العرب في بريطانيا | ما مدى تأثير تيك توك على الصحة العقلية للمهووسي...

1445 ذو الحجة 25 | 02 يوليو 2024

ما مدى تأثير تيك توك على الصحة العقلية للمهووسين به ؟

بي بي سي تطلب من موظفيها حجب تطبيق تيك توك من الهواتف التابعة للعمل
فريق التحرير October 31, 2022

غيَّر تطبيق تيك توك عالم وسائل التواصل الاجتماعي منذ انطلاقه في السنوات الأخيرة، وجذب أكثر من مليار مستخدم، ما دفع التطبيقات المنافسة إلى إصدار نسخ أكثر حداثة، فيما يبدو تأثير تيك توك أكثر وضوحًا على شريحة المراهقين.

ويحذر الخبراء من النمو الهائل في عدد مستخدمي تيك توك وتأثيره -الذي لا يزال غير مفهوم- على مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي بوجه عام، ويثير ذلك كثيرًا من المخاوف حول الأثر الذي يتركه ذلك على الصحة النفسية والسلوك اليومي للمستخدمين.

وفي هذا السياق قال فيليب لورينز سبرين الباحث في معهد ماكس بلانك للتنمية البشرية في برلين: “غالبًا ما يسبق انتشار التطبيق قدرة الباحثين على اكتشاف آثاره، وهنا تكمن المشكلة”.

تطبيق تيك توك الأكثر شيوعًا بين المراهقين

67 في المئة من المراهقين الأمريكيين يستخدمون تطبيق تيك توك
67 في المئة من المراهقين الأمريكيين يستخدمون تطبيق تيك توك

ويشير الخبراء إلى أن عدم إدراك حجم تأثير تيك توك على المستخدمين يثير مزيدًا من المخاوف، وخصوصًا أن معظم المستخدمين من فئة الشباب، وقد أُطلِق على جيل الشباب الذي يُفضِّل استخدام تيك توك على بقية وسائل التواصل الاجتماعي الجيل (Z)، إذ يستخدم كل ستة من أصل عشرة مراهقين تطبيق تيك توك يوميًّا، ويمتلك غالبية المراهقين الأمريكيين حسابات على تيك توك، وأشار 67 في المئة من المراهقين الأمريكيين أنهم استخدموا التطبيق مرة واحدة على الأقل في حياتهم، في حين أشار 16 في المئة منهم إلى أنهم يستخدمونه يوميًّا وباستمرار.

وقال مايكل ريتش طبيب الأطفال المتخصص بتأثير التكنولوجيا على سلوك الطفل في مستشفى بوسطن للأطفال: “لا بد من دراسة سلوك مستخدمي هذه التطبيقات؛ لفهم تأثيرها علينا، ولمعرفة أفضل طريقة لاستخدامها دون ضرر”.

“نحن بحاجة إلى مزيد من المعلومات؛ لكي نستطيع التوصل إلى فهم أفضل لتأثير هذه التطبيقات، بحيث يمكننا تحديد أفضل الطرق لاستخدامها استخدامًا مدروسًا وعقلانيًّا، أو ربما قد نجد أن الحل هو عدم استخدام مثل هذه التطبيقات على الإطلاق”.

ما الذي يجعل تأثير تيك توك مختلفًا؟

انتقادات لمنصة تيك توك لسماحها لأطفال بعمر 5 سنوات بإنشاء حسابات (أنسبلاش)
ما أوجه الشبه بين تأثير تيك توك وأنستغرام؟ (أنسبلاش)

لطالما أثارت وسائل التواصل الاجتماعي كثيرًا من القلق والمخاوف حول سلامة الصحة النفسية، وقد تزايدت هذه المخاوف مؤخرًا، حيث أظهر البحث الذي أعدته فرانسيس هاوجين حول تطبيق إنستغرام أن آثار هذا الأخير خطيرة ومدمرة للصحة النفسية، وبخاصة على المراهقين؛ فقد أدى إلى زيادة اضطرابات الأكل بين الفتيات المراهقات، وطالب كثيرون بفرض قواعد معينة على المستخدمين.

ويبدو أن محتوى تيك توك لا يختلف كثيرًا من حيث الضرر عن إنستغرام، ويحذر الخبراء من أن بعض ميزات التطبيق تثير مخاوف الأهالي.

تعمل شركة تيك توك على تحسين طريقة تقديم المحتوى حتى تصل مدة عرضه إلى دقائق وساعات، بحسَب الوثائق التي سُرِّبت من الشركة عام 2021، وعلى عكس شركات وسائل التواصل الاجتماعي الأخرى، لا تركز شركة تيك توك على تطوير الخيارات مثل مشاركة المحتوى أو منحه تقييمًا معينًا.

بل يعتمد التطبيق على خوارزمية جديدة وفريدة من نوعها، بحيث يُرتَّب المحتوى والمنشورات على أساس الخوارزمية الجديدة وليس على أساس التسلسل الزمني.
وبهذا الصدد قال لورنز سبرين: “لا نعرف تأثير ذلك على الدماغ بعد”.

وتشير الدراسات إلى أن تجاهل دور التسلسل الزمني في المحتوى المقترح، سيؤدي إلى اعتماد خوارزمية تسمح بمشاركة آراء أكثر تطرفًا.

وبحسَب أحد التقارير الصادرة عام 2021، فإن أكثر من 70 في المئة من المحتوى المتطرف الموجود على اليوتيوب اقتُرِح بواسطة الخوارزمية المعتمدة في الموقع، وتحفز هذه الخوارزمية المستخدمين على مشاركة المحتوى الذي يلفت الانتباه، والذي يجري اختياره بناءً على تفاعلات المستخدمين.

وخلال السنوات الأخيرة ساهمت هذه الخوارزميات في انتشار العديد من التحديات على تيك توك مثل تحدي بينادريل، حيث شارك العديد من المستخدمين في هذا التحدي وتناولوا كميات كبيرة من مضادات الهيستامين من أجل أن يصابوا بالهلوسة! ما أدى إلى وفاة شخص واحد على الأقل، وبحسب إحدى الدعوات القضائية، أدى تحدي قطع التيار الكهربائي إلى وفاة العديد من الفتيات الصغيرات السن.

وقال ريتش طبيب الأطفال: “بالمقارنة مع وسائل التواصل الاجتماعي الأخرى، يمتلك تيك توك آلية عرض فريدة للمحتوى، فإلى جانب كون المحتوى مثيرًا للاهتمام، يستخدم تيك توك بعض الطرق الجريئة لجذب الانتباه التي قد تلحق ضررًا بصحة المستخدمين”.

وقال مارك فضول مدير منظمة (Tracking Exposed)، وهي منظمة حقوقية رقمية تحقق في خوارزمية تيك توك: “يبدو أن تطبيق تيك توك أسرع من أي منصة أخرى في اكتشاف الميول والاهتمامات. إن صفحة التطبيق تمتلك قدرة على اكتشاف رغبات مستخدميها واهتماماتهم وسلوكهم، وقد قال بعض المستخدمين: إن المنصة استطاعت معرفة ميولهم الجنسية!”.

ولا يزال الباحثون يعملون على تحليل وفهم هذه الخوارزمية الغريبة وتأثيرها على المستخدمين، وعلاقة المحتوى المدروس بالأمراض النفسية، وتأثيره على العديد من الأمور الحساسة الأخرى.

خوارزمية تيك توك تثير مخاوف العلماء 

ما هو تحدي تطبيق تيك توك الذي تسبب في مقتل الكثير من الأطفال؟
خوارزمية تيك توك تكرس الفروقات الطبقية والعنصرية بين المستخدمين (آنسبلاش)

وقال فضول: “يرسل التطبيق عددًا كبيرًا من التنبيهات العاطفية التي قد يكون صعبًا التعرف عليها بشكل مباشر، لكنها تمتلك تأثيرًا طويل الأمد على المستخدمين، قد لا يؤدي ذلك إلى إصابة المستهلكين بالاكتئاب بين ليلة وضحاها، لكن ساعات الاستخدام الطويلة للتطبيق، يمكن أن تحلق ضررًا كبيرًا بالصحة النفسية”.

وقد ظهرت هذه المخاوف على وجه الخصوص عند مشاركة بعض الفيديوهات حول قصور الانتباه وفرط الحركة، حيث أشار بعض المستخدمين إلى أن بعض الأطباء شخصوا حالتهم بعد مشاهدة مقاطع الفيديو الخاصة بهم والتي يظهر فيها أعراض قصور الانتباه وفرط الحركة.

وعلى الرغم من دور ذلك في زيادة الوعي بالحالة المرضية، فإن الخبراء حذروا من الآثار السلبية وغير المقصودة عند مشاركة مثل هذه المواد، ويشمل ذلك المعلومات الطبية الخاطئة، وخصوصًا أن منصة تيك توك تحصل على الأموال مقابل نشر الإعلانات لعدد من الشركات الناشئة والربحية العاملة في مجال الصحة النفسية مثل شركة (Cerebral).

هذا ورفضت منصة تيك توك التعليق على الانتقادات المتعلقة بالمعلومات الصحية الخاطئة التي يحصل عليها المستخدمون، إضافة إلى تشخيص الحالات المرضية لبعض المستخدمين بناء على المحتوى الذي يشاركونه على تيك توك، كما رفضت المنصة التعليق على شراكتها مع شركة (Cerebral) الناشئة المتخصصة بالصحة النفسية، ولم تعلق على المعلومات الطبية غير الدقيقة التي تُشارَك في إعلانات الشركات الناشئة.

وقال الباحثون: “إن خوارزمية تيك توك قد تكرس التفاوت الطبقي والعنصري، ما يعني إلحاق مزيد من الضرر بالصحة النفسية، وبخاصة لدى الأقليات”.

ولطالما اشتكى مستخدمو تيك توك ذوو البشرة السوداء، من أن محتواهم يتعرض للحظر، أو ينخفض ترتيبه بواسطة الخوارزمية.

وفي عام 2019 اعترف تيك توك بفرض مزيد من الرقابة على مقاطع الفيديو التي يشاركها المستخدمون من ذوي الاحتياجات الخاصة أو أصحاب الوزن الزائد؛ في محاولة لمنع حملات الاستقواء على الإنترنت.

وقالت تشيلسي بيترسون صلاح الدين الباحثة في كلية المعلومات بجامعة ميشيغان: “يشعر المستخدمون من أصحاب البشرة غير البيضاء بالقلق من الترتيب الممنوح للمحتوى الذي يشاركونه”.

“إن مراقبة الأشخاص المهمشين للمحتوى الذي يشاركونه وقلقهم من ردود الأفعال عليه يعرضهم لمزيد من الإرهاق العاطفي والعقلي”.

“بديل للتواصل الاجتماعي”

يقول الباحثون: إن تأثير تيك توك في حياة المستخدمين ظهر بوضوح بعد انتشار جائحة كورونا، وخصوصًا بين المستخدمين الصغار السن، حيث دخل العالم في حالة من الإغلاق والحظر، وتزايد استخدامه بشكل غير مسبوق.

وامتلأ التطبيق بفيديوهات لشباب يتحدثون عن تأثير الوباء على حياتهم. وقال الباحث يم ريجستر المختص في دراسة تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الصحة النفسية: “لقد استفاد المستخدمون الصغار السن من التطبيق في إيجاد قاعدة اجتماعية، والتواصل مع بعضهم في وقت انتشار الوباء”.

وأضاف ريجستر: “أدى انتشار الوباء إلى حالة من التوجّس والقلق، لذا تلجأ أدمغتنا إلى تجنب حالة انعدام اليقين عبر تحقيق مزيد من التواصل لفهم العالم المحيط، بحيث نصبح قادرين على التنبؤ بما سيحدث، ولذلك يلجأ الناس في مثل هذه الأوقات إلى تحقيق التواصل الجماعي عبر وسائل التواصل الاجتماعي”.

وتابع ريجستر: “لقد ساهم الحس الجمعي للمستخدمين في تشكل ما يسمى الروح الجماعية لمنصة تيك توك، وهي تسمية ابتدعها الباحث مايكل آن ديفينو لوصف طبيعة المحتوى والتواصل الجماعي عبر تطبيق معين”.

وأضاف ريجستير: “يبدو أن الروح الجماعية لتيك توك تدور حول مشاركة الأشياء الخاصة والحميمية مشاركةً علنية، ولا بد أن يكون الناس خاضعين بما فيه الكفاية لمشاركة ذلك مع الجماعة”.

وقد أدى ذلك إلى انتشار عدد كبير من مقاطع الفيديو التي تتناول بعض القصص المؤلمة بطريقة ساخرة، وحقَّق أحد الفيديوهات نحو 3.5 مليون مشاهدة، ظهر فيه المستخدم وهو يرقص على الموسيقى الصاخبة والأضواء المبهجة، وعنون الفيديو بـ: “أشياء قالها لي الناس على الإنترنت منذ وفاة أختي بسبب الإدمان!”.

في حين نُشِر فيديو آخر تحت عنوان: “أشياء قالها لي صديقي السابق بينما كنت أحمل أطفالي قبل وفاتهم”، وظهر كذلك في محتوى الفيديو شخص يرقص على الموسيقى الصاخبة!

وقد ظهرت ردود فعل عكسية من المستخدمين الذين انتقدوا المحتوى المقدم، حيث قال أحدهم: “أعتقد أنه بعد سنوات من الآن سيندم الناس على عرض معاناتهم النفسية بشكل ساخرًا عبر تطبيق تيك توك.

وأضاف: إن مثل هذه المحتوى لن يشاركه أحد على تطبيقات مثل فيسبوك ويوتيوب. وتساءل المستخدم: ما الذي يميز تيك توك، وما الذي يجعل الناس يكشفون فيه عن أعمق أسرارهم ويشاركونها عبره؟!”.

هذا ويشير الخبراء إلى أن هذا النوع من مقاطع الفيديو، قد يكون طريقة مبتكرة للتعامل مع الحزن ومواجهة الصدمة، إلا أنه سيخلق مزيدًا من الصدمات في المستقبل!

 

 

المصدر: الغارديان


اقرأ أيضاً : 
loader-image
london
London, GB
6:52 am, Jul 2, 2024
temperature icon 13°C
broken clouds
Humidity 78 %
Pressure 1018 mb
Wind 9 mph
Wind Gust Wind Gust: 0 mph
Clouds Clouds: 75%
Visibility Visibility: 0 km
Sunrise Sunrise: 4:48 am
Sunset Sunset: 9:20 pm