مؤتمر حزب العمال في ليفربول يقرّ وصف ما يجري في غزة بالإبادة

شهد مؤتمر حزب العمال البريطاني (Labour Party Conference) المنعقد في مدينة ليفربول يوم الاثنين 29 أيلول/ سبتمبر 2025 تصويتًا تاريخيًا أقرّ فيه الأعضاء وصف ما تقوم به إسرائيل في قطاع غزة بأنه إبادة جماعية (Genocide)، في خطوة من شأنها زيادة الضغوط السياسية والأخلاقية على حكومة كير ستارمر.
تفاصيل القرار
جاء القرار استجابة لمقترح طارئ تقدّمت به نقابات كبرى مثل «يونيسون» (Unison) و«أسلف» (Aslef)، بعدما فشلت قيادة الحزب في تمرير صيغة أخف كانت تكتفي بالحديث عن “خطر الإبادة” (Risk of Genocide).
التصويت الذي جرى برفع الأيدي كشف عن انقسام واضح بين القاعدة النقابية والوفود من جهة، وقيادة الحزب من جهة أخرى، إذ دعمت القيادة نصًا أكثر رمادية، لكن ثقل النقابات الحليفة نجح في تمرير النص الأكثر وضوحًا.
وبحسب نص القرار، دعا المؤتمر الحكومة البريطانية إلى:
- استخدام كل الوسائل المعقولة (All Reasonable Means) لمنع الإبادة في غزة.
- تعليق صادرات الأسلحة (Suspend Arms Trade) إلى إسرائيل، ووقف اتفاقيات التجارة والشراكة معها.
- ضمان عدم مساهمة أي شركات أو أفراد بريطانيين في أعمال مرتبطة بالإبادة أو داعمة لها.
ورغم أن القرار غير ملزم (Non-Binding) من الناحية القانونية، إلا أنه يمثل تحديًا سياسيًا مباشرًا لقيادة الحزب الحاكم، خاصة وأن رئيس الوزراء كير ستارمر ووزير الخارجية ديفيد لامي أكدا مرارًا أن توصيف الإبادة “من اختصاص المحاكم الدولية” مثل محكمة العدل الدولية (ICJ) في لاهاي، حيث تواجه إسرائيل بالفعل قضية تتهمها بارتكاب إبادة جماعية.
ردود الحكومة البريطانية
عقب التصويت، قال نائب رئيس الوزراء ديفيد لامي، الذي كان وزيرًا للخارجية العام الماضي، إنه يؤمن بـ”النظام القائم على القواعد”، موضحًا أن تحديد مسألة الإبادة يجب أن يُترك للقضاة في محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية (ICC). وأضاف أنه بصفته وزيرًا للخارجية في 2024 كان قد توصّل إلى قناعة بوجود “خطر واضح بأن إسرائيل تنتهك القانون الإنساني الدولي”، واتخذ قرارًا بتعليق مبيعات الأسلحة إليها.
الحكومة البريطانية كانت قد عقبت سابقًا على تقرير لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة بشأن الأراضي الفلسطينية المحتلة بقولها إنها “لم تخلص إلى أن إسرائيل تتصرف بنية الإبادة الجماعية”، رغم اعترافها بوجود “مخاطر جسيمة”.
تقرير الأمم المتحدة
جاء التصويت بعد أيام من تقرير لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة الذي خلص إلى أن إسرائيل ارتكبت أربعة من أصل خمسة أفعال يعرّفها القانون الدولي كجرائم إبادة:
- قتل أعضاء من جماعة.
- إلحاق أذى جسدي ونفسي خطير بهم.
- فرض ظروف معيشية متعمدة تهدف إلى تدمير جماعة ما.
- منع الولادات.
ويُعتبر هذا التقرير أول حكم أممي واضح يصف ما يجري بأنه إبادة، رغم أن منظمات أممية وأكاديميين في مجال دراسات الإبادة كانوا قد اتهموا إسرائيل بذلك قبل صدور التقرير.
من جانبها، هاجمت وزارة الخارجية الإسرائيلية قرار حزب العمال بشدة، وكتبت على منصة X: “بينما يعمل رئيس الوزراء نتنياهو والرئيس ترامب بلا كلل في واشنطن لإنهاء الحرب في غزة، يختار حزب العمال البريطاني تبني حماس وأكاذيبها بالكامل، بما في ذلك حملة الإبادة المزيفة”.
وأضافت: “العالم يقف مع الولايات المتحدة وإسرائيل في جهودهما لإنهاء الحرب. العمال يقف مع حماس. إنه عار على بريطانيا أن يكون هذا هو الحزب في السلطة”.
ردود الفعل داخل الحزب
في المقابل، رحّب ناشطون مؤيدون لفلسطين بالتصويت، واعتبروه انتصارًا رمزيًا مهمًا للقاعدة الحزبية ورسالة مباشرة للحكومة.
أما مجموعة “الحركة العمالية اليهودية” (Jewish Labour Movement) فقد أعربت عن “إحباط شديد” من القرار، زاعمة أنه “أهمل ذكر هجمات 7 أكتوبر” أو الإشارة بشكل كافٍ إلى الأسرى الإسرائيليين الـ48 المحتجزين في غزة، وقالت إن “القرار ليس الطريق إلى حل الدولتين”، حسب قولهم.
أهمية القرار
يأتي هذا التصويت في لحظة سياسية حساسة، إذ يواجه حزب العمال الحاكم ضغوطًا متزايدة من قواعده ونقاباته لاعتماد سياسات أكثر صرامة تجاه أعمال الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي.
ورغم عدم إلزاميته، فإن القرار يفتح الباب أمام تصعيد شعبي وحزبي قد يُترجم إلى خطوات عملية مثل تجميد التعاون التجاري والعسكري مع الاحتلال، ويعزز من مطالب الشارع البريطاني والعربي والمسلم في البلاد لممارسة المزيد من الضغط على نواب البرلمان والحكومة لضمان محاسبة مرتكبي الجرائم في غزة.
المصدر: سكاي نيوز
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇