للمرة الأولى في تاريخ بريطانيا.. عدد الطبيبات يتجاوز عدد الأطباء الرجال!

سجّل القطاع الطبي في بريطانيا تحولًا تاريخيًّا، حيث أظهرت بيانات جديدة أن عدد الطبيبات تجاوز عدد الأطباء الرجال للمرة الأولى منذ بدء تسجيل المهن الطبية في البلاد.
وكشف المجلس الطبي العام (GMC) أن عدد النساء المسجلات برخصة ممارسة الطب بلغ 164,440 طبيبة حتى نهاية فبراير، مقابل 164,195 طبيبًا، ما يعني أن النساء يشكّلن الآن 50.04 في المئة من إجمالي الكوادر الطبية في المملكة المتحدة.
ووصفت شخصيات بارزة في القطاع الطبي هذا الإنجاز بأنه محطة مفصلية، لكنها أكدت أن الطريق نحو المساواة المهنية لا يزال طويلًا، داعيةً إلى تطوير برامج التدريب والمسارات القيادية لتعزيز مسيرة الطبيبات المهنية بما ينعكس إيجابًا على جودة الرعاية الصحية.
محطة تاريخية وصعوبات مستمرة

وفي هذا السياق قالت الدكتورة لطيفة باتيل، رئيسة الهيئة التمثيلية في الجمعية الطبية البريطانية: إن المجتمع مطالب بإدراك أن الصورة النمطية للطبيب الرجل أصبحت جزءًا من الماضي.
وأوضحت: “أصبح من الأرجح أن يرى المرضى طبيبة في هيئة الخدمات الصحية الوطنية (NHS) أكثر من رؤيتهم لطبيب”.
وتفاوتت النسب بين دول المملكة المتحدة، حيث تفوقت النساء على الرجال في اسكتلندا وأيرلندا الشمالية، أما في إنجلترا وويلز فلا تزال أعداد الرجال تتفوق، إلا أن المجلس الطبي العام توقع أن تحقق الدولتان التكافؤ قريبًا.
الطريق نحو التوازن

واعتبرت البروفيسورة دام كاري ماكوين، رئيسة المجلس الطبي العام واستشارية طب الأعين، أن هذا التحول يمثل “محطة مهمة”، مؤكدة أن التنوع المتزايد في القوى العاملة الطبية سينعكس إيجابًا على رعاية المرضى.
لكنها نبّهت إلى أن النساء في المجال الطبي يواجهن صعوبات بنيوية تتطلب معالجة عاجلة، سواء في مراحل التدريب أو في أماكن العمل؛ لضمان حصولهن على فرص عادلة في الترقي الوظيفي وتولي المناصب القيادية.
وأشارت البيانات إلى أن نسبة الطبيبات تتفاوت بحسب التخصصات الطبية، حيث تشكل النساء نحو ثلثي العاملين في تخصصي التوليد وأمراض النساء، إضافة إلى هيمنتهن على مجالات طب الأطفال والممارسة العامة.
في المقابل، لا تزال المرأة ممثلة بشكل ضعيف في مجالات الطب المهني، والطب الطارئ، وطب الأعين والجراحة، ما يعكس استمرار الحواجز البنيوية التي تمنع وصول النساء إلى بعض التخصصات.
إرث من النضال والتقدم

منذ افتتاح السجل الطبي للمرة الأولى عام 1859، كانت النساء غائبات تقريبًا عن المشهد الطبي، وبقيت أعدادهن ضئيلة حتى بدأ العدد بالارتفاع التدريجي مطلع القرن العشرين.
لكن مع بداية السبعينيات، شهدت بريطانيا قفزة نوعية في تسجيل الطبيبات، ما مهّد الطريق لتحقيق هذا الإنجاز التاريخي. وفي العام الأكاديمي 2023-2024، شكّلت النساء 60 في المئة من إجمالي الطلبة الجدد في كليات الطب عبر المملكة المتحدة.
وترى الدكتورة باتيل أن زيادة أعداد الطبيبات تعكس تغييرًا ثقافيًّا ملحوظًا، حيث أصبحت الشابات يرين في الطبيبات نماذج يُحتذى بها، ما جعل طموحاتهن المهنية أكثر واقعية.
لكنها حذّرت من أن النظام الحالي لم يُصمم لدعم النساء، مشيرة إلى الصعوبات التي تواجهها الطبيبات في التوفيق بين العمل والحياة الأسرية، خصوصًا في ظل ندرة خدمات الحضانة خارج ساعات العمل.
نحو بيئة عمل أكثر إنصافًا

من جهتها دعت البروفيسورة سكارليت ماكنالي، رئيسة الاتحاد النسائي الطبي والجراحة، إلى إصلاح برامج التدريب بعد التخرج، مشيرة إلى أن ندرة الوظائف التدريبية والتناوب الصارم والأعباء الإدارية المفرطة تشكل عقبات أمام الطبيبات، ولا سيما أثناء الحمل ورعاية الأطفال.
وأكدت ماكنالي أن أدوار القيادة في القطاع الطبي يجب أن تُعلن بخيارات مرنة تتيح مشاركة الأدوار، بما يضمن اختيار أفضل الكفاءات وتعزيز العمل الجماعي.
وقالت: “علينا أن نتوقف عن انتظار فارس خيالي لإنقاذ القطاع الصحي، وأن نعترف بكون الطبيبات طاقة غير مستغلة يمكنها إحداث تغيير جذري”.
إقرأ أيّضا
- 7 نصائح ذهبية لضمان استماع طبيبك لك أثناء الفحص
- انتصار الطبيبة منة علوان على الداخلية البريطانية
- د. محمد طاهر: الطبيب البريطاني الذي تخلى عن مستقبله لإنقاذ جرحى غزة
الرابط المختصر هنا ⬇