القضاء البريطاني ينظر في عشرات القضايا ضد متضامنين مع “بال أكشن”
في مشهد قضائي غير مسبوق، عُرض العشرات من المتضامنين مع حركة “بال أكشن” أمام محكمة ويستمنستر الجزئية في لندن، وسط تحذيرات من محامين وحقوقيين من أنّ جدول محاكمات يطاول أكثر من ألفَي متهم قد يقيّد الحق في محاكمة عادلة. القضية تتجاوز حدود قاعة المحكمة إلى نقاش عام حول سقف حرية التعبير والاحتجاج السلمي في بريطانيا عقب إدراج “بال أكشن” على لائحة التنظيمات المحظورة بموجب قانون الإرهاب لعام 2000.
تكدّس غير مسبوق وضغط على المحاكم

مثُل عشرات المتهمين، يوم الأربعاء 16 أكتوبر/تشرين الأول 2025، في اليوم الأول من جلستين تمهيديتين، فيما عالجت جلسة الخميس 28 قضية فردية. وتشير التقديرات إلى أنّ نحو 2,100 شخص يواجهون اتهامات تتصل بإظهار دعم لـ”بال أكشن” عبر لافتات حملت عبارة: “أعارض الإبادة، أدعم بال أكشن”. ووفق بيانات القضية، وُجّه الاتهام إلى قرابة 170 شخصًا—غالبيتهم من المتقاعدين—بجريمة “منخفضة المستوى” بموجب قانون الإرهاب تتمثل في عرض مادة داعمة لتنظيم محظور، وهي جنحة قد تُعرّض صاحبها لعقوبة سجن تصل إلى ستة أشهر.
عدد من المتهمين حضر دون تمثيل قانوني، فيما سُجّلت مرافعات بالبراءة من الجميع. وبرزت قضية القسّة سو بارفيت (83 عامًا)، حيث غادر القاضي سنو منصته للجلوس إلى جوارها بسبب صعوبة سمعها، ولدى سؤالهـا عن موقفها قالت: “اعترضتُ على حظر بال أكشن، ولذلك أعلن براءتي”.
الحكومة البريطانية كانت قد أدرجت “بال أكشن” على القائمة السوداء في 4 يوليو/تموز بعد اقتحامٍ لقاعدة “بريز نورتون” الجوية وتعطيل طائرات بطلاء ومطارق قالت الحركة إنّها “مستخدمة في عمليات عسكرية في غزة والشرق الأوسط”. الإجراء وضع “بال أكشن” في مصاف تنظيمات مثل القاعدة و”تنظيم الدولة” تحت القانون البريطاني، وجعل إبداء الدعم أو الدعوة للدعم جريمة قد تصل عقوبتها إلى 14 عامًا سجنًا.
خطة تسريع المحاكمات.. وقلق على معايير العدالة

أوضح القاضي سنو خطة مبدئية للتعامل مع ضغط القضايا تقوم على عقد محاكمتين يوميًّا لعشرة متهمين بدءًا من 23 مارس/آذار، بما لا يقل عن 400 محاكمة. غير أنّ الخطة قد تُعاد صياغتها إذا وصل الطعن القضائي في قرار الحظر إلى المحكمة العليا.
الادعاء—على لسان المدّعي بيتر راتليف—أشار إلى أنّ الطعن القائم على شرعية حظر “بال أكشن” يعقّد عملية تثبيت مواعيد المحاكمات. وجرى تحديد تواريخ مبدئية في مارس/آذار 2026، مع احتمال امتداد الجلسات إلى ما بعد نهاية ذلك العام. نجاح الطعن في إلغاء الحظر قد يفضي إلى إسقاط عدد كبير من الدعاوى.
محامون ومتّهمون حذّروا من أنّ جدولة محاكمات “بالجملة” لا تتيح وقتًا كافيًا لسماع شهادات موسّعة واستدعاء خبراء، بما يقوّض حق الدفاع. وأمام المحكمة، اعترضت المتهمة ديبورا وايلد (72 عامًا) على المدد الزمنية بوصفها غير كافية لمحاكمة عادلة، غير أنّ القاضي سنو أعرب عن قناعته بكفاية الوقت ورفض تمديده. وعلّق المحامي السابق في الحكومة البريطانية، تيم كروسلا nd، قائلًا إنّ “النظام القضائي يواجه وضعًا لم يختبره من قبل، مع ندرة القضاة والقاعات القادرة على التعامل مع نظام استثنائي”، محذّرًا من مقاربات “تصنيعية” للمحاكمة قد تمسّ حقًا ديمقراطيًّا أصيلًا هو الحق في محاكمة عادلة.
خلفية الحظر والاحتجاجات المتواصلة

منذ إدراج “بال أكشن” على لائحة الإرهاب، نُظّمت احتجاجات واسعة تطالب بإلغاء القرار، وسُجّلت مئات الاعتقالات في سياقها. وتشير إفادات إلى أنّ غالبية من حضروا الجلسات التمهيدية اعتُقلوا خلال موجة الاحتجاج الأولى في يوليو/تموز، ما يعكس اتساع نطاق القضية وتشابكها مع مشهد الاحتجاج العام على الحرب في غزة وسياسات الحكومة البريطانية تجاهها.
تؤكد “العرب في بريطانيا” أنّ صون الحق في محاكمة عادلة، وضمان معايير الدقة والتناسب في تطبيق قوانين الإرهاب، يشكّل ركيزة أساسية لدولة القانون. كما تُشدد المنصة على أنّ حماية حرية التعبير والاحتجاج السلمي—مع رفض كل أشكال العنف—ضرورة لا يُستغنى عنها في أي نقاش ديمقراطي. وتدعو السلطات القضائية والتنفيذية إلى مقاربة متوازنة تُراعي حجم القضايا دون المسّ بحقوق الدفاع، مع مراجعة الإطار القانوني ذي الصلة بما يضمن عدم تجريم التعبير السياسي السلمي.
المصدر: الغارديان
إقرأ أيضا
الرابط المختصر هنا ⬇
