استطلاع “يوغوف”: حزب الإصلاح يقلب الموازين ويجلب نهاية النظام الحزبي التقليدي

في وقت يتصاعد فيه الغضب الشعبي تجاه النخبة السياسية البريطانية، تشير بيانات حديثة إلى أن حزب الإصلاح اليميني المتطرف (Reform UK) بات يتقدّم بثبات ليملأ فراغًا سياسيًّا خلّفته الأحزاب التقليدية، وعلى رأسها المحافظون والعمال.
استطلاع أجراه مركز “YouGov” في مايو 2025، كشف أن 44 في المئة من البريطانيين باتوا يعتبرون “Reform UK” حزبًا رئيسًا، بعدما لم يكن يحظى بهذه الصفة إلا لدى 19 في المئة في منتصف 2024. هذا التحول الكبير في المزاج العام يعكس صعودًا غير مسبوق لحزب أُسِّس على أنقاض حزب “بريكست”، ويقوده وجه سياسي مثير للجدل: نايجل فاراج.
كسر احتكار “الكبار”
منذ الحرب العالمية الثانية، ظل المشهد السياسي البريطاني محكومًا بثنائية حزب العمال والمحافظين. لكن النتائج الأخيرة توحي بأن نظام الحزبين يترنّح. ويرى 37 في المئة فقط من البريطانيين أن الحزبين سيظلان على رأس السياسة البرلمانية خلال العقد المقبل، في حين يرى 39 في المئة أن أحدهما -أو كليهما- سيتراجع عن موقعه بحلول عام 2035.
اللافت أن مناصري حزب الإصلاح أنفسهم كانوا الأكثر تشكيكًا في مستقبل الحزبين التقليديين؛ إذ يرى 44 في المئة منهم أن العمال والمحافظين سيتراجعون، مقارنة بـ11 في المئة فقط يعتقدون ببقائهما في الصدارة.
شعبية تتجاوز القاعدة اليمينية
وإذا كان متوقعًا أن يحظى حزب الإصلاح بدعم المحافظين الساخطين، فإن اللافت هو تمدده نحو شرائح أخرى. فـ52 في المئة من أنصار المحافظين باتوا يرون فيه حزبًا رئيسًا، وثلث مناصري العمال (33 في المئة) يعترفون الآن بمكانته المتصاعدة، ما يدلّ على أن الحزب لم يعد مجرد “ملاذ للغاضبين”، بل بات مشروعًا سياسيًّا بديلًا.
رغم صعوده السريع، تبقى تساؤلات تحيط بمستقبل الحزب. 43 في المئة من البريطانيين يعتقدون أن “Reform UK” سيستمر بوصفه قوة سياسية خلال السنوات العشر المقبلة، مقابل 36 في المئة يرونه ظاهرة مؤقتة ستختفي. هذه النسبة، وإن كانت مرتفعة مقارنة بأحزاب ظهرت واختفت، تعكس أن الحزب لا يزال في اختبار الزمن.
من رحم السخط إلى الصدارة
صعود “Reform UK” لا يُفهم في سياق الأرقام فقط، بل في ضوء أزمة تمثيل سياسي أعمق تعصف ببريطانيا. فبعد “بريكست”، وأزمات الاقتصاد والتضخم، باتت شريحة واسعة من البريطانيين تبحث عن منبر بديل يُعبر عن قضاياها دون مواربة، ويُجدد دماء الحياة السياسية.
فهل ينجح حزب الإصلاح في ترجمة هذا الزخم الشعبي إلى نفوذ مؤسسي، رغم آراء أعضائه المتطرفة؟ وهل يستطيع اختراق جدران نظام انتخابي مصمم أصلًا لحماية الكبار؟
السنوات المقبلة كفيلة بالإجابة، لكن المؤكد حتى اللحظة أن “Reform UK” لم يعد هامشيًّا، بل بات لاعبًا محوريًّا يعيد تشكيل الخريطة السياسية لبريطانيا، وعلى العمال والمحافظين التحرك لأجل وقفه عند حده.
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇