احتجاج عالمي غير مسبوق: 250 وسيلة إعلامية تتحرك معًا لوقف قتل الصحفيين في غزة

شهد العالم حدثًا غير مسبوق في تاريخ الصحافة الحديثة، حين توحدت أكثر من 250 وسيلة إعلامية من 70 دولة عبر القارات، في تحرك مشترك لوقف قتل الصحفيين في غزة والمطالبة بفتح أبواب القطاع أمام الإعلام الدولي. بقيادة مراسلون بلا حدود (RSF) وآفاز والاتحاد الدولي للصحفيين (IFJ)، تحولت الصفحات الأولى للصحف إلى مساحات سوداء تحمل رسالة واحدة، وأوقفت قنوات تلفزيونية وإذاعية بثها لقراءة بيان موحد، فيما حجبت مواقع إخبارية واجهاتها تضامنًا. كان ذلك احتجاجًا جماعيًا غير مسبوق، حمل معه صرخة من كل قاعة تحرير: الصحافة تُقتل في غزة.
تزامن هذا التحرك مع وصول حصيلة الصحفيين الشهداء في غزة إلى أكثر من 210 منذ 7 أكتوبر 2023، لتغدو الحرب هناك الأكثر دموية بحق الإعلاميين في العصر الحديث. ومع استمرار منع الصحافة الأجنبية من دخول القطاع منذ نحو عامين، بقي الصحفيون الفلسطينيون وحدهم في الميدان، يواجهون القصف ليكتبوا الحقيقة.
قال المدير العام لمراسلون بلا حدود تيبو بروتان:
“بهذا المعدل من القتل، قد لا يبقى قريبًا من يُبقي العالم على اطلاع. ما يحدث ليس حربًا على غزة فقط، بل حرب على الصحافة ذاتها.”
“غزة تتحول إلى مقبرة للإعلاميين”
مدير الحملات في منظمة آفاز أندرو ليغون ذهب أبعد من ذلك، فقال:
“غزة تُحوَّل إلى مقبرة للصحفيين عمدًا. حكومة إسرائيل المتطرفة تريد أن تنهي مهمتها في الظلام بعيدًا عن أعين العالم. فإذا صمت آخر الشهود، فلن يتوقف القتل، بل سيمضي بلا رقيب.”
أما الأمين العام للاتحاد الدولي للصحفيين أنطوني بلانجر فأكد:
“كل صحفي سقط في غزة كان زميلًا أو صديقًا أو فردًا من عائلة. لقد خاطروا بكل شيء لينقلوا الحقيقة، ودفعوا حياتهم ثمنًا لذلك. إن حق الناس في المعرفة يُذبح مع كل صحفي يُقتل، ولهذا نطالب باتفاقية دولية ملزمة لحماية الصحفيين.”
أربعة مطالب عاجلة
التحرك جاء أيضًا استجابةً للنداء الذي أطلقته RSF ولجنة حماية الصحفيين (CPJ) في يونيو الماضي، محددًا أربعة مطالب أساسية:
- حماية الصحفيين الفلسطينيين وإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم بحقهم.
- منح الإعلام الدولي وصولًا مستقلًا إلى غزة.
- إجلاء الصحفيين الفلسطينيين الراغبين بالخروج واستقبالهم في دول أخرى.
- ومع انطلاق أعمال الدورة الـ80 للجمعية العامة للأمم المتحدة خلال أيام، دعوة مجلس الأمن إلى تحرك عاجل لوقف جرائم إسرائيل بحق الصحفيين.
المؤسسات المشاركة شملت أسماء بارزة من الشرق والغرب، بينها: الجزيرة (قطر)، الإندبندنت (المملكة المتحدة)، ميديابارت (فرنسا)، فرانكفورتر روندشاو (ألمانيا)، RTVE (إسبانيا)، لومانيتيه (فرنسا)، ذا نيو أراب (المملكة المتحدة)، درج (لبنان)، الإنترسبت برازيل، بوبليكا (البرازيل)، لو سوار (بلجيكا)، ولو ديسك (المغرب)، إلى جانب عشرات المنصات الأخرى في آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية.
دم الصحفيين شاهد
آخر الجرائم وقعت في 25 أغسطس حين قصفت القوات الإسرائيلية مجمع ناصر الطبي – المعروف بكونه مركز تجمع للصحفيين – فاستشهد خمسة منهم، بينهم مراسلون لـرويترز وأسوشييتد برس. وقبلها بأسبوعين فقط، قُتل ستة آخرون في غارة واحدة، بينهم مراسل الجزيرة أنس الشريف.
الرسالة التي رفعتها مئات المؤسسات الإعلامية جاءت بصوت واحد:
“بهذا المعدل من قتل الصحفيين في غزة على يد الجيش الإسرائيلي، لن يبقى قريبًا من يمدّكم بالحقيقة.”
لم يعد الأمر مجرّد احتجاج عابر أو بيان تضامن، بل تحوّل إلى انتفاضة إعلامية عالمية أكدت أن استهداف الصحفيين في غزة ليس مجرد هجوم على أفراد، بل هو اعتداء سافر على الحقيقة نفسها، وعلى حق الإنسانية في المعرفة.
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇