دراسة غير مسبوقة: السجائر الإلكترونية قد تسبب آثارًا جانبية مميتة
حذرت دراسة علمية غير مسبوقة من أن تدخين السجائر الإلكترونية قد يكون أكثر خطورة على صحة الإنسان من التدخين التقليدي، ما يزيد من مخاطر الإصابة بالخرف وأمراض القلب وفشل الأعضاء على المدى الطويل.
وأشارت الدراسة، التي يقودها الدكتور ماكسيم بوادان في جامعة مانشستر متروبوليتان، إلى أن استنشاق بخار النيكوتين قد يؤدي إلى أضرار صحية جسيمة، رغم التصريحات الرسمية التي تصف السجائر الإلكترونية بأنها أقل ضررًا من التدخين. ومن المتوقع أن تُنشر نتائج الدراسة رسميًّا في مارس المقبل، ويُعد هذا البحث الأول من نوعه الذي يدرس التأثيرات الطويلة الأمد للتدخين الإلكتروني في ظل ظروف خاضعة للرقابة.
وأكد بوادان، الذي صُدم من نتائج أبحاثه، أن الأضرار التي تلحق بمدخني السجائر الإلكترونية لا تقل خطورة عن تلك التي يتعرض لها المدخنون التقليديون. وقال: “في البداية كنت أظن أن التدخين الإلكتروني أقل ضررًا من التدخين العادي، لكن نتائج الدراسة كشفت عن حقائق صادمة قد تثير قلق العديد من المدخنين الإلكترونيين”.
آثار صحية مدمرة!
أُجريت الدراسة في معهد الرياضة التابع للجامعة، حيث خضع المشاركون -الذين تراوحت أعمارهم بين 18 و45 عامًا بمتوسط 27 عامًا ومستويات متقاربة من اللياقة البدنية- لاختبارات إجهاد دورية؛ لقياس مرونة الأوعية الدموية وسرعة تدفق الدم إلى الدماغ. وقبل إجراء الاختبارات، امتنع المشاركون عن التدخين أو التدخين الإلكتروني أو ممارسة أي نشاط بدني لـ12 ساعة، كما لم يستهلكوا سوى الماء.
وأظهرت الاختبارات أن المدخنين التقليديين ومدخني السجائر الإلكترونية حققوا قراءات مسطحة عند قياس توسع الشرايين، ما يشير إلى تلف جدران الأوعية الدموية، وهو مؤشر شبه مؤكد على حدوث مشكلات قلبية خطيرة في المستقبل. وأكدت اختبارات إضافية أن تدفق الدم لدى الفئتين كان متضررًا بالدرجة نفسها، ما يزيد من مخاطر الاضطرابات الإدراكية، ويشمل ذلك الخرف، وفقًا لما أوردته صحيفة “ذا ميرور”.
ويرى بوادان أن هذه الأضرار تعود إلى الالتهابات الناجمة عن النيكوتين والمعادن والمواد الكيميائية الموجودة في السجائر الإلكترونية، مثل البروبيلين غليكول والغليسيرين النباتي، إضافة إلى المركبات الكربونية الموجودة في النكهات الكيميائية، والتي تُعرف بتسببها في التهابات وتلف الخلايا داخل جدران الأوعية الدموية.
وقال الباحث: “عندما تُدخِل إلى جسمك هذا الخليط من المعادن والمواد الكيميائية، لا يمكنك توقع عدم حدوث آثار سلبية”.
تصاعد ظاهرة التدخين الإلكتروني
شهدت بريطانيا ارتفاعًا حادًّا في أعداد مستخدمي السجائر الإلكترونية منذ دخولها السوق عام 2005. وتشير الإحصاءات الصادرة عن مكتب الإحصاء الوطني إلى أن 5.1 مليون شخص ممن تتجاوزت أعمارهم 16 عامًا يستخدمون السجائر الإلكترونية، أي ما يعادل واحدًا من كل عشرة بالغين، في حين بلغت النسبة بين الفئة العمرية 16-24 عامًا نحو 15.8 في المئة.
كما أظهرت دراسة صادرة عن جامعة كوليدج لندن، ونُشرت في مجلة “ذا لانسيت للصحة العامة”، أن مليون شخص في إنجلترا بدؤوا باستخدام السجائر الإلكترونية دون أن يكونوا مدخنين سابقين، في زيادة بلغت سبعة أضعاف خلال ثلاث سنوات.
ورغم تزايد التقارير التي تحذر من مخاطر السجائر الإلكترونية، لا تزال السلطات الصحية مثل “الصحة العامة في إنجلترا” تصر على أن “مخاطر التدخين الإلكتروني لا تتجاوز 5 في المئة من مخاطر التدخين التقليدي”، لكنها تعترف في الوقت ذاته بأن “الأدلة المتوفرة تقتصر على التأثيرات القصيرة والمتوسطة المدى، وهناك حاجة لدراسات إضافية لمعرفة التأثيرات الطويلة المدى”.
شهادات صادمة لمستخدمين
روى بعض المشاركين في الدراسة تجاربهم مع التدخين الإلكتروني، ومن بينهم آدم بيتروفيلك، وهو طالب ماجستير يبلغ من العمر 25 عامًا ويدرس علوم القوة والتكيف البدني، والذي قال إنه يستخدم السجائر الإلكترونية باستمرار. وأوضح: “لم أكن مدخنًا في السابق، لكنني بدأت استخدام السجائر الإلكترونية قبل عامين ظنًّا مني أنها أقل ضررًا. كنت أستهلك جهازًا يحتوي على 500 نفثة خلال أيام قليلة، والآن أستهلك جهازًا يحتوي على 3500 نفثة خلال ثلاثة أيام فقط”.
أما متطوعة أخرى تُدعى مارين، وتبلغ من العمر 33 عامًا، فقد بدأت استخدام السجائر الإلكترونية قبل ثلاث سنوات بوصفها بديلًا عن التدخين، لكنها أدركت لاحقًا أن استخدامها المستمر أثر على صحتها. وقالت: “لم أكن أدخن داخل المنزل، لكنني الآن أستخدم السجائر الإلكترونية طوال اليوم. لاحظت أنني أصبحت أشعر بضيق في التنفس، وأدركت أن هذا ليس مفيدًا لصحتي”.
دعوات لاتخاذ إجراءات صارمة
في ظل هذه التحذيرات، أعلنت الحكومة البريطانية أنها ستفرض حظرًا على السجائر الإلكترونية القابلة للتصرف بدءًا من يونيو، بعد اتهامها بالتسبب في زيادة معدلات التدخين الإلكتروني بين المراهقين، بفضل تصميمها الجذاب ونكهاتها التي تشبه الحلويات.
لكن بوادان يرى أن الإجراءات الحالية غير كافية، ويدعو إلى تقييد بيع السجائر الإلكترونية بوصفات طبية فقط، لمنع حدوث “أزمة صحية” خلال السنوات القادمة. وقال: “الفائدة الوحيدة للسجائر الإلكترونية هي مساعدة المدخنين على الإقلاع عن التدخين، لكن إذا استمروا في استخدامها فإن النتيجة ستكون مدمرة. ينبغي أن يكون استخدامها محصورًا في وصفات طبية لفترة محدودة، كأداة انتقالية فقط”.
وتؤيد هذا التوجه النائبة العمالية راشيل ماسكل، التي دعت إلى فرض قيود أكثر صرامة على التدخين الإلكتروني. وقالت: “هذه الدراسة تضاف إلى الأدلة المتزايدة التي تؤكد أن التدخين الإلكتروني قد يكون مضرًّا للغاية. على الحكومة اتخاذ تدابير أكثر حزمًا؛ لضمان أن تظل السجائر الإلكترونية متاحة فقط للمدخنين الحاليين كوسيلة للإقلاع عن التدخين”.
وفي المقابل، رفضت الدكتورة مارينا ميرفي، المتحدثة باسم “رابطة صناعة التدخين الإلكتروني في المملكة المتحدة”، نتائج الدراسة، قائلة: “ملايين الأشخاص يستخدمون السجائر الإلكترونية بأمان منذ سنوات. جميع البيانات المتاحة تشير إلى أن المخاطر الصحية المرتبطة بالسجائر الإلكترونية لا تتجاوز 5 في المئة من مخاطر التدخين التقليدي”.
ومع استمرار الجدل بشأن تأثيرات السجائر الإلكترونية، فإن نتائج الدراسة المرتقبة قد تعيد رسم سياسات الصحة العامة، وتحدد مسارًا جديدًا في التعامل مع هذه الظاهرة المتنامية.
إقرأ أيّضا
الرابط المختصر هنا ⬇
أخبار ذات صلة
10°C
