كيف ستكون بريطانيا تحت رحمة الأسعار العالمية للغاز خلال السنوات المقبلة ؟

فريق التحرير September 5, 2022

تسعى المملكة المتحدة إلى تأمين مصادر بديلة للغاز الروسي هذا الشتاء من خلال استيراد الغاز الطبيعي المُسال من الولايات المتحدة وإعادة فتح منشأة لتخزينه، ولكنها ستبقى تحت رحمة الأسعار العالمية للغاز خلال السنوات المقبلة!

بريطانيا تحت رحمة الأسعار العالمية للغاز!

أعلنت شركة غازبروم الروسية الأسبوع الفائت توقف خط ضخ الغاز إلى أوروبا “نورد ستريم1” عن العمل إلى أجل غير مُسمّى، في خطوة وُصفت بأنها معركة “كسر العظم” بين روسيا والغرب على خلفية الحرب في أوكرانيا.

ونتيجة للقرار الروسي تحاول الدول الأوروبية إيجاد مصادر بديلة للغاز الروسي، ما يُثبت أنها لا تزال إلى حدٍّ كبير تحت رحمة التغيرات في العرض والطلب في سوق الغاز العالمية.

ومن المرجح أن يتسبب القرار الروسي أيضًا في استمرار تقلّب أسعار الغاز العالمية، وأن يكون الانخفاض الأخير في أسعار الغاز في أوروبا مؤقتًا حتى يتوفر المزيد من الإمدادات.

وعلى الرغم من حصول بريطانيا على نحو نصف إمداداتها السنوية من الغاز من احتياطاتها في بحر الشمال وعلى 60 في المئة من طاقتها من مصادر الطاقة المتجددة، فإنها تعتمد أيضًا على الأسواق العالمية، وتُحدّد أسعار الكهرباء حاليًّا وفقًا لأسعار الغاز العالمية.

جدير بالذكر أن بريطانيا تستخدم الغاز على نطاق واسع؛ ففي عام 2021 استُخدم الغاز الطبيعي في توليد 40 في المئة من الكهرباء وفي تدفئة أكثر من 80 في المئة من المنازل في بريطانيا، إلى جانب استخدامه في قطاع الصناعة بوصفه مصدرًا للحرارة.

سوق عالمية للغاز الطبيعي المُسال

هذا ويُنقل الغاز الطبيعي بطريقتين معروفتين:

♦ يُحوّل الغاز من الحالة الغازية إلى الحالة السائلة، ومن ثَمّ يُنقل عبر السيارات أو السفن أو عبر ناقلات خاصة.

♦ يُنقل الغاز عبر أنابيب تمتد من آبار الإنتاج إلى الدول المُستهلِكة أو المُستورِدة، وفي هذه الحالة يُحوَّل أيضًا من الحالة الغازية إلى الحالة السائلة.

وفي الماضي كانت تجارة الغاز الدولية تعتمد اعتمادًا أساسيًّا على خطوط الأنابيب، ولكن ظهور الغاز الطبيعي المُسال خلال العقد الماضي غيّر هذا المفهوم وأدى إلى إنشاء سوق عالمية مترابطة للغاز الطبيعي المُسال.

ويُعَد إنتاج الغاز الطبيعي المسال عملية مكلفة ومعقدّة؛ إذ يحتاج إلى خطوط إمدادات بمليارات الدولارات من مصانع التسييل (تبريد الغاز لتحويله من الحالة الغازية إلى الحالة السائلة)، بالإضافة إلى سفن متخصصة ومحطات لتخزين الغاز الطبيعي المُسال قبل تحويله من جديد إلى الحالة الغازية من أجل توليد الطاقة أو ضخّه عبر الأنابيب.

هذا وتتصدّر كل من قطر وأستراليا قائمة منتجي الغاز المُسال عالميًّا وتأتي الولايات المتحدة في المرتبة الثانية، وفي المقابل تُعَد الصين واليابان وكوريا الجنوبية والدول الأوروبية من أهم مستوردي الغاز المُسال.

وفي العادة تلجأ الدول الآسيوية مثل اليابان لإبرام عقود طويلة الأجل مع الدول المُصدِّرة، ولكن الدول الأوروبية تميل للعقود القصيرة الأجل (أربع سنوات أو أقل) للاستفادة من الأسعار المنخفضة، ما يُعرِّضها لتقلّب أسعار الغاز العالمية مع اختلاف العرض والطلب كما هو الحال الآن.

القيود الروسية

أصبحت إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا متقلبة بشكل متزايد منذ غزو روسيا لأوكرانيا في أواخر فبراير 2022. كذلك استخدمت روسيا أساليب عدّة للضغط على الدول الأوروبية، مثل: قطع إمدادات الغاز عن الشركات التي لا تدفع بالروبل، ووقف إمدادات الغاز عبر خط “نورد ستريم 2” ومؤخّرًا عبر خط “نورد ستريم 1”.

وتتوقع وكالة الطاقة الدولية أن تُلبّي روسيا 25 في المئة من طلب الاتحاد الأوروبي على الغاز في الأشهر المتبقية من عام 2022، ولكن المخاوف من أن توقف روسيا الإمدادات كُليًّا دفع الدول الأوروبية إلى خفض اعتمادها على الغاز الروسي على وجه الخصوص، والتحوّل إلى تخزين الغاز الطبيعي المُسال المستورد لفصل الشتاء المقبل.

الارتفاع الصاروخي في أسعار الغاز العالمية

ومع انخفاض الإنتاج في بحر الشمال تستورد بريطانيا الآن نحو نصف الغاز الذي تستهلكه. وعلى الرغم من أنها تمتلك محطات وخطوط أنابيب كافية لاستيراد الغاز الذي تحتاج إليه، فإنها تفتقر إلى مساحة تخزين كبيرة. (Provigil)

لذا تخطط بريطانيا لإعادة فتح أكبر منشأة لتخزين الغاز كانت قد توقفت في عام 2017، وإلى حين تحقيق ذلك فهي مضطرة إلى الاعتماد على إبرام عقود قصيرة الأجل لاستيراد الغاز الطبيعي المُسال وتحمّل ارتفاع أسعاره لعدة سنوات.

ولكن التوقعات تُشير إلى أن زيادة الإمدادات العالمية للغاز الطبيعي المُسال بعد عام 2025 وزيادة الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة قد تُساهمان في حل أزمة الطاقة.