الإنترنت المنزلي يفقد شعبيته في بريطانيا.. و“ستارلينك” في صدارة البدائل

يشهد سوق الاتصالات البريطانية تحولًا غير مسبوق مع بدء تراجع الإقبال على خدمات الإنترنت المنزلي التقليدي.
وعبّرت الرئيسة التنفيذية لشركة BT، أليسون كيركبي، مؤخرًا عن تفاؤلها عقب تولّيها قيادة الشركة العام الماضي، مؤكدة أن عملاق الاتصالات البريطاني وصل إلى “نقطة تحوّل” مهمة بعد أن تجاوز ذروة استثماراته في شبكات الألياف الكاملة (Full Fibre Broadband)، وبدأ في التركيز على جذب العملاء.
وقد استثمرت الشركة ما يقارب 15 مليار باوند في بناء شبكتها الخاصة، في وقتٍ ظهرت فيه شركات منافسة تُعرف باسم “الشبكات البديلة” (altnets) مدعومةً برؤوس أموال ضخمة من مستثمرين أمريكيين وخليجيين لتشييد شبكات منافسة.
انخفاض الاشتراكات لأول مرة في تاريخ بريطانيا
للمرة الأولى في تاريخ البلاد، بدأ عدد البريطانيين المشتركين في خدمات النطاق العريض التقليدية في الانخفاض، مع ظهور بدائل جديدة للاتصال بالإنترنت، أبرزها شبكة “ستارلينك” (Starlink) التابعة لإيلون ماسك، إضافةً إلى حلول أرخص تعتمد على خدمات الهواتف المحمولة.
وكانت خطة نشر الإنترنت بالألياف الكاملة قد أُطلقت في عام 2019 على يد رئيس الوزراء السابق بوريس جونسون، الذي وعد بـ“تسريع” تغطية المناطق النائية عبر شراكات بين القطاعين العام والخاص.
تغطية واسعة لكن اشتراك منخفض
ورغم أن بعض الخبراء يرون أن الاستراتيجية الحكومية نجحت، إذ وصلت التغطية إلى 81% من أراضي المملكة المتحدة حتى أبريل الماضي، فإن آخرين يرون الصورة أقل إشراقًا.
فالمملكة لم تحقق هدفها المعلن بتغطية كاملة بحلول هذا العام، وهناك دلائل على تردد المستهلكين، خاصة من ذوي الدخل المحدود، في الاشتراك بالخدمة.
تشير التقديرات إلى أن أقل من 20% من المنازل التي لديها إمكانية الوصول إلى الألياف الكاملة قامت فعليًا بالاشتراك، ما دفع العديد من شركات “الشبكات البديلة” إلى تجميد توسعاتها أو تقليصها بسبب ارتفاع تكاليف الديون وصعوبة جذب العملاء.
تركيز جديد على ربط العملاء
تركز هيئة تنظيم الاتصالات البريطانية Ofcom حاليًا على وضع الأطر التنظيمية الجديدة التي ستحدد شكل المرحلة المقبلة من التوسع في البنية التحتية الرقمية خلال السنوات الخمس القادمة.
إلا أن شركات الإنترنت التقليدية تواجه مشكلة أكبر: المستهلكون يغادرونها نحو البدائل الجديدة.
أول تراجع تاريخي بعد عقود من النمو
تُقدّر شركة الأبحاث New Street Research أن عدد المشتركين في خدمات الإنترنت الثابت سيتراجع بنحو 250 ألف مشترك هذا العام، في أول انخفاض من نوعه على الإطلاق.
ويعود السبب الرئيسي إلى صعود البدائل اللاسلكية، مثل الإنترنت عبر الأقمار الصناعية وخدمات الاتصال اللاسلكي الثابت (FWA).
“ستارلينك” تقود المنافسة من الفضاء
تُعد خدمة Starlink أبرز هذه البدائل، حيث تعتمد على آلاف الأقمار الصناعية منخفضة المدار لتوفير الإنترنت حتى في أكثر المناطق عزلة.
وتتوقع شركة الأبحاث CCS Insight أن يصل عدد المشتركين في الإنترنت عبر الأقمار الصناعية إلى 350 ألف مستخدم في بريطانيا بحلول عام 2029، ارتفاعًا من نحو 100 ألف حاليًا، أي ما يعادل 1% من إجمالي السوق.
الإنترنت اللاسلكي الثابت (FWA).. البديل الأرخص
في المقابل، يشهد الإنترنت اللاسلكي الثابت (FWA) نموًا سريعًا، حيث تجاوز عدد المشتركين فيه 700 ألف أسرة حتى الآن.
وتقود شركة Three هذا القطاع، ومن المتوقع أن يتعزز حضورها بعد اندماجها مع شركة Vodafone بقيمة 15 مليار باوند.
ويرى محللو New Street Research أن الكيان الجديد VodafoneThree سيضاعف جهوده في هذا المجال، مستفيدًا من سعات التردد الكبيرة المتاحة لديه، وقدرته على منافسة شركات BT وVirgin Media O2 دون الحاجة إلى استثمارات باهظة في البنية التحتية.
وبحسب توقعات CCS Insight، سيصل عدد المشتركين في خدمات FWA إلى 1.5 مليون مستخدم بحلول عام 2029، أي أكثر من ضعف العدد الحالي.
ويُعزى هذا النمو إلى انخفاض التكلفة، حيث تقدم شركة Three الخدمة بأسعار تبدأ من 21 باوند شهريًا مقارنةً بـ 28 باوند لباقة BT الأرخص.
وترى منصة العرب في بريطانيا (AUK) أن التحولات الجارية في سوق الإنترنت البريطانية تمثل مؤشرًا عالميًا على تغيّر أنماط الاستهلاك الرقمي، حيث يتجه المستخدمون نحو المرونة والتكلفة المنخفضة بدلاً من الاعتماد على البنية التحتية الثابتة.
وترى المنصة أن نجاح بدائل مثل “ستارلينك” أو الإنترنت اللاسلكي الثابت يعتمد على قدرتها على تحقيق التوازن بين السعر والجودة والاستقرار، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الضاغطة.
المصدر: التلغراف
إقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇