إدارات السجون في بريطانيا تتجاهل تقارير تؤكد ارتفاع الوفيات بين الأقليات
قالت منظمة إنسانية: إن إدارات السجون في بريطانيا تتجاهل تقارير تؤكد ارتفاع الوفيات بين الأقليات.
وبحسَب التقرير الصادر عن منظمة (INQUEST) الخيرية، بلغ عدد الأشخاص الذين لقوا حتفهم في السجون في بريطانيا نحو 2220 شخصًا في السنوات السبع الماضية، لكن الوفيات بين الأقليات كانت ترجع إلى أسباب متعلقة بالعنف أو الإهمال.
وفي هذا السياق حللت المنظمة البيانات المتعلقة بأسباب الوفيات في السجون في بريطانيا بين عام 2015 و2021، عبر تحرِّي الظروف التي ساعدت في حدوث الوفيات، والنظر في الاستفسارات والتقارير الواردة من وزارة العدل.
ما الأسباب وراء وفاة السجناء من الأقليات في سجون بريطانيا؟
وبناء على ذلك ذكرت المنظمة قصصًا متعلقة بـ22 حالة وفاة تعود لأشخاص من خلفيات آسيوية وإفريقية وشرق أوسطية ومختلطة وإيرلندية، وغيرها من الأعراق.
وقالت المنظمة: إن تجاهل إدارات السجون في بريطانيا لأسباب الوفيات بين الأقليات لن يمنع تزايد عددها في المستقبل!
جدير بالذكر أن معظم التحقيقات حول أسباب الوفيات لم تتناول العرق أو الإثنية للأشخاص المتوفين.
وبهذا الصدد قالت ديبورا كولز المديرة التنفيذية في جمعية (INQUEST): “لقد انتهى قرار حبس هؤلاء بإصدار حكم الإعدام فيهم”.
ودعت كولز إلى بذل مزيد من الجهود واتخاذ إجراءات مناسبة؛ للنظر في دَور العرق أو الإثنية في الوفاة داخل السجون في بريطانيا، والتحقيق في الأسباب العنصرية للوفاة إن وجدت.
التقاعس يسيطر على السجون في بريطانيا ويزيد معاناة السجناء
وبحسَب ما ورد في التقرير، فإن نسبة الوفيات بين السجناء من الأقليات لم تكن أكثر من بقية السجناء، فقد بلغ عدد وفيات السجناء من العرق الإفريقي والأعراق المختلطة نحو 136 وفاة.
وكانت ناتاشا تشين من ضمن الوفيات التي سُجِّلت بين السجناء من الأقليات، وهي سيدة من أصول إفريقية تبلغ من العمر 39 عامًا، وكانت تعاني من الاكتئاب والهزال وإدمان الكحول والمخدرات، وعند وصولها إلى سجن (HMP Bronzefield) في مدينة (Surrey) عام 2016، اشتكت من الشعور بتوعك صحي، فوُضِعت في الجناح الخاص بمدمني الكحول والمخدرات ووُصِفت لها أدوية خاصة.
بدأت حال ناتاشا الصحية بالتدهور وكانت تتقيأ بكثرة، ولم تحصل على جميع الأدوية التي وُصِفت لها، كما أن فريق الرعاية الصحية لم يأبَه لطلبات ضابط السجن الذي وجَّه بمراقبة حالتها، وحُبِست في زنزانتها رغم نوبات القيء التي استمرت 9 ساعات!
قرعت ناتاشا جرس الزنزانة لكن لم يأت أحد؛ لأن الجرس كان لا يعمل! وتوفيت في وقت لاحق من تلك الليلة بعد أقل من 36 ساعة على دخولها السجن. (www.speedclean.com)
وخلص التحقيق إلى أن وفاتها كان بسبب الإهمال، فقد أدى نقص الإدارة وسوء الرعاية إلى وفاتها.
وقالت أخت ناتاشا: إن الأسرة صُدِمت من تقصير موظفي السجن وعدم تقديم الرعاية التي احتاجت إليها ناتاشا والتي كان من شأنها أن تمنع موتها المبكر.
ويشير التقرير إلى وجود نوع من ثقافة التقاعس وعدم تصديق السجناء عندما يتعلق الأمر بصحتهم الجسدية، وعلى الرغم من أن معظم عائلات السجناء وموظفي السجن على علم بالمعاناة الصحية للسجناء، فإن ثقافة التقاعس هذه تتجاهل غالبًا تدهور صحة السجين الأمر الذي ينتهي بوفاته.
وبحسَب ما ورد في تقرير منظمة (INQUEST)، ففي الغالب يُنظَر إلى السجناء المنحدرين من أصول إفريقية على أنهم عدوانيون، وقد يؤدي ذلك إلى زيادة إجراءات عزلهم، وامتناع موظفي السجن عن مساعدتهم في بعض الأحيان.
العنصرية والمشكلات النفسية
وخلص التقرير إلى أن السياسات القاسية التي تتبعها الحكومة البريطانية فيما يخص ملف الهجرة كان لها دور في زيادة عدد وفيات السجون في بريطانيا، وما زال العديد من السجناء الأجانب محتجزين لدى السلطات البريطانية بانتظار ترحيلهم بعد انتهاء فترة سجنهم، وهم يواجهون نقصًا في المعلومات والنصائح القانونية والأوراق المترجمة.
ولعل أبرز مثال لذلك: المواطن البولندي ميشال نيتيكس البالغ من العمر 35 عامًا والذي يعيش مع عائلته في ويلز، فقد أنهى عقوبته في السجن عام 2017، وتلقى رسالة بأنه سيبقى قيد الاحتجاز في سجن ألتكورس في ليفربول إلى أن يرحل إلى بولندا.
وكانت الوثائق التي حصل عليها ميشال باللغة الإنجليزية، ولم يوضح له ضابط دائرة الهجرة حقه في الاستئناف.
مات ميشال منتحرًا! وخلصت التحقيقات إلى أن عملية ترحيل المهاجرين كان لها دور بارز في وفاته ودفعه إلى الانتحار.
وقال والدا ميشال: “لا نستطيع تقبل فكرة وفاة ابننا وغيابه عن حياتنا، ونحن نتساءل عن ظروف وفاته”.
وسلط التقرير الضوء على وفاة أربعة محتجزين من المهاجرين والأجانب، ينحدر ثلاثة منهم من أوروبا الشرقية، وعزا ضباط السجن الوفاة إلى أسباب ذاتية.
إن إهمال قضايا الصحة النفسية كان له دور أساسي في وفاة السجناء الآخرين. على سبيل المثال: توفي تومي نيكول منتحرًا عام 2015 بعد أن أمضى عقوبة ست سنوات، وكان من المحتمل أن يبقى إلى أجل غير مسمى في السجن، وأشارت أخت تومي إلى أن التقرير الصادر عن المنظمة تناول أسباب وفاة شقيقها.
ووصف موظفو المستشفى والممرضات سلوك تومي بالعدواني، وبحسَب التحقيق الذي أجراه أمين السجون في بريطانيا، فقد حُرِم تومي من تلقي الدعم النفسي في السنوات التي سبقت وفاته، وينحدر تومي من أصول شرق أوسطية.
وقالت أخت تومي: “أخبرَنا بعض السجناء بأن مسؤولي السجن كانوا ينتقدون أصول تومي ودينه، وبدَوا مرتاحين ضمنيًّا لوفاته!”.
وأشارت شقيقة تومي أيضًا إلى أنه على الرغم مما قاله السجناء، فإن العنصرية لم تُذكَر من بين الأسباب التي ساهمت في انتحاره، وأضافت: “يجب التحقيق في جميع الأمور عندما يتعلق الأمر بوفاة شخص ما في السجن، وخصوصًا عندما يكون هناك جوانب وأمور تدفع السجناء إلى الانتحار”.
وفي معظم الأحيان لا يُذكَر عرق السجناء الذين يموتون في تحقيقات الوفيات إلا في حالات الانتحار، لذا قدمت منظمة (inquest) طلبًا إلى وزارة العدل؛ للحصول على البيانات الخاصة بالسجناء.
هذا وقالت مديرة المنظمة: “يجب أن تكون هذه المعلومات متاحة للجميع، لا أن تكون حكرًا على المؤسسات فقط!”.
اقرأ أيضاً :
تقارير: بريطانيا تمول سجونا سورية يحتجز فيها أطفال دون محاكمة!
التايمز: تقرير مروّع عن سجن صيدنايا في سوريا
تقرير بريطاني صادم حول تأثير جماعات إسلامية موسومة بالتطرف داخل السجون
الرابط المختصر هنا ⬇