استطلاع: الخلفية الاجتماعية ما زالت تؤثر على فرص النجاح المهني ببريطانيا
تكشف دراسة جديدة أجرتها كو أوب (Co-op)، وهي مؤسسة بريطانية تنشطة في قطاع البيع بالتجزئة تتبنى نهجًا مجتمعيًا في إدارة أعمالها، عن خلل مقلق في سوق العمل البريطاني، إذ تبيّن أن خلفية الفرد الاجتماعية — من لهجته إلى دخل والديه أو نوع المدرسة التي التحق بها — لا تزال تؤثر كثيرًا في فرصه المهنية.
وبيّنت النتائج أن واحدًا فقط من كل ثلاثة أشخاص يعتقد أن أصحاب العمل يهتمون فعلًا بمبدأ الحراك الاجتماعي، وهو ما يمثل إشارة تحذير خطرة لدولة تسعى إلى إعادة بناء اقتصادها ونموها.
الحراك الاجتماعي ليس مجرد عدالة، بل اقتصاد

المسألة لا تتعلق بالإنصاف فحسب، بل بالاقتصاد أيضًا. فقد أظهرت دراسة سابقة بالتعاون مع مؤسسة ديموس (Demos) أن ضعف الحراك الاجتماعي يكلف بريطانيا نحو 19 مليار باوند سنويًّا من الإنتاجية المفقودة؛ لأن ضياع الكفاءات يعني ضياع الأداء.
المشكلة ليست دائمًا في التمييز الصريح، بل في “العادات الصامتة” التي تكافئ المظهر على الموهبة: من يشعر بالانتماء، ومن يحصل على التوجيه غير الرسمي، ومن يملك الثقة للتقدم إلى الترقية. هذه الانحيازات لا تعرقل الأفراد فحسب، بل تحدّ من أداء الشركات نفسها.
الفجوة والحل
سعت مؤسسة كو أوب إلى الفهم والعمل، فأصبحت أول جهة في قطاع البيع بالتجزئة تنشر تقريرًا عن فجوة الأجور الاجتماعية والاقتصادية، ما أتاح لها تحليل البيانات لتحديد العوائق الحقيقية ووضع خطط لمعالجتها. واستخدمت هذه المعطيات لتعزيز برامج الإرشاد والتدريب ومسارات الترقّي للموظفين من خلفيات منخفضة الدخل.
لكن كو أوب أكدت أن مواجهة المشكلة لا يمكن أن تظل جهدًا طوعيًّا من بعض المؤسسات، بل يجب أن تلتزم جميع الجهات بقياس ونشر بيانات الخلفية الاجتماعية للعاملين فيها؛ لمعرفة أين تحقق التقدم وأين لم يتحقق.
أدوات جديدة لتعزيز العدالة في فرص العمل

أطلقت مؤسسة كو أوب موردين مجانيين للمساعدة في سد الفجوة:
- دليل أصحاب العمل للحراك الاجتماعي: يقدم خطوات عملية لجمع البيانات وتصميم عمليات توظيف أكثر عدالة وتطوير فرص الترقّي للجميع.
- دليل التوظيف (Employability Toolkit): منصة رقمية مجانية لدعم الفئات التي تواجه صعوبات في العمل، من الشباب إلى العائدين من انقطاع واللاجئين؛ لبناء الثقة وتعلّم مهارات الاستعداد لسوق العمل.
وقد تمت مشاركة هذه الأدوات مع أكثر من سبعة ملايين عضو في كو أوب، ومع شركاء مثل صندوق أكاديميات كو أوب ومبادرة (Levy Share)، التي ساهمت حتى الآن في توفير أكثر من 3800 فرصة تدريب مهني، ثلثاها في أكثر المناطق حرمانًا.
الفجوة بين الموهبة والفرصة

تؤكد الدراسة أن على بريطانيا -إن كانت جادة بشأن النمو الاقتصادي- أن تجعل الحراك الاجتماعي جزءًا أساسيًّا من استراتيجيتها الاقتصادية، لا مجرد بند في سياسات الموارد البشرية.
فالخلفية الاجتماعية يجب ألا تحدد مستقبل أي شخص؛ لأن الموهبة موجودة في كل مكان، لكن الفرص ليست كذلك، وهذه الفجوة لم يعد بوسع بريطانيا تحمّلها.
قضية تنموية واقتصادية
تشير منصة العرب في بريطانيا (AUK) إلى أن قضية الحراك الاجتماعي لم تعد شأنًا أخلاقيًّا فحسب، بل باتت قضية تنموية واقتصادية تمس جوهر العدالة في المجتمع البريطاني. فإعادة توزيع الفرص لا تقتصر على الفوارق الطبقية أو الاقتصادية، بل تشمل أيضًا التنوّع الاجتماعي والثقافي والعرقي الذي يميّز بريطانيا الحديثة. وترى المنصة أن بناء اقتصاد أكثر شمولًا يتطلّب فتح المجال أمام جميع الفئات والخلفيات للمشاركة في الإنتاج وصنع القرار، بما يضمن إطلاق الطاقات الكامنة في المجتمع وإعادة الثقة في عدالة النظام الاقتصادي.
المصدر: LBC
اقرأ أيضا
الرابط المختصر هنا ⬇
