قيود التأشيرات بعد بريكست: تحديات توظيف المهندسين في بريطانيا

تواجه شركات الهندسة في بريطانيا أزمة غير مسبوقة في التوظيف، نتيجة للتعديلات التي طرأت على قواعد الهجرة بعد بريكست. فقد أصبح استقطاب المهندسين الأجانب أصعب بسبب التعديلات، ما يهدد تنفيذ مشاريع الإسكان والبنية التحتية. ومع استمرار هذه التحديات، تدعو الشركات الحكومة إلى إعادة النظر في هذه السياسات التي قد تؤثر سلبًا على قطاع حيوي يساهم في تحقيق أهداف التنمية العمرانية.
قيود جديدة تعمّق أزمة التوظيف

منذ أبريل الماضي، أصبح على الشركات التي ترغب في توظيف مهندسين معماريين من خارج المملكة المتحدة دفع رواتب لا تقل عن 45,900 باوند، مقارنة بـ26,000 باوند في السابق.
وتعود هذه التغييرات إلى سياسات اعتمدتها حكومة بوريس جونسون، التي سعت إلى تقليل الاعتماد على العمالة الأوروبية الرخيصة في قطاعات مختلفة مثل المصانع والمزارع والمستودعات والفنادق، من خلال تطبيق نظام هجرة يعتمد على النقاط، ويشترط معايير صارمة في اللغة والمهارات ومستويات الرواتب. إلا أن هذه السياسات، وفقًا لممثلين عن القطاع، لا تأخذ بعين الاعتبار احتياجات سوق العمل، وتؤثر سلبًا على قدرة الشركات على استقطاب المواهب الهندسية التي تحتاجها لتنفيذ المشاريع.
شركات الهندسة تطالب الحكومة بالتدخل
في ظل هذه التحديات، وجّهت عدة شركات معمارية كبرى في لندن، من بينها Zaha Hadid Architects وMake Architects وHTA Design، رسالة إلى وزيرة الداخلية، إيفيت كوبر، في ديسمبر الماضي، تطالب فيها بإعادة النظر في هذه القيود، إلا أنها لم تتلقَّ أي رد حتى الآن.
ويطالب مكتبَا المحاماة Kingsley Napley وBates Wells، اللذان يمثلان هذه الشركات، الحكومة بخفض الحد الأدنى للرواتب وإعادة الهندسة المعمارية إلى قائمة المهن التي تعاني من نقص، والتي أصبحت تُعرف اليوم بـ”قائمة الرواتب للهجرة”.
تأثير مباشر على مشاريع الإسكان
كارولين دوف، شريكة في HTA Design المتخصصة في الإسكان، ترى أن رفع الحد الأدنى للرواتب يُشكل عائقًا كبيرًا، خاصة في ظل خطة حزب العمال لبناء 1.5 مليون منزل جديد. وأوضحت أن شركتها، التي توظف حوالي 240 شخصًا، كانت تعتمد على توظيف الخريجين الأجانب الذين يأتون إلى بريطانيا للتدريب، لكنها لم تعد قادرة على الاحتفاظ بهم بسبب القيود الجديدة.
“المملكة المتحدة تُعدّ مركزًا عالميًا لدراسة الهندسة المعمارية، ولدينا نظام تعليمي يُخرج مهندسين على مستوى عالٍ من الكفاءة. لكننا الآن غير قادرين على توظيف هؤلاء الخريجين الموهوبين بسبب رفع الحد الأدنى للرواتب إلى مستويات غير منطقية.”
وتحذر دوف من أن نقص الكفاءات قد يؤدي إلى تأخير تنفيذ المشاريع العمرانية، لا سيما مع تزايد الحاجة إلى فرق متعددة التخصصات لتصميم وتنفيذ مشروعات الإسكان والبنية التحتية.
قيود إضافية تعقّد استقطاب المواهب
قبل التعديلات الأخيرة، كانت الشركات قادرة على توظيف المهندسين بسهولة من الاتحاد الأوروبي، حيث كانت الهندسة المعمارية مدرجة في قائمة المهن المطلوبة، إلى جانب وظائف في هيئة الخدمات الصحية (NHS).
لكن وفقًا لكاميلا ريتش، مديرة الموارد البشرية في Make Architects، فإن التعديلات لم تقتصر على رفع الحد الأدنى للرواتب، بل شملت أيضًا زيادة التكاليف المرتبطة بإجراءات التأشيرات، ومتطلبات الرعاية المهنية، والالتزام بعدالة الأجور بين الموظفين.
“هذه التغييرات تجعل استقطاب المهندسين من الخارج أكثر صعوبة، مما يحدّ من قدرتنا على جلب أفضل المواهب، لا سيما على مستوى الخريجين الجدد.”
بين الحاجة إلى العمالة والتكاليف السياسية
يبدو أن ملف الهجرة والتأشيرات في بريطانيا بات يمثل معضلة حقيقية بين الأهداف السياسية للحكومة واحتياجات سوق العمل. فبينما تسعى الحكومة للحد من العمالة الأجنبية، يرى العاملون في القطاع أن هذه السياسات قد تؤدي إلى نقص حاد في الكفاءات، ما يعرقل تنفيذ المشاريع العمرانية الكبرى.
ومع استمرار الضغوط، يبقى السؤال: هل ستستجيب الحكومة لهذه المطالب، أم أن قطاع الهندسة سيواجه المزيد من العقبات في ظل القيود الجديدة؟
المصدر: الغارديان
إقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇