الداخلية البريطانية تشدد رقابتها على سيارات الأجرة الخاصة باللاجئين

في أعقاب تحقيق صحفي كشف رحلات طويلة وباهظة تُقلّ طالبي اللجوء إلى مواعيد طبية وغيرها، أوعزت وزيرة الداخلية شبانة محمود بإجراء مراجعة عاجلة لآلية الاستعانة بسيارات الأجرة وكلفتها. القضية أثارت جدلًا واسعًا بين دعوات لضبط الإنفاق العام وضمان الكرامة والاحتياجات الأساسية لطالبي اللجوء، وسط شهادات عن ظروف سكنية صعبة داخل الفنادق التي تُخصَّص لهم مؤقتًا.
تحقيق يكشف رحلات بمئات الباوندات وإجراءات مبهمة
أفاد التحقيق بأن بعض طالبي اللجوء يقطعون مسافات تصل إلى 250 ميلًا للوصول إلى مواعيد لدى طبيب الأسرة، مع إشارة أحد السائقين إلى كلفة بلغت 600 باوند تُحمَّل على وزارة الداخلية. يحصل طالب اللجوء على بطاقة حافلة لرحلة ذهاب وعودة واحدة أسبوعيًا، لكن أي انتقالات ضرورية إضافية—مثل زيارة طبيب—تُحجز لها سيارات أجرة عبر نظام آلي في استقبال الفندق بعد إظهار إثبات الموعد. خيار النقل العام أو المشي لا يُطرح كبديل ضمن الإجراء المعتاد، ما يفضي أحيانًا إلى رحلات طويلة على نحو غير مبرر، وفي حالات أخرى قصيرة بشكل لافت. ويؤدي انتقال طالبي اللجوء بين الفنادق إلى استمرار تسجيلهم لدى أطباء NHS السابقين، الأمر الذي يطيل مسافات التنقل. طلبت «بي بي سي» عبر حرية المعلومات أرقام الإنفاق على سيارات الأجرة، غير أن وزارة الداخلية أشارت إلى عدم الاحتفاظ ببيانات مجمّعة بهذا الخصوص.
سجال سياسي بين ضبط الكلفة وحقوق الوصول للخدمات
وزير العمل والمعاشات بات مكفادن أيّد فتح تحقيق في آلية النظام القائم، فيما اعتبر وزير الإسكان ماثيو بينيكوك أن الحاجة إلى رحلات طويلة «موضع تساؤل» وأن الحكومة ستطّلع على تلك الحالات، مضيفًا أن طالبي اللجوء «ليسوا مواطنين عاديين يستقلّون الحافلة بسهولة». في المقابل، وجّه المعارض المحافظ كريس فيلب انتقادًا لرحلات تُبلِغ 600 باوند، معتبرًا أنها تُزاحم أولويات صحية كمواعيد الأطباء أو استجابة سيارات الإسعاف. ورأى نائب «ريفرم يو كيه» لي أندرسون أن القضية «قمة جبل الجليد» لهدر أوسع. ووصفت «الديمقراطيون الأحرار» الكلفة بأنها «هدر سخيف» يستدعي إنهاء الاعتماد على الفنادق. ومن جانب آخر، لفتت النائبة العمالية بيل ريبيهرو-أدي إلى أن المشكلة تعكس «ظروفًا متدنية وربحية مفرطة واستغلالًا» داخل نظام لجوء يُدار لتحقيق أرباح على حساب أموال دافعي الضرائب ومعاناة طالبي اللجوء.
ظروف معيشية مقلقة داخل الفنادق وشهادات إنسانية
تفحّص فريق «بي بي سي» أربعة فنادق يُؤوي بعضها عائلات وأطفالًا، فكُشفت غرف ضيقة، وإنذارات حريق مُغطاة بأكياس بلاستيكية بينما يُطهى الطعام على مواقد كهربائية داخل الحمّامات، فضلًا عن حالات عمل غير قانوني بأجور منخفضة تصل إلى 20 باوند يوميًا لسداد ديون لمهرّبين. وروت طفلة في الثانية عشرة أنها أمضت ثلاثة أرباع حياتها داخل منظومة اللجوء، وأن العائلة تُنقَل كلما استقرت قليلًا. الملف يزداد توترًا مع احتجاجات محلية ودعاوى لإغلاق بعض الفنادق، بينما تؤكد الحكومة عزمها على إنهاء الاعتماد على الفنادق لصالح بدائل أكثر استقرارًا. يُذكر أن بعض طالبي اللجوء تحدّثوا في أغسطس عن عزلة وقلق متصاعدين بفعل الاحتجاجات، مؤكدين أنهم لا يختارون الإقامة الفندقية ويكابدون رطوبة ونظافة متدنية.
ترى «العرب في بريطانيا» أن المراجعة العاجلة خطوة ضرورية، لكنها لا تكفي من دون شفافية في البيانات، وضوابط واضحة لاستخدام سيارات الأجرة، وحلول نقل محلية منسَّقة تضمن الوصول إلى الرعاية الصحية بكلفة معقولة وكرامة مصونة. قيمة المال العام تتطلب تدقيقًا صارمًا، وحقوق طالبي اللجوء تقتضي مسارات عملية تُقلّص المسافات غير الضرورية وتُنهي الاعتماد على الفنادق عبر سكن لائق وخدمات قريبة. نؤيد نهجًا يجمع الانضباط المالي مع المسؤولية الإنسانية، ويُحاسِب الشركات المُشغّلة التي تربح من الهشاشة، ويُعيد الثقة إلى منظومة اللجوء باعتبارها التزامًا قانونيًا وأخلاقيًا على حدّ سواء.
المصدر: بي بي سي
إقرأ أيضا
الرابط المختصر هنا ⬇