العرب في بريطانيا | كيف غطى الإعلام البريطاني الهجوم الإسرائيلي على...

1446 ذو الحجة 17 | 14 يونيو 2025

كيف غطى الإعلام البريطاني الهجوم الإسرائيلي على طهران؟

كيف غطى الإعلام البريطاني الهجوم الإسرائيلي على طهران؟
عبلة قوفي June 13, 2025

في الوقت الذي تابع فيه الإعلام البريطاني بتوجس تطورات الهجوم الإسرائيلي فجر اليوم على طهران، واغتيال عدد من كبار القادة العسكريين الإيرانيين، تتصاعد المخاوف من انزلاق المنطقة نحو مواجهة واسعة النطاق.

فقد سلّطت وسائل إعلام بارزة الضوء على خطورة الاستهداف المباشر لقلب العاصمة الإيرانية، وعلى دلالات اغتيال شخصيات قيادية في الحرس الثوري، في ما وصفه مراقبون بأنه ضربة غير مسبوقة تحمل بصمة أمريكية ضمنًا، من حيث التغطية والدعم السياسي.

ويأتي هذا الهجوم ضمن سلوك إسرائيلي ممنهج يسعى إلى منع نشوء أي قوة إقليمية يُحتمل أن تكون ندًّا له، ويواصل فرض معادلة التفوق بالقوة وتحت ذرائع أمنية مكرّرة.

في المقابل، اتهمت طهران إسرائيل بالمسؤولية عن “العدوان الغادر”، مؤكدة احتفاظها بحق الرد في الزمان والمكان المناسبين، في ظل صمت دولي وانتقائية غربية باتت تعمّق الشعور باللاعدالة في المنطقة.

وفي هذا التقرير نستعرض معكم كيف غطت أبرز وسائل الإعلام البريطانية هذا الهجوم:

Damaged building in Tehran
رويترز

بي بي سي

نبدأ مع هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” التي اتسمت تغطيتها للهجوم الإسرائيلي على طهران بقدر من الحذر، حيث استخدمت لغة محايدة مثل “يزعم” عند نقل تصريحات نتنياهو الذي أكد أن الهجوم الذي شنته قواته على المنشآت النووية الإيرانية – ضمن عملية أُطلق عليها اسم “الأسد الصاعد” – يهدف إلى مواجهة ما وصفه بـ”التهديد الوجودي” الذي تمثله إيران.

وأشارت بي بي سي إلى أن إسرائيل أعلنت حالة الطوارئ تحسّبًا لهجمات إيرانية انتقامية محتملة، بينما نقل التلفزيون الإيراني عن مصادر محلية وقوع ضحايا مدنيين، بينهم أطفال، نتيجة استهداف مناطق سكنية، وأكدت على عدم التحقق المستقل من الأنباء الإيرانية عن الضحايا المدنيين.

إن الإشارة المحدودة إلى الخسائر الإنسانية الإيرانية، والامتناع عن تحليل تداعيات الهجوم إقليميًّا، قد تُفسر على أنها تغطية تضع الحياد المهني فوق إدانة واضحة لخطورة التصعيد العسكري وما يخلفه من ضحايا أبرياء.

الإندبندت

قدّمت صحيفة الإندبندنت تغطية منحازة نسبياً للهجوم الإسرائيلي على طهران، مركّزة على الأبعاد العسكرية والسياسية للعملية. فقد أبرزت الصحيفة أن إسرائيل استهدفت منشآت نووية ومواقع عسكرية، في خطوة وصفتها الحكومة الإسرائيلية بأنها دفاعية ضد “تهديد وجودي” تمثله إيران، ما يعكس تبريراً سياسياً للهجوم في ظل التوتر المتصاعد.

كما نقلت الصحيفة ما نشرته وسائل الإعلام الإيرانية حول دوي انفجارات في طهران والمناطق المجاورة، لكنها لفتت إلى غياب بيانات رسمية إيرانية تؤكد حجم الخسائر، ما يضفي غموضًا على نتائج الضربة. وحرصت الإندبندنت على إبراز نفي الولايات المتحدة لأي مشاركة في الغارات، في محاولة منها للفصل بين الموقف الأميركي والإسرائيلي، والتأكيد على أولوية واشنطن في حماية قواتها في المنطقة.

ويأتي هذا الطرح في سياق أوسع، تزامنًا مع مساعي إحياء الاتفاق النووي الإيراني، ما يُبرز تناقضًا بين التصعيد العسكري والجهود الدبلوماسية الجارية، وهو ما يضعف احتمالات التهدئة في المستقبل القريب.

سكاي نيوز

أما قناة سكاي نيوز فقد نقلت بيانًا رسميًّا أفاد بمشاركة عشرات الطائرات الحربية الإسرائيلية في غارات استهدفت مواقع عسكرية ونووية بمناطق متفرقة، ووصفت العملية بأنها “ضرورية” وفقًا لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي أكد استمرارها بحسب “الحاجة الأمنية”، ما يجعل القناة تميل إلى تبني الرواية الإسرائيلية وتبرير العملية عبر تصريحات رسمية، مع تسليط محدود على الخسائر البشرية في إيران.

وأشارت سكاي نيوز إلى أن وسائل إعلام إيرانية رسمية نقلت تحذيرًا شديد اللهجة من المرشد الأعلى آية الله خامنئي، متوعدًا بالرد بعد سقوط عدد من القياديين في الحرس الثوري نتيجة استهداف مناطق سكنية ومنشآت عسكرية قرب طهران.

وأشارت القناة إلى حالة التأهب في الجانب الإسرائيلي، حيث طُلب من السكان الاحتماء تحسبًا لهجمات إيرانية، في حين نفت واشنطن أي علاقة لها بالعملية، مؤكدة في الوقت ذاته دعمها لـ”حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها”، مع تحذير طهران من استهداف المصالح الأمريكية. ولم تُبرِز القناة السياق الأوسع للتصعيد أو المخاوف من تفجر صراع إقليمي واسع، وهي زاوية مهمة لتناول الحدث بموضوعية تخاطب جمهورًا أوسع من المنظور الغربي فقط.

الغارديان

Major General Mohammad Bagheri seen here with former Iranian President Hassan Rouhani in 2019.

تغطية الغارديان، وإن كانت نقلاً عن رويترز، تكشف عن تصاعد المخاوف من رد إيراني قد يغيّر قواعد الاشتباك، مع تركيز لافت على الجانب الإنساني والخسائر في صفوف القيادات العليا الإيرانية.

وقالت الصحيفة: إن إسرائيل تتوقع ردًّا إيرانيًّا وشيكًا، قد يشمل إطلاق صواريخ باليستية، في ظل تحذيرات أطلقتها السلطات للمواطنين، حيث دعا رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو السكان إلى الاستعداد للبقاء في مناطق محمية لفترات طويلة.

وأضافت: على الجانب الإيراني، أفاد التلفزيون الرسمي باستشهاد رئيس أركان القوات المسلحة اللواء محمد باقري، ليكون ثاني قيادي رفيع المستوى يُعلن مقتله، بعد قائد الحرس الثوري حسين سلامي، إلى جانب مسؤول في الحرس الثوري وعالمين نوويين، ما يعكس حجم الاستهداف الإسرائيلي ونوعية الأهداف.

هذا وأشارت الغارديان إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد أعرب بالفعل عن أمله في “عودة إيران إلى طاولة المفاوضات”، مؤكدًا رفضه امتلاك طهران للسلاح النووي. بينما أشارت مصادر أمريكية إلى أن المحادثات النووية المقررة في عمان ما زالت قائمة رغم التصعيد.

ومع ذلك، تبرز الإشارة إلى استمرار المفاوضات النووية التناقض بين مسار التصعيد العسكري ومساعي التهدئة الدبلوماسية، ما يعكس التوترات العميقة في المشهد الإقليمي والدولي.

فاينانشال تايمز

في تغطيتها لهجوم فجر اليوم على العاصمة الإيرانية، اختارت فايننشال تايمز عنوانًا لافتًا: “إسرائيل تضرب إيران وتستعد للانتقام”، ما يعكس انزياحًا لغويًا يُعطي الانطباع بأن إسرائيل في موقع رد الفعل، رغم أنها الطرف البادئ بالضربة داخل أراضي دولة ذات سيادة.

وإذ تشير الصحيفة إلى أن هذه الغارات تمثل تصعيدًا جديدًا في أزمة الملف النووي الإيراني، إلا أن التغطية تفتقر إلى توصيف واضح لطبيعة الهجوم بوصفه اختراقًا خطيرًا للقانون الدولي واعتداءً سافرًا على دولة عضو في الأمم المتحدة. كما تغيب عن التقرير الإشارة إلى الدعم الأميركي غير المعلن – لكنه المفهوم ضمنًا – والذي يُعد عنصرًا جوهريًا في فهم أبعاد الضربة وتوقيتها.

وتُبرز الصحيفة الجانب الإنساني للهجوم بشكل محدود، عبر الإشارة إلى خروج بعض المدنيين من منازلهم خشية القصف، لكنها لا تُظهر مستوى الرعب الحقيقي الذي يخلّفه استهداف قلب عاصمة مأهولة، في منطقة تعيش أصلاً على صفيح ساخن. كما لا تتوقف الصحيفة كثيرًا عند الأبعاد الإقليمية الأوسع، خصوصًا في ظل تصدُّع الأمن في لبنان، وتوتر جبهات غزة والضفة، وتنامي القلق الخليجي من اتساع دائرة النار.

وفي ربطها الضمني بين “الضربات الإسرائيلية” و”تقدُّم البرنامج النووي الإيراني”، تبدو الصحيفة وكأنها تتبنّى الرواية الإسرائيلية التي تبرر العدوان بالحديث عن مخاوف استباقية، دون تمحيص كافٍ لمدى مشروعية هذا التبرير أو واقعيته.

و نرى في العرب في بريطانيا أن تغطية فايننشال تايمز – رغم ما تضمنته من معلومات مهمة – تندرج ضمن السردية الغربية التقليدية التي تُغفل البعد الاستعماري والسياسي للسياسات الإسرائيلية، وتُقزّم أثرها الكارثي على استقرار المنطقة.

إن الهجوم على طهران، سواء جاء بذريعة الملف النووي أو تحت عنوان الردع، هو اعتداء يهدد السلم الإقليمي ويستدعي موقفًا واضحًا من الإعلام الغربي، لا سيما أن استمرار غضّ الطرف عن هذه الانتهاكات يُسهم في خلق بيئة لا تُكترث بالقانون الدولي، ويُعمّق الفجوة بين ما يُروَّج من قيم، وما يُمارَس على الأرض.

التلغراف

أما صحيفة التلغراف، فقد غطت الهجوم الإسرائيلي على طهران متبنية بشكل ضمني الرواية الإسرائيلية من خلال استخدام مصطلح “الضربة الاستباقية” الذي يشرعن العدوان، مع التركيز على تفاصيل الخسائر الإيرانية في صفوف القادة والعلماء لإبرهار نجاح العملية.

وفي الوقت نفسه، تذكر الصحيفة إدانة السعودية للهجوم لتوحي بانقسام الموقف العربي وتضفي شرعية دولية على الانتقادات، بينما تغض الطرف عن الانتهاكات الإسرائيلية للقانون الدولي. تعكس هذه التغطية التحيز الإعلامي الغربي الذي يتظاهر بالتوازن بينما يروج للرواية الإسرائيلية عبر انتقاء المصطلحات والمعلومات، مستغلاً الموقف السعودي لتأكيد شرعية الانتقادات دون الاعتراف بالمخاوف العربية الحقيقية من التصعيد الإسرائيلي المتهور.

ديلي ميل

ركزت صحيفة “ديلي ميل” في تغطيتها للهجوم الإسرائيلي على إيران على التهديدات الإيرانية، حيث تبرز تصريحات خامنئي حول “العقوبة الشديدة” و”المصير المؤلم” لإسرائيل، ما يعزز صورة إيران كطرف انتقامي، بينما تتجاهل الإشارة إلى انتهاكات القانون الدولي المحتملة في استهداف المنازل والمواقع المدنية. كما تختزل الصحيفة الصراع في إطار البرنامج النووي الإيراني، متجاهلة السياق الأوسع للاحتلال والانتهاكات الإسرائيلية السابقة، ما يعكس تحيزاً ضمنياً للرواية الغربية التي تصور إيران كمصدر للتهديد، بينما تبرر الهجوم الإسرائيلي كإجراء وقائي.

ختامًا، تُتابع منصة العرب في بريطانيا بقلق التصعيد العسكري الأخير بين إسرائيل وإيران، والذي يمثل خطراً جسيماً على استقرار المنطقة وسلامة مدنييها. كما تدين المنصة استهداف المناطق السكنية والبنى التحتية المدنية، الذي ينتهك القانون الدولي ويُعرض حياة الأبرياء للخطر. في الوقت ذاته، يجب على الحكومة البريطانية تبني موقف أكثر توازناً يدعو لوقف التصعيد ويحمي المدنيين، بدلاً من الانحياز الأعمى لطرف على حساب آخر.


اقرأ أيضًا:

 

اترك تعليقا

لن يتم نشر بريدك الإلكتروني.

loader-image
london
London, GB
3:47 am, Jun 14, 2025
temperature icon 17°C
scattered clouds
87 %
1013 mb
2 mph
Wind Gust 0 mph
Clouds 42%
Visibility 10 km
Sunrise 4:42 am
Sunset 9:18 pm