وثائق مسربة : الحكومة البريطانية تجسست على اللاجئين الفلسطينيين
سُرِّبت وثائق سرية تثبت تجسس الحكومة البريطانية على اللاجئين الفلسطينيين تحت ذريعة “الغرض الأكاديمي”. حيث تنكرت مجموعة في زي باحثين؛ لإجراء مقابلات مع سكان مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في الأردن ولبنان والضفة الغربية المحتلة، ضمن خطط الحكومة البريطانية للتجسس على اللاجئين. ويستهدف مشروع التجسس مراقبة “انتقاد السياسة الخارجية الغربية والإسرائيلية”. (https://tomadamswc.com)
منظمات تجسست على اللاجئين الفلسطينيين
وفي الوقت نفسه حاول الجواسيس كسب ثقة الأشخاص المستهدفين من خلال “المشاركة المنتظمة والشاملة مع المنظمات المحلية والسلطات الرسمية وغير الرسمية والشباب وأصحاب المصالح”؛ من أجل “إنشاء العلاقات وتوثيقها ليصبحوا مألوفين” عند الفئات المذكورة وشارك أيضًا في عملية التجسس معهد الحوار الاستراتيجي (ASI)، وهو مؤسسة فكرية مقاومة “للتطرف”.
ووفقًا للوثائق خطط (ISD) “للاستفادة من علاقاته والوصول إلى المنطقة؛ لإجراء مقابلات مع” المقاتلين السابقين “الذين انضموا إلى الجماعات المتطرفة العنيفة المحلية والدولية”. ورفض معهد الحوار الاستراتيجي (ASI) التعليق على الوثائق، قائلًا: إن “الاستفسارات المتعلقة بأي مشروع بعينه يجب أن تُوجَّه إلى وزارة الخارجية البريطانية”.
دعم الجماعات “الإرهابية”!
وكان الهدف المعلن للمشروع هو “مقاومة فكر التطرف” لجماعات مثل داعش والقاعدة. وتشير وثيقة وزارة الخارجية المسربة التي تحدد متطلبات المشروع، إلى أن النتائج ستُستخدَم لتحسين استهداف “التدخلات” اللاحقة “لمكافحة التطرف” في المنطقة، وتحديد “أنواع التدخل التي من المرجح أن تكون ناجحة”.
وتُظهر الوثائق أن المشروع كان يستهدف في المقام الأول: مساعدة السلطات البريطانية على فهم العلاقة بين “القضية الفلسطينية والروايات عن القضية الفلسطينية” وبين التطرف، وهل كانت القضية الفلسطينية “محركًا للتطرف” أم لا. وبحسَب الوثيقة خصصت الحكومة البريطانية ميزانية مؤقتة قدرها 120 ألف دولار للمشروع. واستمر المشروع من أكتوبر 2018 حتى مارس 2019.
خدمات بحثية مخصصة للحكومات!
اقترح الاتحاد الذي يقوده معهد الحوار الاستراتيجي (ASI) إجراء المقابلات الشخصية في المخيمات واستخدام تقنية “الاستماع الاجتماعي”؛ لمراقبة وسائل التواصل الاجتماعي والمناقشات الأخرى عبر الإنترنت. وورد في الاقتراح: “سنعمل على تحليل الروايات ومعرفة السائد منها”. ومن أهداف هذه التقنية التأكد مما إذا كانت “قضايا الهُوِية وانتقاد السياسة الخارجية الغربية والإسرائيلية أو الأيديولوجية تحظى بالقدر الأكبر من المشاركة”.
ووفقًا لمجموعة مسربة من السير الذاتية، ضم فريق المشروع سمر بطراوي، وهي باحثة فلسطينية هولندية، وعضوة في مركز الأبحاث الفلسطيني، وزميلة زائرة سابقة في جامعة بيرزيت في الضفة الغربية المحتلة. وتذكر السيرة الذاتية للبطراوي أنها “أجرت بحثًا أوليًّا مكثفًا، شمل مقابلات مع متطرفين من القاعدة، ومقابلات “باللغة العربية مع صانعي القرار الكبار في السلطة الفلسطينية وقواتها الأمنية والجماعات المسلحة غير الحكومية في الضفة الغربية وغزة”.
سمر بطراوي تنأى بنفسها!
تواصلنا مع سمر بطراوي بالبريد الإلكتروني، فأكدت مشاركتها في مشروع آدم سميث الدولي. لكنها قالت: إنها لم تسافر إلى فلسطين أو تقابل فلسطينيين، “شاركت في البدايات وبعد ذلك نأيت بنفسي عن هذا المشروع”. ونفت أي دور لها في التقرير النهائي. وأضافت البطراوي: “لكوني فلسطينية كنت أعتقد أن بإمكاني تغيير هذه الخطابات/ السياسات من الداخل، لكني لم أعد أومن بذلك”. كما نفت تعاملها مع القنصلية البريطانية خلال العملية، وقالت: إنها لا تعلم أن الفلسطينيين الذين أجرت مقابلات معهم في الأردن ولبنان لم يُبلَّغوا بدور الحكومة البريطانية.
وبحسَب الوثائق المسربة خُصِّصت ميزانية كبيرة بلغت 12000 دولار للبطراوي مقابل دورها. وكان مقررًا أن تحصل على نحو 30 ألف دولار، وحصل بقية زملائها مثل أشرف على 8 آلاف دولار، وهولكروفت على 10 آلاف دولار.
“تعاون وثيق” مع القنصلية البريطانية!
تشير السجلات العامة الخاصة ببرنامج “عملية السلام في الشرق الأوسط” التابع لوزارة الخارجية -والذي تبلغ تكلفته عدة ملايين من الباوندات، وعبره مُوِّل المشروع السري الذي كشفت عنه الوثائق المسربة- إلى أن الدافع وراء المبادرة هو “غياب الاستقرار وارتفاع مخاطره” في الأراضي المحتلة والضفة الغربية وقطاع غزة. وتُبيِّن هذه السجلات أيضًا أن البرنامج يستهدف وقف “التراجع المستمر في ثقة الفلسطينيين بالحل السلمي”.
“التطرف”
لا تقدم هذه المنظمات أي تعريف واضح الملامح “للتطرف” أو “التعصب”، ما يعني أنه يمكن بسهولة التذرع بهذه المصطلحات والقوالب الجاهزة واتخاذها سلاحًا يُشهَر في وجه أي شخص تقريبًا.
ومن ثَمّ اعتُبِرت مناصرة حقوق فلسطينيين علامة على “التطرف” وميلًا نحو “التطرف العنيف” في إطار برنامج بريفنت! إن خداع الفلسطينيين الذين أُجرِيت معهم المقابلات، واللجان الشعبية التي تدير مخيمات اللاجئين بخصوص الطبيعة الحقيقية للمشروع الذي شاركوا فيه، كان على ما يبدو مصدر قلق كبير.
“أجندة خارجية خفية”!
في الفترة السابقة انتعشت خلايا صغيرة على غرار القاعدة وداعش في قطاع غزة، إلا أن قوات حماس نجحت في تفكيكها بسرعة. وليس هناك دليل على تعاطف الفلسطينيين مع هذه الكيانات المتطرفة، سواء داخل الأراضي المحتلة أو خارجها. ومثل كل الجماعات الفلسطينية المسلحة الأخرى، فإن حماس هي حركة تحرير وطني في الأساس. أفكارها بعيدة عن التطرف العنيف الذي تتبناه الجماعات الجهادية العابرة للحدود الوطنية مثل القاعدة وداعش.
وفي النهاية يتبادر إلى أذهاننا السؤال الآتي: هل كان الهدف الحقيقي لمشروع الحكومة البريطانية المذكور مزيدًا من التجسس على الفلسطينيين، والتلاعب بالرأي العام بشأن إسرائيل ضمن ما يسمى بـ”تدخلاتها”؟!
المصدر: The Electronic Intifada
اقرأ أيضًا:
يوسف محمد اختصاصي بصريات من مانشستر يتطوع لمساعدة اللاجئين السوريين والفلسطينيين
منح دراسية تقدمها جامعة دندي باسكتلندا للطلبة اللاجئين في 2023
الرابط المختصر هنا ⬇