العرب في بريطانيا | بريطانيا لم تعد آمنة!

1447 صفر 21 | 16 أغسطس 2025

بريطانيا لم تعد آمنة!

مقالArtboard-2-copy-3_2 (5)
صلاح عبدالله August 7, 2025

بعد حادثة مقتل الطالب السعودي محمد القاسم في مدينة كامبريدج، وبعد تصاعد حوادث الطعن والسرقات في العاصمة لندن ومدن بريطانية أخرى، بات سؤال الأمان في هذا البلد حاضرًا في كل حديث، يتردد على ألسنة السياح، والطلبة، وحتى المقيمين: ألا تزال بريطانيا بلدًا آمنًا؟

الحوادث الأخيرة لم تمر مرور الكرام، ليس لما فيها من عنفٍ فجّ فقط، بل لأنها تطول فئات بريئة، لا علاقة لها بعالم الجريمة، مثل الطلبة والسياح وكبار السن وحتى الأطفال. جرائم لا تبدأ بسرقة هاتف، ولا تنتهي عند طعنةٍ في وضح النهار.

وحين نضع الأرقام أمامنا، تبدو الصورة مقلقة حقًّا.

فبحسب بيانات نقلتها الصحف البريطانية عن شركات التأمين، فإن ثلثي سرقات الهواتف المحمولة في أوروبا تحدث في بريطانيا وحدها!

صحيفة الغارديان -على سبيل المثال- كشفت أن نسبة السرقات ارتفعت بنسبة 425 في المئة منذ عام 2021 وحتى الآن، وأن 42 في المئة من هذه السرقات تقع في لندن فقط.

وإذا دققنا في تقارير شرطة العاصمة البريطانية، سنجد أنه أُبلِغ عن أكثر من 230,000 هاتف مسروق في لندن خلال أربع سنوات فقط. وفي عام 2024 وحده، سُجّل أكثر من 81,000 حالة سرقة هواتف في العاصمة، أي ما يعادل أكثر من 200 سرقة يوميًا!

أما القيمة السوقية لتلك الهواتف، فهي تتجاوز 20 مليون باوند خلال عام واحد، وكانت هواتف آيفون هي الهدف المفضل للصوص؛ نظرًا لسعرها وسهولة إعادة بيعها.

ولا ننسى كذلك جرائم الطعن وتفشيها، فوفقًا لبيانات مكتب الإحصاء الوطني (ONS)، بلغ عدد الجرائم التي استخدمت فيها أدوات حادة (مثل الطعن بالسكين) في إنجلترا وويلز نحو 55 ألف جريمة للسنة المنتهية في مارس 2024، بزيادة قدرها 4.4 في المئة مقارنة بالعام السابق. وفي السنة المنتهية في مارس 2025، انخفض العدد قليلًا إلى 53,047 جريمة، بانخفاض نسبته نحو 1 في المئة مقارنة بالعام الذي سبقه.

أما الجرائم القاتلة باستخدام أدوات حادة (homicide)، فقد سجلت انخفاضًا من 265 حالة إلى 204 حالات في السنة المنتهية بمارس 2025، بانخفاض بنسبة 23 في المئة.

هذه الأرقام لا يمكن التهوين من وقعها، فهي تكشف عن أزمة حقيقية في الشوارع، وفي أنظمة المراقبة، وفي قدرة السلطات على الحدّ من هذه الظاهرة التي تشوه وجه المدن البريطانية، وتزرع الخوف بدل الطمأنينة.

لكن…
هل هذا هو الوجه الكامل لبريطانيا؟

في وسط كل هذا الضجيج، يجب أن نقول الحقيقة كاملة، لا نصفها.

نعم، الجريمة موجودة، ونعم، الأرقام مقلقة، لكن بريطانيا لم تصل إلى مرحلة الانهيار الأمني أو الخروج عن السيطرة.

ما زالت هذه الحوادث -رغم تصاعدها- حالات فردية تحدث في سياقات محددة، غالبًا في مناطق معينة، وأوقات معينة.

وأكثر من ذلك، فإن السلطات البريطانية ليست غافلة، بل تكثّف جهودها لتطويق الجريمة، وتحديث أنظمة المراقبة، وإعادة توزيع قوات الشرطة في المناطق الساخنة.

نعم، هناك تقصير، وهناك نقص في الموارد الحكومية بشأن الأمن، وحاجة لسياسات أكثر حزمًا، لكن لا يجوز أن نحكم على بلد بأسره من خلال حوادث على قدر ألمها إلا أنها لا تزال محدودة.

الواقع أن ملايين السياح والطلبة والمقيمين يعيشون يوميًّا في بريطانيا، ويتنقلون ويعملون ويستمتعون، دون أن يتعرضوا لأي أذى.

الخطر موجود، لكنه ليس القاعدة.

والحذر واجب، لكنه لا يعني العزلة والخوف والتراجع.

لهذا، لا ينبغي أن يتحوّل الخوف إلى مانع، ولا أن تردعنا بعض الجرائم عن طلب العلم أو السياحة أو العلاج في هذا البلد.

من يريد المجيء إلى بريطانيا فليأتِ.

لكن ليحمل معه وعيه، لا خوفه. وليتذكر أن الجريمة ليست حكرًا على لندن، كما أن الأمان ليس حكرًا على مكان دون آخر.

بريطانيا لا تزال آمنة، لكنها بحاجة إلى أن تبقى كذلك… وأن نحميها معًا من أن تفقد هذا الوصف.

 


اقرأ أيضًا:

جميع المقالات المنشورة تعبّر عن رأي أصحابها ولا تعبّر بالضرورة عن رأي المنصة

اترك تعليقا

loader-image
london
London, GB
11:19 pm, Aug 16, 2025
temperature icon 16°C
clear sky
77 %
1026 mb
9 mph
Wind Gust 0 mph
Clouds 0%
Visibility 10 km
Sunrise 5:47 am
Sunset 8:22 pm

آخر فيديوهات القناة