بي بي سي: التجويع يهدد غزة رغم فتح ممرات إنسانية مؤقتة: “نحتاج إلى حل حقيقي”

رغم إعلان إسرائيل عن فتح ممرات إنسانية مؤقتة لإدخال مساعدات إلى قطاع غزة، لا تزال معاناة السكان تتفاقم تحت وطأة الجوع ونقص المواد الأساسية، في ظل تحذيرات من منظمات إنسانية بأن هذه الخطوة لا ترقى إلى مستوى الاستجابة المطلوبة أمام كارثة إنسانية غير مسبوقة.
ففي وقتٍ يترقب فيه أكثر من مليوني فلسطيني بصيص أمل للخروج من دوامة الحصار والمجاعة، لا تزال التحركات الدولية محصورة في مبادرات رمزية، أما إسرائيل فتستمر في فرض قيود صارمة على دخول الغذاء والدواء، في خرق واضح للقانون الدولي الإنساني.
غزة تختنق رغم فتح الممرات الإنسانية
وقد أعلنت السلطات الإسرائيلية، يوم الأحد، عن فتح ممرات إنسانية للسماح بمرور قوافل محدودة من الغذاء والدواء إلى داخل القطاع، عقب ضغوط دولية مكثفة وتحذيرات أممية من خطر المجاعة.
لكن هذه الخطوة قوبلت في غزة بمشاعر مختلطة بين الأمل والقلق، حيث يرى السكان أنها لا تعني نهاية معاناتهم، بل مجرد استراحة مؤقتة في كابوس مستمر.
تقول رشا الشيخ خليل (39 عامًا)، وهي أم لأربعة أطفال وتعيش في قطاع غزة: “بلا ريب شعرت ببعض الأمل، لكنني قلقة من أن الجوع سيعود بمجرد انتهاء الهدنة. نحن بحاجة إلى حل حقيقي، إلى نهاية للحرب، لا إلى مجرد قوافل مؤقتة”.
وكان الجيش الإسرائيلي قد أعلن عن إسقاط سبعة طرود من المساعدات من الجو تحتوي على دقيق وسكر ومعلبات. كما أعلن الأردن والإمارات عن خطة لإلقاء مساعدات جوية بدعم من بريطانيا.
لكن منظمات إغاثة دولية أكدت أن مثل هذه المبادرات لا تعالج الجذور الحقيقية للأزمة، ولا تفي بالاحتياجات اليومية لسكان غزة المحاصرين.
وفي هذا السياق تقول نيفين صالح، وهي أم لستة أطفال: “لم نتناول أي فاكهة أو خضار طازج منذ أربعة أشهر. لا يوجد لحم أو دجاج أو بيض، وكل ما نملكه هو معلبات منتهية الصلاحية ودقيق. هذا لا يمكن أن يكون طعامًا كافيًا للبقاء”.
وفَيَات بسبب الجوع.. والمجتمع الدولي يتفرج
هذا وأفادت وزارة الصحة في غزة بأن عدد الوفيات بسبب الجوع وسوء التغذية منذ بدء العدوان تجاوز 130 شخصًا، معظمهم خلال الأسابيع الأخيرة، بينهم أطفال وكبار سن.
وقد نفت إسرائيل ما وصفته بـ”ادعاءات كاذبة عن تجويع متعمد”، لكن الواقع الميداني وشهادات الضحايا تحكي رواية مغايرة تمامًا.
المختصون الصحيون في غزة أكدوا أن سوء التغذية بات منتشرًا، لا سيما بين الأطفال ومرضى الحالات الخاصة، مثل مرضى السيلياك (حساسية الغلوتين) الذين لا يستطيعون تناول القمح ومشتقاته.
يقول رامي طه، وهو أب لخمسة أطفال: “زوجتي وطفلي يعانيان من حساسية الغلوتين. لم أعد أستطيع توفير الطعام المناسب لهم. أذهب بهم إلى المستشفى كل بضعة أيام لتلقي مغذيات عبر الوريد فقط”.
وقد شهدت الأسواق المحلية في غزة حركة مفاجئة عقب الإعلان عن دخول شاحنات مساعدات، إذ سارع التجار لبيع المواد التي كانوا يخزنونها. ورغم استمرار الأسعار في الارتفاع، فإن بعضها تراجع كثيرًا، فسعر كيلو الدقيق، على سبيل المثال، انخفض من 85 دولارًا إلى 15 دولارًا خلال أيام.
لكن كثيرًا من السكان عبّروا عن مخاوفهم من أن تكون هذه التحركات مجرد “مسكّن مؤقت”، وأن يعود التجاهل الدولي بمجرد دخول شحنات رمزية.
يقول أحمد طه، وهو بائع من شمال غزة: “هذه ليست حلولًا. نحن كمن يتلقى مسكّنًا لمريض سرطان. نحتاج إلى علاج حقيقي، إلى وقف شامل للحرب وإنهاء للحصار”.
وتأتي هذه التحركات في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة منذ السابع من أكتوبر 2023، وبحسَب وزارة الصحة في غزة، تجاوز عدد الشهداء الفلسطينيين منذ ذلك الحين 59 ألفًا، معظمهم من المدنيين، فيما دُمّرت البنية التحتية في معظم أرجاء القطاع.
هذا وتؤكد منصة العرب في بريطانيا أن استمرار سياسة التجويع الجماعي في قطاع غزة، رغم فتح ممرات إنسانية مؤقتة، يشكّل انتهاكًا خطيرًا للقانون الدولي ووصمة عار على جبين المجتمع الدولي المتقاعس.
وتنبّه المنصة إلى ضرورة كشف ازدواجية المعايير الغربية، ولا سيما في الإعلام البريطاني، في التعامل مع الكوارث الإنسانية؛ حيث يُمنح بعض الضحايا تضامنًا كاملًا، ويُترك آخرون فريسة للجوع والحصار.
وتدعو المنصة الحكومة البريطانية والمنظمات الإنسانية الدولية إلى تحرك عاجل وفعّال، يتجاوز الرمزية، نحو إنهاء الحصار ووقف العدوان وتحقيق العدالة لشعب يعاني في وضح النهار.
المصدر: بي بي سي
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇