تحقيق: ربع السجائر الإلكترونية المصادَرة في مدارس إنجلترا تحتوي على مواد مخدرة

كشفت دراسة حديثة أجرتها جامعة باث (University of Bath) عن نتائج مثيرة للقلق، حيث تبيّن أن ما يصل إلى واحدة من كل أربع سجائر إلكترونية صودرت من المدارس الثانوية في إنجلترا يحتوي على المخدر الصناعي المعروف باسم “السبايس”.
جُمعت الدراسة التي شملت تحليل 1,923 سيجارة إلكترونية وسوائل تدخين من 114 مدرسة في سبع مناطق مختلفة، وأوضحت أن مادة “السبايس” وُجدت في 13 في المئة من العيّنات بصفة عامة، إلا أن النسبة ارتفعت بشكل لافت في منطقتي لندن (London) ولانكشاير (Lancashire) لتصل إلى نحو 25 في المئة.
الخبراء يحذرون من مخاطر السجائر الإلكترونية
وحذّرت الدراسة، التي قادها البروفيسور كريس بودني من قسم علوم الحياة بجامعة باث، من أن سجائر “السبايس” الإلكترونية باتت متاحة بسهولة عبر الإنترنت، حيث تُباع على أنها تحتوي على مادة “تي إتش سي” (THC) -المكوّن الفعّال في القنب- مع أنها في الواقع ملوثة بمادة السبايس، وهي أرخص ثمنًا وأكثر خطورة.
وأشار الباحثون إلى أن هذه المنتجات يُروّج لها كثيرًا على منصات التواصل الاجتماعي، مثل فيسبوك وإنستغرام وتيك توك، لافتين إلى أن نسبة الإقبال تزداد كلما صغر متوسط أعمار المستخدمين؛ إذ بلغت نسبة السوائل التي تحتوي على مادة السبايس 12 في المئة في فيسبوك مقابل 68 في المئة في تيك توك.
وأكدت جامعة باث أن هذه النتائج تعكس ما يحدث في الواقع، حيث لم تُظهر العيّنات المصادَرة من المدارس سوى 1.2 في المئة تحتوي على THC مقابل 13 في المئة تحتوي على مادة السبايس.
وحذّر البروفيسور بودني من أن “السبايس” يُباع بطريقة مكشوفة على المنصات الاجتماعية، وقال: “يكفي إجراء بحث بسيط عبر هذه المنصات للعثور على مئات الحسابات التي تروّج لهذه المواد، ما يجعلها في متناول الشباب بسهولة. المشكلة أن اليافعين يظنون أنهم يشترون منتجات قنب، لكنهم في الحقيقة يحصلون على مخدر شديد الإدمان وله آثار صحية خطرة، مثل الذهان والنوبات ومشكلات القلب”.
وأوصى مؤلفو التقرير بضرورة تحرّك هيئة “أوفكوم” (Ofcom)، الجهة المنظمة للإعلام والاتصالات في بريطانيا، من خلال فتح برنامج مخصص لإنفاذ القوانين المتعلقة بمبيعات المخدرات عبر الإنترنت.
وبموجب قانون السلامة على الإنترنت (Online Safety Act)، تلتزم منصات التواصل الاجتماعي بتقييم المخاطر المرتبطة باستغلال خدماتها للترويج للمخدرات غير القانونية. كما يمكن أن تواجه الشركات التي لا تلتزم بعقوبات تصل إلى 18 مليون باوند أو 10 في المئة من إيراداتها العالمية السنوية.
وبين حزيران/يونيو وآب/أغسطس 2025، رصد الباحثون 120 حسابًا على تيك توك و83 حسابًا على إنستغرام تعرض منتجات يُزعم أنها تحتوي على THC للبيع، رغم أن المادة محظورة بموجب القانون في بريطانيا.
لكن تحليل الصور المنشورة أوضح أن نحو 70 في المئة من حسابات تيك توك وأكثر من 50 في المئة من حسابات إنستغرام كانت تبيع في الواقع منتجات تحتوي على “السبايس”.
ورغم إبلاغ شركات التواصل الاجتماعي بالمشكلة في آذار/مارس 2025 عبر مجموعة عمل “المخدرات على وسائل التواصل الاجتماعي”، ظل نحو 70 في المئة من هذه الحسابات نشطًا حتى مطلع أيلول/سبتمبر، وهو ما وصفه الباحثون بإخفاق استجابة المنصات للتعامل مع القضية.
من جهتها حذّرت فيونا سبارغو-مابس، رئيسة مجموعة العمل ومؤسسة جمعية “دانييل سبارغو-مابس” للتوعية بالمخدرات، من تزايد المخاطر مع بداية العام الدراسي الجديد، وقالت: “نخشى أن نشهد مزيدًا من حالات الإدمان والأضرار بين المراهقين نتيجة استمرار ترويج سجائر إلكترونية تُباع على أنها THC عبر المنصات الاجتماعية. هذه الدراسة أظهرت بوضوح أن الشباب يتعرضون لمخاطر غير مسبوقة ما لم يُعالج الأمر بحزم”.
وشارك في إعداد الدراسة عدة جهات أكاديمية ومؤسسات بحثية، منها جامعة باث، وجامعة كوليدج لندن (University College London)، وجامعة غلاسكو (University of Glasgow)، ومركز “ماندريك” (MANDRAKE)، وجامعة مانشستر متروبوليتان (Manchester Metropolitan University)، وجامعة تيزسايد (Teesside University)، وجامعة بريستول (University of Bristol)، إضافة إلى مؤسسة “دانييل سبارغو-مابس”.
وفي السياق نفسه، نبّهت أوفكوم (Ofcom) إلى أنها بدأت بمحاسبة الشركات عبر فتح تحقيقات في 47 موقعًا وتطبيقًا، مؤكدة أن إزالة المحتوى الإجرامي المرتبط ببيع المخدرات واجب قانوني، وأن الجهود يجب أن تسير بالتوازي مع تحرّكات أجهزة إنفاذ القانون لملاحقة الأفراد الضالعين في بيع المخدرات عبر الإنترنت.
أما منصتا تيك توك وميتا (Meta) -المالكة لفيسبوك وإنستغرام- فقد أكدتا أن سياساتهما تحظر أي محتوى يروّج للمخدرات أو منتجات التدخين الإلكتروني للمراهقين، مشيرتين إلى أن الترويج لهذه المواد يخالف إرشادات الاستخدام وقوانين السلامة الرقمية.
بدورها نبّهت الحكومة البريطانية إلى التزامها بمواجهة هذه الظاهرة، مؤكدة أن مشروع قانون التبغ والسجائر الإلكترونية الجديد سيمنع استهداف الأطفال بالتسويق لهذه المنتجات.
وقال متحدث باسم الحكومة: “لقد أوضحنا أن حماية الأطفال من مخاطر التدخين الإلكتروني والمخدرات ليست خيارًا، بل التزام قانوني على شركات التكنولوجيا، وأي تقاعس عن إزالته سيعرّضها لغرامات باهظة أو لحجب منصاتها”.
المصدر: Express & Star
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇