مطالب بالإفراج عن بريطاني من أصول عربية بعد اعتقاله في السعودية

بينما يتحضّر الرئيس الأميركي دونالد ترامب للقاء مرتقب في الرياض مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، في إطار ما وصفاه بـ”العصر الذهبي” للشراكة التجارية، يتعرض مواطن بريطاني من أصول عربية لخطر الحكم عليه بالسجن بسبب تغريدة، وسط تنديد متزايد من منظمات حقوقية وانتقادات لغياب الشفافية في محاكمته.
محاكمة غامضة وتواصل محدود
أحمد الدوش، وهو أب لأربعة أطفال ومقيم في مدينة مانشستر البريطانية، وسبق أن عمل محللًا ماليًا في “بنك أوف أميركا”، يواجه خطر تمديد احتجازه في السعودية وسط غموض بشأن طبيعة التهمة الموجهة إليه، وفق ما أكدته محاميته البريطانية هايدي ديكستال. ومن المقرر مثوله أمام المحكمة المتخصصة في الرياض يوم الإثنين، دون وضوح ما إذا كانت الجلسة ستنتهي بإصدار حكم.
وقالت ديكستال، وهي محامية دولية من مكتب “33 بيدفورد رو تشامبرز” وتتولى الدفاع عنه، إن موكلها لم يُمنح محاميًا سعوديًا يختاره بنفسه، وتُقيَّد قدرته على التواصل مع عائلته، كما يُمنع من الحديث حول جلسات المحاكمة أو ظروف احتجازه.
وحذّرت ديكستال من أن السلطات السعودية تخرق مبادئ القانون الدولي، موضحة أن “القانون الدولي ينص على حق المحتجز في إبلاغه بسرعة بأسباب الاعتقال والتهم الموجهة إليه، بما في ذلك النصوص القانونية التي استُند إليها، والوقائع والأدلة التي تبررها”. وأضافت: “رغم مرور أكثر من 3 أشهر على التوقيف، واقتراب المحاكمة من نهايتها، لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت التغريدة المحذوفة تشكل أصلًا دليلًا للتهم الموجهة إليه. هذا ينتهك أبسط قواعد العدالة ويضاعف من حجم الانتهاكات الأخرى التي تعرض لها”.
وتشير منظمات حقوقية إلى أن اعتقال الدوش جاء إثر نشره تغريدة تتعلق بالحرب في السودان، إضافة إلى صلته الشخصية بنجل معارض سعودي. وأكدت أسرته أن العلاقة لم تكن سياسية ولا تضمّنت أي أحاديث حول الشأن العام.
زوجة الدوش، أمهار نور، تعيش حالة من القلق والانهيار النفسي، خاصة أنه كان المعيل الوحيد للعائلة، وقد عانت من انقطاع شبه تام في التواصل معه منذ اعتقاله، كما أن السلطات لم تسمح بأي تواصل حتى نوفمبر الماضي.
وأفادت العائلة بأن أحمد اعتُقل في 31 أغسطس 2024 أثناء استعداده لمغادرة مطار الملك خالد الدولي برفقة زوجته وأطفاله الثلاثة، عائدًا إلى بريطانيا. وبناءً على رغبته، عادت عائلته – وبينهم زوجته الحامل آنذاك – إلى المملكة المتحدة، في حين احتُجز هو في المطار، ولم يُسمح له بحضور جلسة محاكمة أو تلقي زيارة قنصلية إلا بعد أكثر من شهرين.
ردود متباينة من لندن
ورغم أن وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي أجرى اتصالًا هاتفيًا بنظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان، فإن الجانب البريطاني لم يكشف ما إذا كانت القضية قد طُرحت في المكالمة. من جهتها، قالت وزارة الخارجية السعودية إن الاتصال قد جرى لكنها لم تصدر أي تصريح بشأن قضية الدوش.
وفي رد رسمي تلقته منظمة “ريبريف” الحقوقية التي تتولى متابعة القضية، أبلغ مسؤول في وزارة الخارجية البريطانية أن “الحكومة لا تستطيع التدخل في الإجراءات القضائية لدولة ذات سيادة”، مضيفًا أن الوزارة “لا يمكنها إخراج مواطنين بريطانيين من السجن”، وأنها تدرك “حجم المعاناة التي تعيشها العائلة”.
وأكدت الخارجية البريطانية أن طاقمها الدبلوماسي في الرياض عبّر مرارًا للسلطات السعودية عن قلقه من ظروف احتجاز الدوش، لكنها أضافت أن مشاركة تفاصيل القضية تتطلب موافقة القاضي، وهو ما حاول محامو الدفاع الحصول عليه دون نتيجة، بحسب ما أفادت به العائلة.
حرية التعبير في مهب القوانين الأمنية
قضية أحمد الدوش أعادت إلى الواجهة الجدل المتكرر بشأن استخدام السلطات السعودية لقوانين مكافحة الإرهاب لتقييد حرية التعبير، لا سيما عبر منصات التواصل الاجتماعي. وتتهم منظمات دولية الرياض بتوظيف هذه القوانين لمعاقبة أفراد على خلفية منشورات أو علاقات شخصية لا تتصل بأي نشاط سياسي أو تنظيمي.
ورغم مرور أشهر على احتجازه، لم تُصدر الحكومة السعودية حتى الآن أي بيان رسمي بشأن القضية، في وقت تزداد فيه الضغوط الدولية للمطالبة بتوفير ضمانات المحاكمة العادلة والإفراج الفوري عنه.
المصدر الغارديان
إقرأ أيّضا
الرابط المختصر هنا ⬇