موجة إضرابات تعصف بالمدارس الخاصة في بريطانيا.. ما الأسباب؟

تشهد المدارس الخاصة في بريطانيا موجة متصاعدة من الإضرابات؛ احتجاجًا على انخفاض الأجور وتقليص المعونات المخصصة للمتقاعدين.

ووفقًا لنقابة التعليم الوطني (NEU)، وهي أكبر نقابة للمعلمين في البلاد، فإن المعلمين في ربع المدارس الخاصة لم يحصلوا على أي زيادة في الرواتب خلال العام الدراسي الحالي.

بالمقابل استفاد المعلمون في المدارس الحكومية من زيادة في الأجور بنسبة 5.5 في المئة للعام الدراسي 2024-2025.

وقد أجرت النقابة 23 تصويتًا رسميًّا على الإضراب داخل المدارس الخاصة منذ بداية العام، وهو عدد يقترب من نظيره في المدارس الحكومية، التي تضم عددًا أكبر من الطلاب.

وكانت النقابات العمالية قد أجرت 50 تصويتًا على الإضرابات في قطاع المدارس الحكومية.

ما أبرز مطالب معلّمي المدارس الخاصة؟

هذا وطالب المعلمون المشاركون في الإضراب بتحسين الأجور والحفاظ على المعونات.

وتشير استطلاعات نقابة المعلمين إلى أن 84 في المئة من معلمي المدارس الخاصة تلقوا زيادات في الأجور لا تتجاوز الزيادات الممنوحة للقطاع الحكومي، في وقت يعاني فيه المعلمون من ضغوط معيشية متزايدة.

وتركز هذه الإضرابات على الفوارق في السياسات المالية للمدارس، إذ تعتمد المدارس الخاصة على قرارات إدارية داخلية لتحديد الرواتب، بخلاف المدارس الحكومية التي تخضع لتوصيات هيئة مراجعة رواتب المعلمين التابعة لوزارة التعليم.

لكن المشكلة لا تتعلق بالأجور فقط، إذ نُفِّذت معظم الإضرابات ردًّا على انسحاب إدارات المدارس من خطة المعاشات الحكومية الخاصة بالمعلمين، والتي تُعد من أكثر أنظمة التقاعد سخاءً في المملكة المتحدة.

هذا وارتفعت نسبة الإسهامات المالية التي يتعين على إدارات المدارس الخاصة دفعها لمصلحة كل موظف مشترك في نظام المعاشات التقاعدية الحكومي لتصبح 28.7 في المئة بعد أن كانت 23.7 في المئة من راتب الموظف.

وبهذا الصدد، أشار فيل كلارك، مسؤول النقابة في جنوب شرق إنجلترا، إلى أن بعض إدارات المدارس الخاصة تبرر انخفاض رواتب المعلمين بسهولة ظروف العمل في المدارس الخاصة (مثل قلة عدد الطلاب في الصف وسهولة التعامل معهم من الناحية السلوكية).

ويشير كلارك إلى غياب الأجهزة الرقابية في المدارس الخاصة التي من شأنها أن تلزم الإدارات بتحقيق العدالة في مسألة الأجور.

وأضاف أن النقابة لاحظت “تصاعدًا غير مسبوق” في الخلافات مع النقابات العمالية داخل المدارس الخاصة؛ نتيجة السياسات الجديدة التي تمس الأمن الوظيفي والمزايا التقاعدية.

المدارس الخاصة التي تأثرت بالإضرابات

ولم تسلم المدارس الراقية من موجة الإضرابات، حيث نفّذ المعلمون في مدرسة “بابلاك” في كوفنتري، إضرابًا استمر 19 يومًا منذ كانون الثاني/يناير، في ظل شكاوى أولياء الأمور من تدهور جودة التعليم وانقطاع الدروس.

أما في مدرسة “رودين” الداخلية للبنات في شرق ساسكس، التي تفرض رسومًا تتجاوز 58,000 باوند سنويًّا، فقد أعلن المعلمون والموظفون نيتهم الإضراب لستة أيام بعد عطلة عيد الفصح؛ للمطالبة بزيادات عادلة في الرواتب وضمانات للمعاشات.

وتكررت موجة الإضرابات في مدارس تابعة لشبكة “يونايتد ليرنينغ”، إحدى أكبر مجموعات المدارس الخاصة في بريطانيا، حيث صوّت المعلمون في 10 مدارس من أصل 14 مدرسة مستقلة تابعة للشبكة لمصلحة الإضراب.

وتشمل المدارس المتأثرة “غيلدفورد هاي”، و”سيربيتون هاي”، و”أشفورد سكول”، و”AKS لايثام”.

ويواجه قطاع التعليم الخاص مشكلات مالية متزايدة، من بينها ارتفاع إسهامات التأمين الوطني، وإلغاء الإعفاءات الضريبية التي كانت مخصصة للمدارس.

ومن العقبات الأخرى، فرض ضريبة القيمة المضافة بنسبة 20 في المئة على الرسوم الدراسية ابتداءً من كانون الثاني/يناير الماضي، ما أدى إلى انخفاض في أعداد الطلاب والتحاقهم بالمدارس الحكومية.

وبهذا الصدد، قال سايمون ناثان، نائب مدير مجلس المدارس الخاصة: إن المؤسسات التعليمية تمر بـ”ظروف مالية قاسية تضطرها إلى اتخاذ قرارات مؤلمة”.

ويعاني المعلمون في هذه المدارس من ضغوط عمل مضاعفة، رغم حصولهم على عطلات أطول نسبيًّا، حيث يُضطَرون لإعطاء الدروس في أيام السبت، والمشاركة في الأنشطة اللاصفية خلال المساء وعطلات نهاية الأسبوع.

وأظهر استطلاع نشرته النقابة الشهر الماضي أن ثلث معلمي المدارس الخاصة اضطروا إلى البحث عن وظائف إضافية، من بينها مجالسة الأطفال، والعمل في المطاعم، وإعطاء دروس خصوصية، لسداد نفقاتهم.

التلويح بالمزيد من الإضرابات في المدارس الخاصة

هذا، وارتفع عدد أعضاء نقابة المعلمين (NEU) في القطاع الخاص من 31,000 إلى 35,000 منذ عام 2021، وهو ما يعكس اتّجاه المعلمين إلى العمل النقابي لمواجهة التحديات المهنية والمعيشية.

وفي المقابل، دخلت نقابة (NASUWT)– المعروفة بمواقفها المعتدلة – على خط المواجهة، حيث نظّمت 14 تصويتًا لشن إضرابات في مدارس بمقاطعات كِنت وتشِشير وبيركشاير وسري وميرسيسايد وإسيكس.

واتهمت النقابة إدارات المدارس الخاصة باللجوء إلى “أساليب الفصل وإعادة التعيين” لتقليص الرواتب والمزايا التقاعدية، واصفةً هذه الممارسات بـ”اللاأخلاقية والمرفوضة”.

وقد صوّت أعضاء النقابة، في مؤتمرها السنوي الذي انعقد السبت الماضي في مدينة ليفربول، على تصعيد موجات الإضراب، إذا لم تلتزم الحكومة بتمويل زيادات الأجور المقترحة لمعلمي المدارس الحكومية في العام الدراسي المقبل.

المصدر: صنداي تايمز

اقرأ أيضًا :

• ما وراء تراجع أعداد الطلاب في المدارس الخاصة في بريطانيا؟
• استطلاع جديد: دعم شعبي هائل لفرض ضرائب على المدارس الخاصة
• هل تؤجل الحكومة فرض ضريبة القيمة المضافة على المدارس الخاصة في بريطانيا؟