تحقيقات حكومية بشأن نشر وكالة الإحصاء بيانات خاطئة

أطلقت الحكومة البريطانية تحقيقًا مستقلًا في القيادة والهياكل التنظيمية والثقافة المؤسسية داخل مكتب الإحصاءات الوطنية (ONS)، في محاولة لتحديد الأسباب الكامنة وراء سلسلة من الأخطاء التي شابت بيانات اقتصادية رسمية بالغة الحساسية.
وقد كُلِّف السير روبرت ديفرو، أحد كبار موظفي الدولة السابقين، بقيادة هذا التحقيق بعد تلقيه تفويضًا مشتركًا من مكتب مجلس الوزراء وهيئة الإحصاءات البريطانية (UKSA). ويُعرف ديفرو بخبرته الواسعة بعد أن شغل سابقًا منصب السكرتير الدائم في وزارتي النقل والعمل والمعاشات.
مسؤولو مكتب الإحصاءات الوطنية أُبلغوا ببدء التحقيق صباح الثلاثاء، ومن المقرر أن تُستكمل المراجعة بحلول أوائل الصيف، وفقًا لما كشفه مسؤول حكومي لصحيفة فايننشال تايمز.
مراجعة شاملة بعد فشل الإصلاحات الداخلية

ويُركّز التحقيق على تقييم كفاءة المكتب وقدراته المؤسسية، إضافة إلى بنيته الإدارية وثقافته التنظيمية وقيادته العليا، وذلك بعد أن فشلت المحاولات الداخلية في معالجة المشكلات المرتبطة بسلاسل بيانات محددة. وقد خلص الوزراء إلى ضرورة اعتماد مقاربة شاملة لمعالجة الخلل.
ويواجه المكتب، وهو أكبر جهة مستقلة لإنتاج الإحصاءات الرسمية في البلاد، انتقادات متزايدة نتيجة لأخطاء جسيمة ظهرت في مؤشرات اقتصادية وطنية، فضلًا عن تكرار التأخير في نشر البيانات، ما أثار قلق الدوائر الحكومية والمؤسسات الاقتصادية.
أحد أبرز جوانب القلق يتمثل في مسح القوى العاملة التابع للمكتب، والذي شهد تراجعًا حادًا في معدلات الاستجابة، مما أدّى إلى تقلبات حادة في النتائج، لدرجة بات من الصعب على صانعي السياسات معرفة ما إذا كانت معدلات التوظيف ترتفع أم تنخفض بين فصل وآخر.
كما رُصدت مشكلات إضافية في بيانات مؤشر أسعار المنتجين، وهي سلسلة إحصائية أساسية تُستخدم في احتساب الناتج المحلي الإجمالي. وقد دفعت هذه المشكلات بعض الخبراء إلى التحذير من أن الحكومة البريطانية “تتخذ قرارات مصيرية دون بوصلة دقيقة”.
تحرّك وزاري بعد تنامي القلق

في ضوء هذه التطورات، أعرب وزير مكتب مجلس الوزراء بات ماكفادين عن قلقه من مصداقية البيانات الصادرة عن المكتب، وطلب من سكرتيرته الدائمة كات ليتل إعداد مقترحات لخيارات تدخل حكومي ممكن.
وفي تعليقها، أكدت ليتل أن “البيانات والإحصاءات تشكّل عنصرًا حاسمًا في صياغة القرار الحكومي وتقديم الخدمات العامة”، مضيفة: “أطمح لأن يُسهم هذا التحقيق في تمكين مكتب الإحصاءات الوطنية من أداء دوره الفريد في إنتاج إحصاءات رسمية دقيقة وموثوقة”.
ويخضع المكتب لإشراف هيئة الإحصاءات البريطانية، والتي ترتبط مباشرة بالبرلمان البريطاني والهيئات التشريعية في المقاطعات.
رئيسة لجنة الخزانة في البرلمان، السيدة ميغ هيلير، نبّهت الأسبوع الماضي إلى “أخطاء وتأخيرات مثيرة للقلق” في أداء المكتب، فيما تستعد هيئة تنظيم الإحصاءات (OSR)، وهي الذراع الرقابي لـ UKSA، لنشر تقرير مرحلي في أبريل ضمن مراجعة أوسع للإحصاءات الاقتصادية انطلقت العام الماضي.
وكان محافظ بنك إنجلترا أندرو بيلي قد وصف، في خطاب ألقاه في نوفمبر الماضي، ضعف البيانات الخاصة بالقوى العاملة بأنه “مشكلة جوهرية للسياسة النقدية”، مشيرًا إلى أن “عدم اليقين بشأن عدد المشاركين في الاقتصاد يُعقّد عملية اتخاذ القرار”.
بيانات دقيقة لتفعيل نظام الأهداف الحكومية

تعتمد حكومة رئيس الوزراء السير كير ستارمر بشكل متزايد على أنظمة أهداف واضحة ومحددة لتحسين أداء الوزارات، في نهج يُعيد إلى الأذهان السياسات التي تبنّاها حزب العمال في عهد “نيو لابور”، ما يجعل الحاجة إلى بيانات موثوقة أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى.
وأكد متحدث باسم الحكومة أن التحقيق أُطلق رسميًا بالتنسيق مع هيئة الإحصاءات البريطانية، موضحًا أن “البيانات الدقيقة والحديثة التي يصدرها المكتب تشكّل ركيزة لصياغة السياسات الاقتصادية وتحقيق النمو، وهو الهدف الرئيسي للحكومة الحالية”.
وأضاف: “استجابة لمخاوف محددة، أُطلقت مراجعة مستقلة لتقييم أداء مكتب الإحصاءات الوطنية، وسبل تعزيز قدراته البشرية والتقنية بما يكفل تحسين دقة البيانات الرسمية وتوقيت نشرها”.
المكتب يتفاعل ويعد بخطة جديدة

وفي أول رد على التحقيق، أعلن المكتب استعداده الكامل للتعاون مع السير روبرت ديفرو، مشيرًا إلى أن خطة استراتيجية جديدة ستُعلَن هذا الأسبوع، تتضمن أولويات المكتب فيما يتعلق بالبيانات والخدمات خلال العام المقبل.
رئيس هيئة الإحصاءات البريطانية، السير روبرت تشوت، اعتبر أن التحقيق “فرصة حقيقية لضمان قدرة المكتب على تقديم أفضل أداء في ظل بيئة خارجية معقّدة”، معربًا عن شكره للسير ديفرو على توليه هذه المهمة، ومؤكدًا أن مجلس الهيئة يتطلع للاطلاع على نتائجه، والتي ستعكس آراء الشركاء والمؤسسات المعنية، إلى جانب موظفي المكتب.
المصدر فايننشل تايمز
إقرأ أيّضا
الرابط المختصر هنا ⬇