الأمير هاري يواصل معركته القضائية للحصول على حماية أمنية خلال زياراته لبريطانيا

واصل الأمير هاري معركته القضائية ضد السلطات البريطانية للحصول على حماية أمنية كاملة خلال زياراته للمملكة المتحدة، مؤكدًا عبر محاميه أنّ “سلامته وأمنه وحياته” باتت على المحك في ظل الإجراءات الحالية التي وُضعت له منذ تخلّيه عن مهامه كعضو بارز في العائلة الملكية عام 2020.

وفي جلسات الاستماع التي انعقدت في المحكمة الملكية للعدل بلندن، أوضحت المحامية شهيد فاطمة KC أن وجود الأمير شخصيًا داخل القاعة “يمثل مؤشرًا واضحًا على مدى أهمية هذا الطعن القضائي بالنسبة له ولعائلته”. وأضافت أنّ هناك “بعدًا إنسانيًا لا يمكن تجاهله”، وأن موكلها “يدرك تمامًا أن الإجراءات الأمنية التي خُصصت له أقل مستوى من تلك التي كان يحصل عليها سابقًا، وأنه يعامل بشكل استثنائي لكن دون مبرر عادل أو موضوعي”.

“نهج مخصص” محل انتقاد

الأمير هاري كان قد خسر طعنًا سابقًا في فبراير 2024 ضد قرار حكومي بحرمانه من الحماية الأمنية التلقائية عالية المستوى. ويطعن حاليًا في الأسس التي استندت إليها اللجنة التنفيذية لحماية العائلة الملكية والشخصيات العامة (Ravec)، والتي قررت اعتماد “نهج مخصص” في التعامل مع ملفه الأمني.

وأشارت فاطمة إلى أن اللجنة لم تطلب تقييمًا من هيئة متخصصة ذات خبرة أمنية عند اتخاذ القرار، وإنما اتبعت إجراءً “مفصلًا” جرى تطبيقه دون سند من تقييم مهني مستقل. وقالت إن “موكلها لا يعتقد أن هذا النهج أفضل، بل إنه يراه تمييزيًّا وغير مبرر، ويخالف الممارسات المتبعة في حماية الشخصيات العامة”.

وقد حضر الأمير هاري، البالغ من العمر 40 عامًا، الجلسة الختامية للطعن يوم الأربعاء، حيث رُصد وهو يدوّن ملاحظات على أوراق لاصقة ويتحدث مع فريقه القانوني في هدوء.

وتضمن جزء من الجلسة مداولات مغلقة، تناولت معلومات سرية تتعلق بترتيبات الحماية ومستويات التهديد. وأُعلن أنّ القرار القضائي النهائي سيُصدر في وقت لاحق بشكل كتابي.

وأكدت فاطمة خلال مرافعتها أن استمرار حضور الأمير للجلسات دليل إضافي على “الارتباط العميق بالقضية، والقلق المشروع حيال المخاطر الأمنية التي يواجهها”.

تهديدات ووقائع تثبت خطورة الموقف

وقدّم فريق الدفاع مستندات تؤكد تعرض الأمير هاري لتهديد مباشر من تنظيم القاعدة، الذي دعا في وثيقة منشورة إلى “اغتياله”، زاعمًا أن “مقتله سيكون موضع ترحيب من قبل المسلمين”، وفقًا لنص الوثائق التي وُضعت أمام المحكمة.

كما أشار محاموه إلى حادثة وقعت في مايو 2023، حين تورط الأمير وزوجته ميغان في “مطاردة خطيرة بالسيارة” من قبل مصوري الباباراتزي في مدينة نيويورك. ورغم عدم توجيه تهم رسمية، خلص التحقيق إلى أن سلوك المصورين اتّسم بـ”تجاهل متهور لقوانين المرور وخطورة بالغة واستمرار في التصرفات غير المقبولة”.

في المقابل، دافع ممثل وزارة الداخلية، السير جيمس إيدي KC، عن النهج الذي اعتُمد مع الأمير، مشيرًا إلى أنّ كبار المسؤولين، بمن فيهم رئيس لجنة Ravec ورئيس لجنة إدارة المخاطر، توصّلوا إلى أنّ “الظروف الخاصة” لهاري تقتضي اتباع “مقاربة مصممة خصيصًا” تلائم وضعه بعد مغادرته المنظومة الرسمية.

وقال إن هذه الآلية لا تعني بالضرورة استبعاد الحماية الشخصية الكاملة في جميع الحالات، بل إنها تسعى إلى تأمينها بصورة تراعي طبيعة وجوده في المملكة المتحدة، دون أن تُمنح تلقائيًا كما كان الحال حين كان عضوًا عاملاً في العائلة المالكة.

وفي مرافعاتها المكتوبة، أوضحت الحكومة أنّ “الخلاف الشخصي” الذي يُبديه الأمير هاري حيال ترتيبات حمايته لا يشكل حجة قانونية، مشيرة إلى أنه “يُعامل أصلًا معاملة استثنائية من حيث الإجراءات الأمنية، وأن مشاعره تجاه تلك الترتيبات لا تغير من الأساس القانوني الذي قامت عليه”.

قضية فردية بطابع سيادي

يمثل هذا الطعن القضائي إحدى أبرز المحطات التي تعكس مدى تعقيد العلاقة بين المؤسسة الملكية البريطانية والدولة من جهة، وبين الجوانب الفردية للامتيازات الملكية والاعتبارات السيادية من جهة أخرى.

وتثير القضية تساؤلات عميقة حول آليات الحماية المخصصة لأفراد العائلة المالكة السابقين، ومدى قدرة النظام الأمني البريطاني على التكيّف مع متغيرات الواقع السياسي والاجتماعي في ظل التهديدات العابرة للحدود.

وفي انتظار الحكم النهائي، يبقى السؤال مفتوحًا حول ما إذا كان القضاء البريطاني سيعيد النظر في ترتيبات الحماية الخاصة بالأمير هاري، أم سيؤكد على مبدأ السيادة الأمنية الذي تتشبث به مؤسسات الدولة.