تحقيق برلماني مع شركة استشارات بشأن نشاطها في غزة

أطلقت لجنة الأعمال والتجارة في البرلمان البريطاني تحقيقًا رسميًا مع شركة بوسطن للاستشارات (BCG)، مطالبة إياها بكشف تفاصيل كاملة حول عملها المتعلق بقطاع غزة، وذلك في ظل استمرار الجدل حول مشاركة الشركة الأمريكية في عملية مساعدات مثيرة للجدل مدعومة من الولايات المتحدة وإسرائيل.
وجه النائب العمالي ليام بيرن، رئيس اللجنة، رسالة إلى الرئيس التنفيذي لشركة BCG، كريستوف شوارتزر، يطلب فيها الكشف عن أسماء العملاء والشركاء والمنظمات التي تعاونت مع الشركة ضمن عملها مع ما يُعرف بـ “مؤسسة غزة الإنسانية” (Gaza Humanitarian Foundation – GHF).
طلب معلومات وجدول زمني مفصّل
تضمنت رسالة النائب البريطاني، التي أرسلت يوم الأربعاء، طلبًا للحصول على جدول زمني دقيق يوضح مراحل مشاركة الشركة في المشروع، إلى جانب توضيح ما إذا كانت BCG ما تزال منخرطة في أي نشاط يتعلق بإعادة توطين الفلسطينيين من غزة. وأشار بيرن إلى أن اللجنة تمتلك صلاحيات رسمية تتيح لها “استدعاء الأشخاص والوثائق والسجلات لأداء مهامها”، مطالبًا بالحصول على الرد في موعد أقصاه 22 يوليو 2025.
تقارير إعلامية تكشف عن عقد بملايين الدولارات
كانت صحيفة فايننشال تايمز قد كشفت مؤخرًا عن قيام موظفين من BCG بإعداد نماذج تقدير تكاليف تهدف إلى إعادة توطين الفلسطينيين من غزة، إضافة إلى دخول الشركة في عقد بملايين الدولارات لدعم إطلاق مؤسسة GHF. وتشير التقارير إلى أن BCG انخرطت في هذا المشروع عبر شركة الأمن الأمريكية أوربيس (Orbis)، التي استعانت بها لإجراء دراسة جدوى تتعلق بعملية مساعدات جديدة في غزة.
دور ضابط CIA سابق وعلاقته بـ BCG
وبحسب المعلومات المتداولة، فإن اختيار BCG جاء نتيجة علاقتها بـ فيل ريلي، وهو ضابط سابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA)، وكان يشغل منصب مستشار كبير في الشركة لمدة ثماني سنوات. ريلي أسس لاحقًا شركة أمنية خاصة تدعى Safe Reach Solutions، تتولى حماية مراكز توزيع المساعدات التابعة لمؤسسة GHF في غزة.
انتقادات حقوقية وأممية لمؤسسة GHF
منذ الإعلان عنها في مايو، أثارت GHF موجة انتقادات من جهات إنسانية دولية، بما في ذلك الأمم المتحدة، حيث اعتبرت أن خطط المؤسسة لتولي توزيع المساعدات لا تفي بالمعايير الإنسانية المتعارف عليها، بل قد تساهم في تشجيع التهجير القسري للفلسطينيين.
وبحسب السلطات الصحية في غزة، استشهد أكثر من 700 فلسطيني أثناء محاولتهم الوصول إلى مراكز توزيع المساعدات التي أنشأتها المؤسسة.
في المقابل، صرحت GHF لموقع Middle East Eye أن بعض موظفيها تعرضوا لهجمات وإصابات أثناء توجّههم إلى مواقع المساعدات، لكنها أكدت أنه “لم تقع أي حوادث أو وفيات في أو بالقرب من المواقع مباشرة”.
BCG: تم تضليلنا ورفضنا العمل رسميًا
من جانبها، أكدت شركة BCG أن اثنين من كبار شركائها قد تم فصلهما الشهر الماضي، بعد أن تبيّن أنهم قاموا بأعمال لم تُعرض على الشركة رسميًا، وتم تضليل الإدارة حول طبيعة المشروع.
وكتب الرئيس التنفيذي شوارتزر ردًا على تقرير فايننشال تايمز: “لم توافق BCG على الأعمال المذكورة – بل على العكس، رفضنا رسميًا تنفيذ هذا المشروع ونتبرأ منه تمامًا”،
مضيفًا أن الشركة “لم تتلقَ ولن تتلقى أي مقابل مالي عن هذا العمل”.
تقاطع أدوار مع معهد توني بلير
تضمنت تقارير فايننشال تايمز أيضًا إشارة إلى مشاركة موظفين من معهد توني بلير (TBI) في مشروع يُعنى بما بعد الحرب في غزة، شمل أفكارًا لإنشاء ما يسمى “ترامب ريفييرا” واستخدم نماذج مالية طورت داخل BCG.
إلا أن TBI نفى مشاركته في إعداد أي شرائح أو وثائق تم الاستشهاد بها، مؤكدًا أن دور موظفيه كان مقتصرًا على “الاستماع” دون تبني أو إعداد لأي خطط.
وفي ختام التطورات، صرّح متحدث باسم BCG: “نحن على علم بطلب لجنة الأعمال والتجارة في مجلس العموم، ونعكف حاليًا على مراجعة الطلب، وسنلتزم بتقديم الرد المطلوب”.
وترى منصة العرب في بريطانيا AUK أن هذا التحقيق البرلماني يعكس الحاجة الملحّة إلى الشفافية والمساءلة في كل ما يتعلق بعمل الشركات الغربية في مناطق النزاع، خاصة في القضايا الحساسة التي تمسّ حقوق الإنسان الفلسطيني. تؤكد المنصة أن أي مشروع إنساني يجب أن يلتزم التزامًا صارمًا بالمبادئ الدولية للمساعدات، وأن يكون بعيدًا تمامًا عن الأهداف السياسية أو الخطط التي قد تُستخدم كغطاء لعمليات التهجير أو إعادة التوطين القسري.
وتدعو المنصة إلى تحقيق مستقل وعلني يضمن كشف الحقيقة الكاملة، ويضع حدًا لأي تدخلات تجارية أو أمنية قد تُفاقم الإبادة الجماعية في غزة بدلًا من تخفيفها.
المصدر: ميدل إيست آي
إقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇