العرب في بريطانيا | هوس الجمال البريطاني يُدمر غابات الأركان في المغرب

هوس الجمال البريطاني يُدمر غابات الأركان في المغرب

WhatsApp Image 2025-07-30 at 10.04.18 AM
شروق طه July 30, 2025

تحوّل زيت الأركان إلى مكوّن أساسي في سوق العناية بالشعر في بريطانيا، التي تقدّر قيمتها بمليارَي باوند. من الشامبوهات الشعبية إلى الأمصال الفاخرة، يُروّج لهذا الزيت المستخلص من نواة شجرة الأركان، التي تنمو بشكل طبيعي في المغرب، باعتباره مرطبًا ذا خصائص ترميمية.

غير أن خلف هذا اللمعان والإعلانات البراقة، تكمن قصة من التدهور البيئي والاستغلال وسلوكيات الاستخراج التي تشبه الاستعمار.

في المغرب، لا تزال عملية إنتاج زيت الأركان تعتمد على جهد يدوي شاق تقوده تعاونيات نسائية تقليدية.

ويتطلّب إنتاج لتر واحد من الزيت يومين من الطحن والعصر، مقابل دخل لا يتجاوز 3 دولارات للمرأة العاملة، ويُباع هذا اللتر نفسه في بريطانيا بما يتراوح بين 50 و70 باوند.

ومع تصاعد الطلب العالمي، تتصاعد التكلفة أيضًا لا على الشركات، بل على الأرض المغربية وشعبها.

غابة تتعرض للهجوم

كانت غابات الأركان تغطي في الماضي أكثر من 14 ألف كيلومتر مربع في جنوب غرب المغرب، لكن هذه المساحة تضاءلت بأكثر من 40 في المئة اليوم.

ويُعزى هذا الانكماش إلى التغير المناخي، إلى جانب الحصاد المفرط، والزراعة الأحادية، والتسويق التجاري غير المنضبط.

وتتحكم شركات التجميل العالمية مثل “لوريال” و”يونيليفر” و”إستي لودر” في تجارة زيت الأركان، فيما تسيطر شركة فرنسية واحدة تُدعى (Olvea) على 70 في المئة من صادرات المغرب من هذا الزيت.

وقد أجبر هذا الاحتكار المتزايد التعاونيات الصغيرة على بيع إنتاجها بأسعار منخفضة للغاية لضمان الاستمرار.

وفي الوقت نفسه، انهارت ممارسات إدارة الغابات التي كانت تنظم عملية الحصاد لقرون، بفعل ضغط السوق.

فالأشجار تنتج كمية أقل من الثمار، والجفاف يزداد سوءًا، والحيوانات الراعية تلتهم الأراضي، وفي كثير من المناطق، تُستأصل غابات الأركان لمصلحة زراعة الحمضيات أو الطماطم المُعدّة للتصدير، في مشهد لانهيار بيئي صامت.

دور السوق البريطانية

بلغت واردات بريطانيا من زيت الأركان عام 2019 نحو 13.5 مليون دولار، ومن المتوقع أن تقترب من ثلاثة أضعاف هذا الرقم بحلول عام 2030.

ويمثل زيت الأركان المخصّص لمستحضرات التجميل أكثر من 80 في المئة من الطلب العالمي، فيما تُعدّ بريطانيا من أكبر المستهلكين.

يُذكَر أن العلامات التجارية البريطانية تسوّق لهذا الزيت تحت تسمية “الزيت المغربي” بوصفه رمزًا للفخامة، من دون الاعتراف بالتكاليف البيئية أو ظروف الإنتاج الاستغلالية التي تكمن وراء سلاسل التوريد.

ويحتوي العديد من المنتجات المتاحة على رفوف المتاجر في بريطانيا على كميات ضئيلة فقط من الزيت، ممزوجة بمواد صناعية، لكنها تُباع بسعر منتج فاخر.

والأسوأ من ذلك أن معظم هذه الشركات لا تتعامل مباشرة مع التعاونيات النسائية، بل يمرّ الزيت غالبًا عبر أكثر من أربعة وسطاء، يحصل كل منهم على حصته من الأرباح، أما النساء العاملات فيحصلن بالكاد على ما يكفي لسد رمقهنّ.

الذهب السائل… ووعود جوفاء

رغم محاولات الحكومة المغربية توسيع الغطاء الغابي وتنظيم التجارة، فإن معظم هذه المبادرات باءت بالفشل.

فقد كان من المفترض أن تمنح مراكز التخزين الجديدة التعاونيات قوة تفاوضية أكبر، إلا أن البيروقراطية والفساد وضعف الوصول إليها عرقلت تنفيذ تلك الوعود.

وفي المقابل، تواصل الشركات المتعددة الجنسيات تسويق زيت الأركان تحت شعار “الجمال الأخلاقي” و”النظافة البيئية”، لكنها تُخفي وراءها نموذجًا قائمًا على الاستنزاف.

في هذا السياق، تقول جميلة إد بروس، رئيسة اتحاد تعاونيات نساء الأركان في المغرب: “الأشخاص الذين يبيعون المنتج النهائي هم من يجنون المال. نحن نشاهد غاباتنا تموت في حين يزداد الآخرون ثراءً”.

رأي منصة العرب في بريطانيا

مع تزايد الطلب البريطاني، تتعاظم المسؤولية، ولا سيما على العلامات التجارية التي تدّعي الاستدامة لكنها تشارك في سلسلة توريد لا تمت للأخلاقيات أو الاستدامة بصلة.

على صناعة التجميل البريطانية أن تختار بين الاستثمار في مصادر شفافة وعادلة تُسهم في الحفاظ على ما تبقّى من غابات الأركان في المغرب، أو الاستمرار في استنزافها. لأن “الذهب السائل” إن استمر في الجريان بهذا الشكل، فقد يدفع المغرب ثمنًا باهظًا.

المصدر: الإندبندنت


اقرأ أيضًا:

اترك تعليقا

لن يتم نشر بريدك الإلكتروني.

loader-image
london
London, GB
5:02 am, Jul 31, 2025
temperature icon 16°C
broken clouds
86 %
1017 mb
1 mph
Wind Gust 2 mph
Clouds 51%
Visibility 10 km
Sunrise 5:22 am
Sunset 8:50 pm