السبل في درجات حرارة متدنية قرب الحدود مع تركيا، ما أدى إلى وفاتهم. ورغم تأكيد وزارة الداخلية البلغارية أن قوات حرس الحدود “استجابت في الوقت المناسب”، أفادت بأن الجثث عُثر عليها في مواقع تختلف عن تلك المُبلّغ عنها.
وفي تقرير آخر نُشر في ديسمبر 2024، نقلت الصحيفة شهادات تُثبت أن السلطات البلغارية تضغط على طالبي اللجوء السوريين لتوقيع وثائق “عودة طوعية”، تُنتزع أحيانًا بالإكراه، في محاولة لإبعادهم من البلاد. بينما نفت وكالة الدولة البلغارية لشؤون اللاجئين أن تكون قد أجبرت أي شخص على العودة إلى بلده الأصلي.
منظمة No Name Kitchen الإنسانية، التي تنشط في منطقة البلقان، جمعت هذا الأسبوع شهادات لـ21 شخصًا أُعيدوا إلى بلغاريا من دول أوروبية، من بينهم 17 لاجئًا سوريًا. وأفاد معظمهم بأنهم خضعوا لضغوط مكثفة لإجبارهم على توقيع وثائق “عودة طوعية”.
وقالت لاجئة سورية أُعيدت من ألمانيا إن السلطات البلغارية هدّدتها بالسجن لمدة 18 شهرًا إذا رفضت التوقيع على وثيقة تقضي بإعادتها إلى سوريا.
وفي شهادة أخرى، كشف لاجئ سوري أُعيد من المملكة المتحدة أنه تعرّض للضرب عدة مرات على يد الشرطة البلغارية، ما أدى إلى إصابته بكسر في الأنف.
تحرك قانوني في المحاكم البريطانية
المحامي جورج شيلدون غرون من شركة Duncan Lewis Solicitors، أوضح أن مؤسسته تمثّل حاليًا عددًا من السوريين في طعون قانونية أمام المحاكم البريطانية ضد ترحيلهم إلى بلغاريا.
وقال غرون: “التقارير الواردة من منظمات ميدانية تكشف أن اللاجئين السوريين في بلغاريا يواجهون ظروفًا تصل إلى حد المعاملة غير الإنسانية والمهينة. في الوقت الذي تصنّف فيه الحكومة البريطانية بلغاريا كدولة آمنة، إلا أن الواقع الذي يعيشه المرحّلون يروي قصة مغايرة.”
وأضاف: “هذه القضايا تطرح تساؤلات جوهرية حول مدى التزام المملكة المتحدة بالتزاماتها القانونية، وحول ما إذا كانت الإعادات إلى بلغاريا تتم في إطار قانوني وأخلاقي.”
مخيمات تحت الحد الأدنى من المعايير
وفي تقرير محدث صدر في مارس 2025، أعرب مجلس اللاجئين والمنفيين الأوروبي عن قلقه إزاء تدنّي مستوى الخدمات الأساسية في مراكز الإيواء البلغارية، مشيرًا إلى انتشار القوارض، وغياب مياه ساخنة كافية، وسوء التغذية، ورداءة المرافق الصحية والنظافة.
بدورها، قالت المحامية الحقوقية آنا كارولينا فيشر دا كونيا، المشاركة في إعداد تقرير منظمة NNK، إن نظام اللجوء البلغاري “فشل في الالتزام بالمعايير الحقوقية التي يُفترض أن تلتزم بها الدولة بصفتها عضوًا في الاتحاد الأوروبي”.
وحذّرت من أن “الدول الأوروبية لم تعد قادرة على تبرير إعادة اللاجئين إلى بلغاريا بذريعة أنها دولة آمنة”، مؤكدة أن “الواقع يشير إلى أن المرحّلين إليها معرضون لخطر التعذيب والمعاملة القاسية، ليس فقط في حال إعادتهم إلى بلدانهم الأصلية، بل داخل الحدود الأوروبية ذاتها”.
وفي تعليق مقتضب، قال متحدث باسم وزارة الداخلية البريطانية: “كما يتوقع الرأي العام، فإن أي شخص يقيم بشكل غير قانوني في المملكة المتحدة رغم تمتعه بوضع لاجئ في دولة أخرى، يُعاد إلى تلك الدولة في حال اعتبارها آمنة”.
المصدر الغارديان
إقرأ أيّضا
الرابط المختصر هنا ⬇
17°C
