بعد ترحيله إلى فرنسا.. رجل إيراني يعود إلى بريطانيا مجددًا عبر القنال
في تطوّر يزيد الجدل بشأن اتفاق “واحد داخل، وواحد خارج”، كشفت “الغارديان” عن عودة طالب لجوء إيراني إلى بريطانيا على متن قارب صغير بعد إعادته إلى فرنسا بموجب المعاهدة الثنائية الخاصة بعمليات العبور عبر القنال. الرجل الذي تحدّث للصحيفة بعد عودته يوجد في مركز احتجاز للمهاجرين داخل المملكة المتحدة، ويقول إنّه وقع ضحية لشبكة اتجار بالبشر واستغلال قسري من قبل مهربين في شمال فرنسا، وإنه لم يشعر بالأمان هناك.
القصة والوقائع: عودة أولى تُحرج أصحاب القرار

أكدت مصادر في وزارة الداخلية أنّ شخصًا واحدًا أُعيد إلى فرنسا ضمن المعاهدة عاد الآن إلى بريطانيا. المعاهدة تسمح بإعادة من يصلون عبر القوارب الصغيرة إلى فرنسا مقابل استقبال عدد مماثل عبر مسار قانوني من داخل فرنسا. ظهور هذه الحالة تزامن مع تجاوز عدد العابرين للقنال هذا العام إجمالي عام 2024؛ إذ بلغ الوافدون عبر القوارب حتى الأربعاء 36,886 شخصًا، أي بزيادة 70 عن العام الماضي الذي سُجّل فيه 36,816. الرجل الإيراني قال: لو شعرتُ أن فرنسا آمنة لي لما عدتُ إلى المملكة المتحدة. وأوضح أنّه بعد إعادته إلى فرنسا وُضع في مأوى في باريس لكنه لم يجرؤ على الخروج خوفًا من شبكات التهريب التي تحمل أسلحة وسكاكين، مضيفًا أنّه استُغِلّ وأُجبِر على العمل وتعرّض للتهديد بالعنف قبل عبوره الأول إلى بريطانيا. وأشار إلى أنه عند وصوله أول مرة وسؤاله عمّا تعرّض له، لم يستطع الحديث بسبب الصدمة والعار. منظمة (Humans for Rights Network) أفادت بتلقي شهادات عديدة من طالبي لجوء عن استغلالٍ واسع من قبل المهربين في شمال فرنسا، ويشمل ذلك الإكراه على قيادة القوارب، وعنفًا بدنيًّا، وضربًا وطعنًا وعنفًا جنسيًّا. كما تلقّى بعض العائدين إلى فرنسا إشعارات عن وجود بصماتهم سابقًا في دول أوروبية أخرى بموجب نظام دبلن الذي يحمّل دولة الدخول الأولى مسؤولية طلب اللجوء.
ردود سياسية متباينة وتصاعد الضغوط

زعيمة حزب المحافظين كيمي بادنوك تساءلت عبر منصة “إكس” عمّا إذا كان على بريطانيا الآن استقبال شخصين إضافيين من فرنسا مقابل عودة هذا الشخص، معتبرة أن حكومة العمّال “تعيش الفوضى” و”ضعيفة أمام القرارات الصعبة”. وذهب نايجل فاراج إلى وصف سياسة “واحد داخل، وواحد خارج” بـ”الفشل الذريع”، فيما قال ماكس ويلكينسون، المتحدث باسم الشؤون الداخلية لدى الديمقراطيين الأحرار: إن على الحكومة “ترجمة وعودها الكبيرة إلى أفعال”. وزيرة الداخلية شبانة محمود حمّلت الحكومة المحافظة السابقة مسؤولية “أزمة الحدود”، ووصفت الأرقام بـ“المخزية”، مؤكدة أن البريطانيين يستحقون أداءً أفضل. وأشارت إلى احتجاز وإبعاد أكثر من 35 ألف شخص يقيمون بصفة غير قانونية، لكنها أقرت بالحاجة إلى “الذهاب أبعد وبوتيرة أسرع”، ويشمل ذلك إبعاد مزيد ممن لا يملكون حق البقاء، ومنع العبور عبر القوارب منذ المنبع.
موقف لندن وباريس: أرقام وإجراءات متسارعة

أفادت وزارة الداخلية يوم الأحد بأن 16 وافدًا عبر القوارب الصغيرة أُعيدوا إلى فرنسا الأسبوع الماضي في أكبر رحلة جماعية حتى الآن، ليبلغ إجمالي العائدين 42 شخصًا، مقابل استقبال 23 طالب لجوء إلى المملكة المتحدة عبر المسار القانوني ضمن المعاهدة. فرنسا من جانبها نفت صعوبة الأوضاع بالنسبة للعائدين، وأكدت توفير سكن مؤقت خلال التقييم، والترتيب لعودة من يوافق طوعًا إلى بلده إلى مركز تحضير للعودة. وأكد متحدث باسم وزارة الداخلية الفرنسية تنفيذ تحويلات “دبلن” -إعادة طالبي اللجوء إلى الدولة الأوروبية الأولى التي قدّموا فيها طلباتهم- ضمن إطار العلاقات مع شركاء الاتحاد الأوروبي وبما يتوافق مع القانون الأوروبي. وذكرت وزارة الداخلية البريطانية في بيان أنّها لن تقبل أي إساءة لاختبارات الحدود، وأن كل من يُعاد بموجب البرنامج ثم يحاول دخول المملكة المتحدة بصفة غير قانونية سيُرحَّل من البلاد.
ترى منصة “العرب في بريطانيا” أنّ هذه الواقعة تُظهر تعقيد إدارة الحدود حين تتقاطع السياسات الثنائية مع واقع هشّ على الضفة الأخرى من القنال. حماية الحدود حق سيادي، لكنها لا تُغني عن واجب صون الكرامة الإنسانية والتحقيق الجاد في مزاعم الاتجار والاستغلال. نجاح أي اتفاق يعتمد على مسارات قانونية فعّالة، وآليات حماية واضحة للعائدين، وتعاون تشغيلي شفاف يُحاسَب عليه الطرفان. ومع استمرار ارتفاع الأعداد، تدعو المنصّة إلى مقاربة متوازنة تجمع بين الردع القانوني والممرات الآمنة، وتضع حقوق الإنسان -لا الخطاب الشعبوي- على رأس الأولويات.
المصدر: الغارديان
إقرأ أيضا
الرابط المختصر هنا ⬇
