بريطانيا ترفض ضمان عودة اللاجئين السوريين بعد زيارتهم سوريا

رفضت الحكومة البريطانية تقديم ضمانات تتيح للاجئين السوريين المقيمين في بريطانيا العودة إلى البلاد بعد زيارة سوريا، ما أثار انتقادات ودعوات لتبني سياسة أكثر مرونة، على غرار خطوات اتخذتها دول أوروبية أخرى وتركيا.
وجاء هذا الموقف في رسالة وجهتها وزيرة أمن الحدود واللجوء البريطانية، أنجيلا إيغل، إلى زعيم حزب العمال كير ستارمر، ردًّا على استفسار تقدم به بناءً على طلب من كيلي ستروم، المحرر المشارك في مدونة (Syria Notes) المعنية بالسياسات البريطانية تجاه سوريا.
وطالب ستروم بإصدار وثائق أو أختام رسمية تتيح للسوريين المقيمين في بريطانيا زيارة سوريا دون أن يؤثر ذلك على وضعهم القانوني كلاجئين. وأوضح أن هذه الخطوة ستساعد السوريين على تقييم إمكانية العودة بأنفسهم، فضلًا عن دعم تعافي سوريا سياسيًّا واقتصاديًّا.
بريطانيا تعلّق طلبات لجوء سوريين
وفي ردّها، كشفت إيغل أن جميع طلبات اللجوء السورية متوقفة مؤقتًا منذ سقوط نظام بشار الأسد، موضحة أن الحكومة لا تمتلك حاليًّا معلومات دقيقة وموضوعية لتقييم المخاطر التي قد تواجه العائدين إلى سوريا.
وقالت إيغل: “القواعد الحالية تنص على أن عودة أي شخص إلى بلده الأصلي تعتبر مؤشرًا على إعادة التمتع بالحماية الوطنية، ما قد يؤدي إلى إلغاء وضع اللجوء أو الحماية الإنسانية وفق قوانين الهجرة البريطانية. ومع ذلك، يتم تقييم كل حالة على حدة”.
ورغم إقرارها بإحباط البعض من هذا الموقف، أكدت الوزيرة أنه لا توجد خطط لتغيير قوانين الهجرة المتعلقة بالسفر إلى سوريا حاليًّا، مشددة على أن وضع الحماية لن يُسحَب إلا إذا ثبت عدم الحاجة إليه.
المواطنون البريطانيون من أصول سورية مستثنون
وتسمح القوانين الحالية للسوريين الحاصلين على الجنسية البريطانية بالسفر إلى سوريا باستخدام جوازاتهم البريطانية، وهو ما فعله كثيرون منذ سقوط نظام الأسد.
إلا أن كيلي ستروم انتقد هذه السياسة، معتبرًا أنها تضع اللاجئين أمام معضلة غير عادلة. وقال: “لا أرى هذا الإجراء كافيًا. يجب أن يتمكن السوريون في بريطانيا من زيارة بلادهم دون الخوف من فقدان وضعهم القانوني”.
وأضاف: “بريطانيا تفوّت فرصة مهمة لإظهار القيادة والدعم للسوريين في هذه اللحظة التاريخية”.
دول أوروبية وتركيا تتبنى سياسات أكثر مرونة
ويأتي الموقف البريطاني في وقت بدأت فيه دول أوروبية أخرى بتخفيف القيود المفروضة على عودة اللاجئين السوريين مؤقتًا إلى بلادهم. ففي ألمانيا، أطلقت الحكومة برنامجًا تجريبيًّا يسمح للاجئين السوريين بزيارة بلدهم لمدة 14 يومًا دون فقدان وضع الحماية، بعد أن أكدت المفوضية الأوروبية أن مثل هذه التعديلات قانونية بموجب تشريعات اللجوء الأوروبية.
وأوضحت هانا نيومان، عضوة البرلمان الأوروبي التي زارت سوريا مؤخرًا: “السوريون الذين فرّوا من القصف والسجون هم أطباء ومهندسون ورواد أعمال. ينبغي أن يعودوا وفق شروطهم الخاصة للمساهمة في إعادة بناء مجتمعهم”.
أما في تركيا، فاعتمدت الحكومة سياسة تسمح لأفراد الأسر السورية بزيارة سوريا ثلاث مرات خلال ستة أشهر مع الاحتفاظ بوضع الحماية، وفق ما نقلته منظمة هيومن رايتس ووتش.
إلا أن الباحثة هبة زيادين من المنظمة حذرت من تقارير تفيد بحرمان بعض السوريين، لا سيما الرجال العزاب، من إعادة الدخول إلى تركيا بعد الزيارة، ما يثير تساؤلات حول تطبيق السياسة عمليًّا.
تزايد آمال العودة مع التغيرات السياسية في سوريا
وتأتي هذه التطورات في ظل تغيرات سياسية داخل سوريا، حيث تولى الرئيس المؤقت أحمد الشرع السلطة بعد سقوط نظام الأسد، متعهدًا بضمان الحريات وحماية الأقليات، إلى جانب إجراء اتصالات مع قادة دوليين بارزين، بينهم ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وفي ظل هذه المتغيرات، يبقى موقف الحكومة البريطانية اختبارًا لدورها الإنساني والسياسي تجاه الأزمة السورية، فيما تتجه الأنظار إلى ما إذا كانت لندن ستراجع سياستها أو تبقى على موقفها المتشدد، بينما تمضي دول أخرى في تبني نهج أكثر واقعية وإنسانية.
المصدر: New Arab
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇