هل ساهم نظام تأشيرات الرعاية في بريطانيا في استغلال العمال المهاجرين؟

كشف مفوض مكافحة العبودية في بريطانيا، إليانور ليونز، أن نظام التأشيرات الذي أُدخل بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لسد الشواغر في قطاع الرعاية الاجتماعية صُمم بطريقة سيئة، ما أتاح فرصًا “مروعة” لاستغلال العمال المهاجرين.
وأوضحت ليونز أن مسار تأشيرات العاملين في الرعاية، الذي استحدثه المحافظون في فبراير 2022، تسبب في أضرار كان يمكن تفاديها، وأدى إلى “استغلال شديد” لبعض العمال. وقالت: “في قطاع عالي المخاطر يعاني من نقص حاد في الأيدي العاملة، كان هناك حاجة لاستقدام عدد كبير من العمال، لكن الأداة المستخدمة لحل المشكلة كانت غير دقيقة. وقد سمح ذلك باستغلال أشخاص في أوضاع شديدة الهشاشة؛ لغياب التدخل السياسي المدروس منذ البداية”.
استغلال العمال المهاجرين
وجاءت تصريحات ليونز عقب إعلان وزارة الداخلية سحب تراخيص أكثر من 470 شركة رعاية اجتماعية لرعاية العمال المهاجرين، في ظل مخاوف من تفشي الاحتيال والانتهاكات والاستغلال. وكانت هذه الشركات على صلة بنحو 39ألف عامل، ما دفع مركز حقوق العمل إلى وصف الأوضاع بأنها “فضيحة وطنية”.
وأعربت ليونز عن قلقها إزاء التأثيرات غير المقصودة لهذه الإجراءات على العمال، إذ يُفرض عليهم العثور على كفيل جديد خلال 60 يومًا في حال فقدان كفيلهم لترخيصه، وإلا فسيواجهون خطر الترحيل. وأشارت إلى ضرورة مراجعة النظام الحالي، مقترحة إصلاحات تشمل تعديلات على نظام التأشيرات المرتبط بالكفيل الواحد، وإقرار نظام ترخيص لاستقدام العمال من الخارج، وفرض عقوبات أكثر صرامة على المخالفين.
شبكات احتيال واستغلال موسعة
في العام الماضي، كشفت صحيفة الأوبزرفر عن تعرض عمال من دول مثل الهند وزيمبابوي والفلبين للاحتيال عبر دفع رسوم توظيف غير قانونية، في حين احتُجزت أجورهم وجوازات سفرهم. وبيّنت تحقيقات أخرى أن بعض الشركات المانحة لرخص الكفالة لم تكن إلا شركات وهمية، حيث تضمنت مواقعها الإلكترونية نصوصًا منسوخة، وعناوين غير حقيقية، ولم يكن لديها أي سجل في مجال الرعاية. وفي إحدى الحالات، أُصدرت 275 شهادة كفالة لعاملين في دار رعاية غير موجودة. كما مُنحت 177 شركة تراخيص رغم وجود سجل علني بانتهاكات قانون العمل.
وألقى خبراء التوظيف باللوم على ضعف الرقابة على منح تراخيص الكفالة، إلى جانب طبيعة التأشيرة التي تُلزم العمال بالبقاء مع صاحب عمل واحد بدلًا من السماح لهم بالتنقل داخل القطاع، وهو ما جعلهم عرضة للاستغلال، إذ يخشون التبليغ عن الانتهاكات خوفًا من فقدان تأشيراتهم.
تزايد مؤشرات العبودية الحديثة
وصف تقرير صادر عن لجنة جودة الرعاية في أواخر 2023 العبودية الحديثة بأنها “أصبحت جزءًا من سوق الرعاية الاجتماعية في المملكة المتحدة”. وسجّلت منظمة أنسين، المشغّلة لخط المساعدة الخاص بالعبودية الحديثة، ارتفاعًا قياسيًّا في عدد الضحايا المحتملين داخل قطاع الرعاية، حيث بلغ العدد 918 شخصًا في 2023، مقارنة بـ63 فقط في 2021.
وتراجع عدد العمال المهاجرين القادمين إلى بريطانيا في 2024 بصفة حادة، وهو ما يعود جزئيًّا إلى تغييرات في القواعد المتعلقة بإحضار أفراد الأسرة.
وعود حكومية وتحقيق محتمل
قبل الانتخابات، تعهد حزب العمال بفتح تحقيق بشأن معاملة العمال المهاجرين في قطاع الرعاية، حيث اتهمت وزيرة الداخلية الحالية، إيفيت كوبر، المحافظين بـ”غض الطرف عن الاستغلال الواسع النطاق، ما عرض أشخاصًا ضعفاء للخطر وأضر بنظام الهجرة”.
من جهتها دعت ليونز إلى إنشاء هيئة مستقلة؛ لمراقبة ظروف العمل، مؤكدة أن نجاحها يعتمد على منحها الصلاحيات والتمويل الكافيين. في المقابل، لم يتضح بعد ما إذا كانت الحكومة ستنفذ وعدها بإجراء تحقيق شامل بشأن الانتهاكات في القطاع.
أما حزب المحافظين، فقد رفض التعليق على المزاعم القائلة بأن نظام التأشيرات أسهم في تفشي الاستغلال.
المصدر: الغارديان
إقرأ أيّضا
- قواعد جديدة للهجرة والتأشيرات في بريطانيا تشمل مقدمي الرعاية والطلاب
- تراجع طلبات تأشيرات الدراسة في بريطانيا بنسبة 13% بسبب القيود الجديدة
- قلق من تشديد شروط تأشيرات العمل في بريطانيا “لكل المهن” في 2025
الرابط المختصر هنا ⬇