الحكومة البريطانية تتدخل في جدل إبادة غزة داخل جامعة سانت أندروز

كشفت صحيفة “ذا ناشونال” البريطانية عن تدخل مباشر من الحكومة البريطانية في الخلاف الذي نشأ داخل جامعة سانت أندروز (St Andrews) في إسكتلندا، بعد تصريحات أطلقتها عميدة الجامعة المنتخبة “ستيلا ماريس”، وصفت خلالها الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة بأنها “إبادة جماعية”.
أدلت ماريس بهذه التصريحات في تشرين الثاني /نوفمبر 2023، في بيان دعت فيه إلى وقف إطلاق النار، وأدانت في الوقت نفسه ما وصفته بأنه “جرائم ارتكبتها حركة حماس”، حسب قولها، ووصفت الغارات الإسرائيلية بأنها تمثل أعمال إبادة جماعية، وهو ما أثار عاصفة من الانتقادات وأدى إلى إقالتها من منصبها داخل مجلس الجامعة.
اجتماع طارئ وتدخل من وزراء ومؤسسات ممولة

عُقد اجتماع خاص لمجلس جامعة سانت أندروز في كانون الأول/ ديسمبر 2023 لمناقشة تداعيات تصريحات ماريس، وهو الاجتماع الذي حصلت “ذا ناشونال” على محضر جلسته.
وأفادت سالي مابستون، المديرة التنفيذية للجامعة، أن الجامعة واجهت “مستوى غير مسبوق من التدخل الخارجي”، بسبب ما صدر عن ماريس.
كما كشفت مابستون عن تدخل روبرت هالفون، وزير الدولة السابق لشؤون التعليم العالي، في القضية، إذ أبدى “اهتمامًا بالغًا” بسلوك ماريس وطريقة تعامل الجامعة مع الموقف، وذلك خلال اجتماع جمعه معها بصفتها رئيسة اتحاد جامعات بريطانيا.
وأضافت مابستون أن هالفون أصر على تخصيص عشر دقائق كاملة من اللقاء لمناقشة وضع الجامعة في ظل الأزمة وتأثير ذلك على المجتمع اليهودي داخل الحرم الجامعي.
ضغط من “قيصر مكافحة معاداة السامية” ومؤسسة ممولة
في السياق نفسه، أشارت مابستون إلى لقائها مع اللورد العمالي جون مان، الذي يشغل منصب مستشار الحكومة البريطانية في ملف معاداة السامية، وقالت إنها اضطرت للاجتماع معه بسبب الضغوط المتزايدة.
كما أكدت أن اللورد مينزيس كامبل، مستشار الجامعة والنائب الليبرالي الديمقراطي في مجلس اللوردات، كان على اطلاع مستمر بمجريات الأحداث.
وعن الضغوط المالية، قالت مابستون إن مؤسسة “وولفسون” (Wolfson Foundation)، وهي جهة مانحة رئيسية على صلة بإسرائيل، أبدت تخوفها من دعم الجامعة بمنحة بقيمة مليوني باوند بسبب الأزمة، ما اضطرها إلى كتابة رسالة مكونة من 12 صفحة لطمأنة المؤسسة.
وبالرغم من أن الجامعة حصلت على المنحة في كانون الثاني/ يناير 2024، أكدت مابستون أن القرار جاء “بشق الأنفس”، ولم يكن بسبب جودة طلب الجامعة الذي حصل على تقييمات عالية، بل نتيجة “الضمانات التي قدمتها شخصيًا” بشأن الوضع في سانت أندروز.
ماريس: الجامعة خضعت لضغوط خارجية على حساب صوت الطلاب
ورغم ما جاء في محاضر الاجتماع، نفت الجامعة في بيان رسمي تعرضها لأي تأثير مباشر من الحكومة أو من مؤسسة وولفسون أو أي جهة مانحة أخرى، مشيرة إلى أن جميع المخاوف المتعلقة بسلامة الطلاب اليهود قد تعاملت معها قبل اجتماع كانون الأول/ ديسمبر 2023.
من جانبها، صرّحت ستيلا ماريس لصحيفة “ذا ناشونال” بأن الجامعة كانت “أكثر تواصلًا مع الجهات الخارجية من اهتمامها بتأثير القضية داخل مجتمع الطلاب”.
وأضاف ممثل شبكة الموظفين اليهود بجامعة سانت أندروز، بيل شاكمان، أن تدخل الحكومة البريطانية “يثير القلق الشديد”، مشيرًا إلى أن تصريحات ماريس لم تسبب أي أذى للطلاب اليهود، وإن كان بعضهم قد صرح عن “شعورهم بالإهانة”، حسب قوله.
لكنه أكد أن “من يعارضون الحرب من الطلاب اليهود رحبوا ببيان ماريس”، داعيًا لاحترام حرية التعبير لجميع الممثلين المنتخبين.
انتقادات حادة من مجتمع التضامن مع فلسطين
بدورها، وصفت منظمة التضامن مع فلسطين في جامعة سانت أندروز تدخل الحكومة بأنه “غير مفاجئ”، وقالت إن إدارة الجامعة أظهرت أن أولويتها كانت حماية سمعتها وليس سلامة الطلاب.
وأضافت: “العميدة ستيلا ماريس وقفت ضد الإبادة الجماعية، ومن أجل مبادئ العدالة والرحمة. تحويل هذه القضية إلى نقاش حول أي شيء آخر، يعكس جبنًا أخلاقيًا من الإدارة والوزراء والممولين”.
في المقابل، قالت جمعية الطلبة اليهود في سانت أندروز إن التدخل الحكومي “منطقي” نظرًا لأن الجامعة تُموَل جزئيًا من الحكومة البريطانية.
وزعمت الجمعية أن “القلق بشأن حياة الطلاب اليهود داخل الحرم الجامعي مبرر، ومن الطبيعي أن يثير تدخل المسؤولين الحكوميين مثل هذه القضايا”، حسب قولهم.
تحقيق مستقل يُبرئ ماريس… لكنها أُقيلت لاحقًا
في أعقاب اجتماع كانون الأول/ ديسمبر، فتح مجلس الجامعة تحقيقًا مستقلًا حول ما إذا كانت تصريحات ماريس قد خالفت مسؤولياتها كرئيسة للمجلس.
وفي تموز/ يوليو 2024، خلصت المحققة المستقلة، البارونة موراغ روس، إلى أنه لا توجد أدلة كافية على خرق ماريس لواجباتها، ولم توصي بعزلها.
ورغم ذلك، قررت الجامعة إقالة ماريس، مبررة ذلك بـ”تصرفاتها اللاحقة لبيانها ورفضها المستمر للامتثال للالتزامات القانونية كعضوة في المجلس”.
لكن ماريس طعنت في القرار أمام مستشار الجامعة، اللورد كامبل، الذي حكم لصالحها، وتمت إعادة تعيينها مؤخرًا في منصبها الكامل كرئيسة للمجلس ووصية قانونية.
المصدر: The National
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇