تحالف فلسطين في بريطانيا يدين تصعيد السلطات ضد المتظاهرين الداعمين لغزة
في ظل تصاعد القيود المفروضة على الاحتجاجات المؤيدة لغزة في بريطانيا، وجّه “تحالف فلسطين” انتقادات حادة لما وصفه بتشدد غير مسبوق من قبل السلطات، محذرًا من خلط خطير بين التضامن الإنساني والتطرف، ومن تداعيات ذلك على حرية التعبير وحق التظاهر السلمي في البلاد.
هذا وقد شهدت بريطانيا خلال الأيام الأخيرة تصعيدًا لافتًا في الإجراءات الهادفة إلى تقييد الحركة التضامنية مع فلسطين، في ظل انتقادات متزايدة لخلط خطير بين الاحتجاج السلمي والإرهاب. ويأتي هذا التصعيد في أعقاب الهجوم المروع على شاطئ بوندي، إذ لجأ سياسيون ومسؤولون أمنيون إلى تصوير دعم الحقوق الفلسطينية، على نحو مضلل، بوصفه تهديدًا للمجتمع اليهودي، في خطوة أثارت مخاوف كبيرة بشأن حرية التعبير وحق التظاهر.
تدخلات أمنية واعتقالات مثيرة للجدل

وشمل هذا النهج استخدام سلطات الشرطة لصلاحياتها لإبعاد احتجاجات مؤيدة لفلسطين عن محيط داونينغ ستريت، يوم الأربعاء الـ17 من ديسمبر/كانون الأول، إلى جانب اعتقال عدد من الناشطين في اليوم نفسه. وجاءت الاعتقالات عقب إعلان شرطة العاصمة وشرطة مانشستر الكبرى عزمهما ملاحقة أشخاص قانونيًّا؛ بسبب حملهم لافتات أو ترديدهم شعار “عولمة الانتفاضة”.
معنى “الانتفاضة” وسجال حرية التعبير

تعني كلمة “انتفاضة” في اللغة العربية التحرر من الظلم أو الثورة عليه، وقد ارتبطت تاريخيًّا بالانتفاضة الفلسطينية الأولى التي تميزت في معظمها بالاحتجاجات السلمية قبل أن يقمعها الاحتلال الإسرائيلي بعنف. كما استُخدم المصطلح في سياقات أخرى، من بينها وصف حركات الاحتجاج المعروفة باسم “الربيع العربي”.
ويرى كثير من مستخدمي الشعار اليوم أنهم يستحضرون إرث المقاومة الشعبية المدنية ضد الاحتلال ونظام الفصل العنصري، الذي يتوسع باستمرار في الضفة الغربية، فضلًا عن جرائم الحرب التي تُرتكب في غزة. ويشير ناشطون إلى أن الشرطة لم تلمّح إلى إمكانية اعتقال من يرددون الشعار نفسه باللغة الإنجليزية، ما يعزز الاتهامات بوجود استهداف خاص للغة العربية، ويمثل -بحسَبهم- تمييزًا واضحًا واعتداءً على حرية التعبير.
محاولات لربط الاحتجاج بالإرهاب

وتُوصف محاولات ربط الاحتجاجات المناهضة لدعم الحكومة البريطانية المستمر لإسرائيل بأعمال إرهابية بأنها “خبيثة” وتفتقر إلى أي أساس قانوني أو واقعي. كما أثار جدلًا واسع النطاق اقتراح منح جماعات أو أفراد مؤيدين للسياسات الإسرائيلية حق الاعتراض على احتجاجات الآخرين ضد ما يصفه ناشطون باضطهاد متعمّد للفلسطينيين.
وقد عبّر بعض الداعين إلى هذه الإجراءات عن رفضهم لرموز مثل الأعلام الفلسطينية والكوفيات، بل وحتى لشعار “فلسطين حرة”، معتبرين إياها تهديدًا، وهو ما يطرح تساؤلات جدية عن مستقبل حرية التعبير والاحتجاج في بريطانيا.
سياق أوسع من القيود منذ 2023

ولا تُعد هذه الحوادث معزولة، بل تأتي ضمن سياق أوسع من القيود المفروضة على الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين منذ عام 2023. فقد واجهت المظاهرات المناهضة للحرب على غزة قيودًا غير مسبوقة، ووُجِّهت اتهامات لمنظميها بموجب قوانين النظام العام، كما استُهدف فنانون وموسيقيون بسبب مواقفهم السياسية، وحُظرت جماعة “بال أكشن” باعتبارها منظمة إرهابية، إضافة إلى اعتقال متظاهرين شاركوا في احتجاجات سلمية.
وفي هذا الإطار، تستخدم الحكومة قانون الجريمة والشرطة لتوسيع صلاحيات الأجهزة الأمنية، ما يثير مخاوف من تضييق متزايد على حق الاحتجاج.
ويرى ناشطون أن هذه السياسات، وإن استهدفت في ظاهرها الحركة المتضامنة مع الشعب الفلسطيني، فإنها تحمل تداعيات أوسع قد تمس مجمل الحريات الديمقراطية في البلاد. ودعوا إلى توسيع دائرة الاعتراض على هذا المناخ المتصاعد من القمع، محذرين من نتائجه على المجتمع البريطاني بأسره.
غزة في قلب المشهد

وفي الوقت الذي يحتدم فيه الجدل داخل بريطانيا، تتواصل المأساة في قطاع غزة، حيث تستمر الهجمات الإسرائيلية الدامية، وتعيش آلاف العائلات الفلسطينية أوضاعًا إنسانية بالغة القسوة داخل خيام تفتقر لأبسط مقومات الحياة، في ظل برد الشتاء والأمطار، ومع استمرار القيود الصارمة على دخول المساعدات الإنسانية.
وأكد منظمو الحراك أنهم سيواصلون الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني في نضاله من أجل الحرية والعدالة، داعين إلى المشاركة في المسيرة الوطنية المقبلة من أجل فلسطين في لندن، المقررة يوم السبت الـ31 من يناير.
كما ترى منصة العرب في بريطانيا (AUK) أن خلط الاحتجاج السلمي بالإرهاب يشكل سابقة خطيرة تهدد جوهر الحريات الديمقراطية التي طالما افتخرت بها بريطانيا.
وتؤكد المنصة أن حماية الحق في التعبير والتظاهر، مهما كانت الآراء مثيرة للجدل، تمثل حجر أساس في أي مجتمع ديمقراطي، وأن التضامن مع الشعب الفلسطيني ورفض الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي لا ينبغي أن يُقابل بالتجريم أو الترهيب، بل بنقاش حر ومسؤول يضمن العدالة وحقوق الجميع.
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇
