بريطانيا وأوروبا وأزمة الهوية: كيف يحرض الصهاينة على المهاجرين والمسلمين

نشرت صحيفة معاريف الإسرائيلية تقريرا أشارت فيه إلى ما وصفته بتزايد المخاوف في بريطانيا وأوروبا بشأن تداعيات الهجرة على الهوية الوطنية والأمن والاستقرار الاجتماعي، وسط ارتفاع معدلات الجريمة وتنامي التطرف الإسلامي في بعض الأحياء.
ووفقًا لتقرير الصحيفة الإسرائيلية، فإن أوروبا تواجه أزمة ديموغرافية وسياسية غير مسبوقة بسبب موجات الهجرة الإسلامية، ما يهدد نسيجها الاجتماعي ويُثير تساؤلات حول مستقبل القارة.
بريطانيا نموذجًا: تحول ديموغرافي وأزمات اندماج
كشف تعداد “2021” أن 36% فقط من سكان لندن هم من “البريطانيين البيض”، بينما يشكل المهاجرون وأبناؤهم الأغلبية. ورغم وعود الحكومة بخفض الهجرة، سجلت بريطانيا زيادة صافية بلغت 728 ألف مهاجر في 2023، أغلبهم من آسيا وأفريقيا.
وتفاقمت الأزمة من وجهة نظر معاريف مع:
- انتشار “عصابات الاستمالة” حسب وصفها والتي استهدفت آلاف الفتيات، وسط اتهامات بتستر السلطات على الهوية العرقية للمتورطين.
- فشل خطة رواندا لترحيل طالبي اللجوء، مما زاد من حدة الجدل حول سياسات الهجرة.
- تأثير المساجد على القيم المحلية، من وجهة نظر معد التقرير اذ معاريف حيث تشير تقارير إلى انخفاض قيمة العقارات في الأحياء ذات الكثافة المسلمة.
تداعيات إسرائيلية: هل تصبح أوروبا غير آمنة لليهود؟
يحذر الخبراء من أن تصاعد التطرف الإسلامي في أوروبا قد يهدد الأمن اليهودي، خاصة بعد تقارير عن تخلي بعض اليهود عن إظهار هويتهم خوفًا من الاعتداءات. كما يُلاحظ تأثر السياسة الخارجية الأوروبية (مثل مواقف فرنسا من إسرائيل) بضغوط الجاليات المسلمة.
مستقبل غامض
بين الحاجة إلى الأيدي العاملة ورغبة جزء كبير من السكان في الحد من الهجرة، تواجه بريطانيا وأوروبا معضلة وجودية. يقول البروفيسور أوريا شافيت: “أوروبا لم تعد تعرف ما إذا كانت مسيحية أو علمانية، والهجرة أجبرتها على مواجهة هذا السؤال”.
نقد تقرير معاريف بشأن أزمة الهجرة في أوروبا: تضخيم الخطر؟
تثير التقارير الإعلامية، مثل ذلك المنشور في صحيفة “معاريف” الإسرائيليّة، حول “أزمة الهجرة الإسلامية” في أوروبا، العديد من الأسئلة النقدية حول دقة التحليل ومدى توازن الطرح. فهل تعكس هذه التغطية تعقيدات الواقع، أم أنها تروج لروية أحاديّة تُبالغ في تصوير المهاجرين كتهديد وجودي؟
1. اختزال المشكلة في “الخطر الإسلامي”
التركيز على الهجرة الإسلامية كعامل رئيسي في “فقدان أوروبا لهويتها” يتجاهل عوامل أخرى مثل:
- الأزمات الاقتصادية وتراجع الرفاهية، التي تدفع جزءًا من الأوروبيين نحو اليمين المتطرف.
- فشل سياسات الاندماج التاريخية، والتي لم تستثمر بشكل كاف في التعليم والإسكان.
- تأثير العولمة وتراجع الصناعة التقليدية، مما خلق شعورًا بالغبن لدى الطبقات العاملة.
2. تعميمات غير دقيقة
الربط بين الهجرة وارتفاع الجريمة (مثل “عصابات الاستمالة” في بريطانيا) يحتاج إلى تحليل أكثر دقة:
- غياب الإحصائيات الموثوقة حول نسب الجرائم حسب الأصول العرقية في العديد من الدول الأوروبية.
- تجاهل جرائم اليمين المتطرف، والتي تشكل تهديدًا أمنيًا موثقًا في تقارير الاتحاد الأوروبي.
3. خطاب “الاستبدال الديموغرافي” والمبالغات
فكرة أن المهاجرين “سيحتلون أوروبا” تكرر سرديات اليمين المتطرف، بينما البيانات تُظهر:
- أن نسبة المسلمين في أوروبا لا تتجاوز 5-7% حسب مركز بيو للأبحاث (2023).
- أن معدلات المواليد بين الجيل الثاني من المهاجرين تقترب من المعدلات الوطنية.
4. إسرائيل كـ”نموذج”؟ تناقض واضح
المقارنة بين أوروبا وإسرائيل (كدولة “تدمج التقنية مع الهوية اليهودية”) تُغفل:
- أن إسرائيل دولة تأسست على الهجرة اليهودية، بينما أوروبا تعاني من شيخوخة سكانية تُجبرها على استقبال مهاجرين لإنقاذ اقتصادها.
- أن الخطاب المعادي للمهاجرين في أوروبا يشمل يهودًا أيضًا، كما في هجمات اليمين المتطرف في ألمانيا والمجر.
5. تجاهل نجاحات الاندماج
بعض التقارير تتجاهل قصص النجاح، مثل:
- “الأطباء السوريين” في ألمانيا الذين سدوا نقصًا حادًا في القطاع الصحي.
- “المسلمين في بريطانيا” الذين يشكلون جزءًا من النخب السياسية والعلمية (مثل عمدة لندن السابق صادق خان).
هل نحن أمام أزمة هجرة أم أزمة خطاب؟
المشكلة الحقيقية قد لا تكون في المهاجرين أنفسهم، بل في:
- “الإعلام الذي يضخم التهديد” لتحقيق نسب مشاهدة.
- “السياسيين” الذين يصعدون “الخطاب المعادي للهجرة” لكسب أصوات الناخبين.
- “غياب سياسات اندماج عادلة” تُعامل المهاجرين كشركاء، لا كغرباء.
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇