العرب في بريطانيا | تقرير بريطاني يكشف التلاعب السياسي في تعريف الإ...

1447 جمادى الأولى 9 | 31 أكتوبر 2025

تقرير بريطاني يكشف التلاعب السياسي في تعريف الإسلاموفوبيا

تقرير بريطاني يكشف التلاعب السياسي في تعريف الإسلاموفوبيا
فريق التحرير October 30, 2025

كشف بحث أكاديمي جديد للناشط والباحث البريطاني إسماعيل آدم باتيل، مؤسس منظمة أصدقاء الأقصى وزميل الأبحاث الزائر السابق في جامعة ليدز، عن انتقادات حادة للحكومة البريطانية، متهمًا إياها بانتهاج سياسة “الإنكار المؤسسي” و”إقصاء المسلمين” في تعاملها مع قضية الإسلاموفوبيا.

البحث الذي يحمل عنوان “سياسات تعريف الإسلاموفوبيا” يرى أن كراهية الإسلام في بريطانيا لم تعد ظاهرة فردية أو خطابًا عابرًا، بل واقعًا اجتماعيًا متفاقمًا تدعمه السياسات الحكومية وخطابات النخبة، بينما تُحرم المجتمعات المسلمة من حقها في المشاركة في صياغة تعريف يعكس معاناتها الحقيقية.

تصاعد مقلق في معدلات الإسلاموفوبيا

يؤكد باتيل أن ظاهرة الإسلاموفوبيا وصلت إلى “مستويات مقلقة”، مستشهدًا بتقارير منظمة Tell Mama التي رصدت أكثر من 6313 حالة اعتداء وتمييز ضد المسلمين عام 2024، بزيادة قدرها 43٪ عن العام السابق.

كما سجلت وحدة رصد الإسلاموفوبيا (IRU) ارتفاعًا هائلًا بنسبة 763 بالمئة في شهر أكتوبر 2024 مقارنة بالعام الذي سبقه، وهو ما ربطته بتداعيات الحرب على غزة.

ويشير البحث إلى أن انتشار الشائعات المضللة، مثل المزاعم الكاذبة التي أعقبت جريمة ساوثبورت عام 2023، فاقم موجات الكراهية ضد المسلمين على مواقع التواصل. كما لفت إلى أن تصريحات سياسيين بريطانيين، مثل تشبيه بوريس جونسون النساء اللواتي يرتدين النقاب بـ”صناديق البريد”، تبعتها زيادة بنسبة 375 بالمئة في الهجمات، كان معظمها ضد النساء المسلمات.

الحكومة ترفض تبنّي تعريف متفق عليه

ينتقد البحث بشدة رفض الحكومات البريطانية المتعاقبة تبنّي تعريف المجموعة البرلمانية المشتركة لشؤون المسلمين في بريطانيا (APPG)، الذي يعرّف الإسلاموفوبيا بأنها “نوع من أنواع العنصرية الجذرية يستهدف مظاهر التعبير عن الهوية الإسلامية الحقيقية أو المتصوَّرة”.

ورغم أن هذا التعريف حظي باعتراف واسع من المجالس المحلية والنقابات العمالية وحزب العمال عندما كان في المعارضة، فإن حكومة العمال الحالية تراجعت عن التزامها وشكّلت هيئة جديدة باسم “شبكة المسلمين البريطانيين” (BMN) برئاسة المدّعي العام المحافظ السابق دومينيك غريف لصياغة تعريف بديل.

هذا القرار، بحسب الباحث، يمثل “تراجعًا سياسيًا” و”محاولة لإعادة اختراع العجلة” بدلًا من الاستماع إلى المنظمات الإسلامية الرئيسة مثل الرابطة الإسلامية في بريطانيا (MCB)، التي أعربت عن “خيبة أملها العميقة” من هذا النهج الإقصائي.

استبعاد المسلمين واستشارة شخصيات متهمة بالكراهية

يفصّل باتيل في دراسته ما يصفه بـ”المهزلة البيروقراطية” في طريقة إعداد الحكومة لتعريف الإسلاموفوبيا. فقد حُدِّدت مساهمات المشاركين في جلسات الاستماع إلى 100 حرف فقط، أي “ما يعادل تغريدة واحدة”، الأمر الذي يجعل أي مشاركة جادة مستحيلة.

كما أشار إلى أن الحكومة منعت منظمات مسلمة راسخة مثل MCB وMEND من المساهمة، بينما استشارت شخصيات وجهات مثيرة للجدل مثل تريفور فيليبس – الذي أُوقف سابقًا عن العمل في حزب العمال بسبب اتهامات بالإسلاموفوبيا – ومراكز فكرية يمينية كـPolicy Exchange والمجتمع الوطني للأمن، المعروفة بمعارضتها لتعريف الـAPPG.

ويشبّه الباحث هذا النهج بـ”تعيين متهمين بالعنف ضد النساء في لجنة لمكافحة العنف الأسري”، في إشارة إلى ما يراه تهميشًا ممنهجًا للمسلمين في قضايا تمس وجودهم وكرامتهم.

التعريف خطوة ضرورية لكنها غير كافية

يقرّ باتيل بأن وجود تعريف رسمي للإسلاموفوبيا يمثل خطوة أساسية نحو المساءلة القانونية، لكنه يؤكد أن ذلك لن يقضي على الظاهرة المتجذّرة في مؤسسات الدولة والمجتمع.

ويستشهد الباحث بسياسات مثل برنامج “بريفنت” وما عُرف بـفضيحة “حصان طروادة” في المدارس البريطانية كمثال على “الإسلاموفوبيا التي ترعاها الدولة”، مشيرًا إلى أن المشكلة تتجاوز الاعتداءات الفردية لتصل إلى مستويات هيكلية وتشريعية.

الجدل السياسي يغذّي الإسلاموفوبيا

يرى البحث أن الجدل السياسي حول تعريف الإسلاموفوبيا أصبح في حد ذاته وقودًا يغذيها. فاستمرار الحكومة في التشاور مع شخصيات متهمة بالكراهية، مع تهميش المؤسسات الإسلامية، يرسل – بحسبه – “رسالة مفادها أن التمييز ضد المسلمين أمر مقبول ومشروع”.

ويضيف أن الخطاب السائد الذي يربط رفض تعريف الإسلاموفوبيا بـ”حماية حرية التعبير” ما هو إلا “سردية مصطنعة” تُقدَّم فيها المسلمون كضحايا غير مستحقين للتعاطف، وهو ما يشكّل بحد ذاته مظهرًا من مظاهر الإسلاموفوبيا البنيوية.

دعوة إلى رفض التعريفات المفروضة والتنظيم من القاعدة الشعبية

يختم باتيل بحثه بدعوة المسلمين في بريطانيا إلى رفض أي تعريف يُفرض عليهم من دون مشاركتهم الحقيقية، مؤكدًا أن العدالة لا تتحقق إلا بمبادرة المجتمعات المحلية ذاتها:

“إن العدالة للمسلمين تبدأ من القاعدة الشعبية. فالتعريفات التي تصوغها الحكومة لن تزيل التمييز، بل وحدها التعبئة المجتمعية والتضامن الداخلي يمكن أن تفتح الطريق نحو المساواة.”

ويؤكد الباحث أن مقاومة الإسلاموفوبيا جزء من نضال أوسع ضد العنصرية والهيمنة بكل أشكالها، داعيًا إلى بناء تحالفات بين المسلمين وغيرهم من الفئات المهمشة لتحقيق تحرّر جماعي وعدالة شاملة.

“الخلاف حول تعريف الإسلاموفوبيا ليس لغويًا ولا أكاديميًا”، يختم باتيل، “بل هو سؤال جوهري: هل يستحق المسلمون في بريطانيا الحماية نفسها التي تُمنح لغيرهم؟

 


اقرأ أيضًا:

اترك تعليقا

آخر فيديوهات القناة