السياسة الخارجية لبريطانيا: الأولويات الخمس الأهم لعام 2025

مع مرور ستة أشهر على تولي حكومة كير ستارمر السلطة في بريطانيا، حققت هذه الحكومة بداية قوية على صعيد السياسة الخارجية، حيث أظهرت استعدادًا واضحًا للتعامل مع القضايا الدولية. ولكن عام 2025 يحمل في طياته تحديات كبرى قد تعيد تشكيل ملامح السياسة الخارجية البريطانية، وتضعها أمام خمسة أولويات رئيسة.
أوكرانيا وروسيا: استمرار الدعم في ظل سيناريوهات نهاية الحرب
مع دخول الصراع في أوكرانيا عامه الثالث، تستعد حكومة ستارمر لمواصلة دعمها العسكري والإنساني لكييف. حتى الآن، قدّمت بريطانيا مساعدات بقيمة 13 مليار باوند، ومن المقرر تخصيص 3 مليارات إضافية في عام 2025.
وفي ظل تصريحات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، التي أشار فيها إلى احتمال استبعاد أوكرانيا من المفاوضات، تحرص بريطانيا على ضمان تمثيل كييف في أي عملية سلام. ولتحقيق ذلك، تسعى لندن إلى استخدام علاقتها الوثيقة مع أوكرانيا وأوروبا ودورها التقليدي كجسر بين الولايات المتحدة والقارة الأوروبية.
الشرق الأوسط: تعقيدات جديدة مع انتهاء الحرب السورية والعدوان على غزة
شهد الشرق الأوسط تطورات مفاجئة أواخر عام 2024، أبرزها انتهاء الحرب في سوريا وسقوط نظام بشار الأسد على يد تحالف تقوده هيئة تحرير الشام. هذا التطور يضع حكومة ستارمر أمام معضلة: هل تستمر في تصنيف الهيئة كمنظمة إرهابية، أم تعيد النظر في موقفها لتتمكن من التعامل مع النظام الجديد في دمشق؟
في الوقت نفسه، تتزايد الانتقادات الدولية لإسرائيل بسبب الجرائم التي ترتكبها في غزة، وسط مؤشرات على إمكانية تراجع الدعم الأميركي لها مع وصول ترامب إلى البيت الأبيض. إذا حدث ذلك، فقد يزيد الضغط الدولي على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للدخول في مفاوضات لتهدئة طويلة الأمد.
نظرًا لحساسية قضية غزة بالنسبة لمؤيدي حزب العمال، قد تلجأ حكومة ستارمر إلى تشديد قيودها على مبيعات الأسلحة لإسرائيل. ففي عام 2024، ألغت بريطانيا 30 رخصة من أصل 350 لبيع الأسلحة لتل أبيب؛ بسبب احتمال استخدامها في انتهاكات للقانون الدولي الإنساني. ومع ذلك، تبقى المبيعات المتبقية ذات أهمية اقتصادية، إذ تُقدّر قيمتها بنحو نصف مليار باوند سنويًّا.
العلاقات مع الاتحاد الأوروبي: إعادة بناء الجسور
مع بداية فترة ستارمر، بذلت الحكومة جهودًا لإعادة ضبط العلاقات مع الاتحاد الأوروبي، حيث التقى رئيس الوزراء مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين. وتسعى الحكومة لتعزيز التعاون عبر عقد قمم سنوية وتعيين مفاوض جديد لمناقشة قضايا مشتركة مثل الأمن، ومواجهة التحديات الروسية وتخفيف الحواجز التجارية.
لكن مع عودة ترامب إلى البيت الأبيض، يُحتمل أن تنحسر المشاركة الأميركية في القضايا الدولية. وهذا يدفع بريطانيا وأوروبا إلى تعزيز التعاون لمواجهة تحديات مشتركة، مثل أزمة أوكرانيا والتغير المناخي. كما قد تضطر الدول الأوروبية إلى تحمل دور قيادي أكبر في حلف الناتو، وهو دور طالما لعبته بريطانيا إلى جانب الولايات المتحدة.
تحدي ترامب: العلاقة الخاصة تحت المجهر
تثير عودة ترامب إلى البيت الأبيض مخاوف بشأن مستقبل العلاقة “الخاصة” بين بريطانيا والولايات المتحدة. فبينما بذل حزب العمال جهودًا لبناء علاقات مع الجمهوريين قبل الانتخابات البريطانية، فإن انتقادات وزير الخارجية ديفيد لامي السابقة لترامب تسببت في توتر العلاقات.
ترامب، المعروف بسياسته غير المتوقعة، قد يقدم فرصًا لإعادة إحياء هذه العلاقة، إلا أن نزعاته الانعزالية وخططه لفرض تعريفات جمركية على الواردات تُلزم بريطانيا بوضع استراتيجيات للحد من تأثير القرارات الأميركية على اقتصادها.
تحاول حكومة ستارمر تقديم نهج جديد تحت شعار “الواقعية التقدمية”، إلا أن هذا المفهوم ما زال بحاجة إلى تطبيق عملي واضح. ففي عام 2025، سيكون على وزير الخارجية ديفيد لامي إظهار قدرة هذا النهج على تحقيق نتائج ملموسة، خاصة في ظل الأزمات المستمرة في أوكرانيا، وغزة، وسوريا، فضلًا عن عودة ترامب إلى الساحة العالمية.
المصدر: The Conversation
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇