إمام يستقيل من منصبه الجامعي احتجاجًا على إلغاء فعالية فلسطينية

في خطوة أثارت جدلاً واسعًا في الأوساط الأكاديمية والمجتمعية، أعلن الإمام والمُرشد الديني سليم سيدات استقالته من منصبه في كلية بلاكبيرن (Blackburn College)، وذلك احتجاجًا على قرار إدارة الكلية إلغاء فعالية كان من المقرر تنظيمها تحت عنوان “يوم التوعية بفلسطين”، دون تقديم أي تفسير رسمي لهذا الإجراء.
الإمام سيدات، الذي ظل في هذا المنصب لمدة 13 عامًا، كان يُعد شخصية بارزة في الحرم الجامعي، حيث تولى تنظيم وإمامة صلاة الجمعة، بالإضافة إلى تقديم الدعم النفسي والرعاية الطلابية لمختلف شرائح الطلبة.
كما كان يُعرف بدوره الفاعل في تعزيز الحوار بين الأديان وتوفير بيئة شاملة لجميع الطلاب، بغض النظر عن خلفياتهم الدينية أو الثقافية.
الكلية تدافع عن قرارها استنادًا إلى تعليمات وزارة التعليم
بررت إدارة كلية بلاكبيرن قرارها بالاستناد إلى إرشادات وزارة التعليم البريطانية، التي تُحذر من استضافة فعاليات ذات طابع “سياسي أو تمييزي” حسب قولها.
ووفقًا لبيان صادر عن الكلية، فإن السياسات المعتمدة تهدف إلى ضمان بيئة تعليمية شاملة وآمنة لجميع الطلاب، مع الحفاظ على الحياد تجاه القضايا السياسية الجدلية.
وجاء في البيان: “الأفراد من خلفيات وثقافات وتجارب متنوعة هم في صميم رسالتنا التعليمية. نحن نلتزم بسياسات الإنصاف والتنوع ونهدف إلى توفير بيئة آمنة وشاملة للجميع.”
ومع ذلك، أوضحت وزارة التعليم لاحقًا أن القرار النهائي بإلغاء الفعالية لم يصدر عن مسؤولي الوزارة بشكل مباشر، بل كان قرارًا مستقلًا من إدارة الكلية، ما زاد من حدة الجدل بشأن دوافع الإلغاء.
استقالة احتجاجية ورسالة مفتوحة
في منشور مطول نُشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي مساء الأربعاء، أعلن الإمام سيدات استقالته، معبرًا عن استيائه من القرار، مؤكدًا أن الكلية لم تقدم أي مبرر منطقي لإلغاء الفعالية. وقال في رسالته: “قبل عطلة عيد الميلاد بأسبوع، أُبلغت بأن مقترح تنظيم يوم التوعية بفلسطين قد تم رفضه دون تفسير.”
وأضاف أن الفعالية كان من المقرر أن تستضيف متحدثًا فلسطينيًا بارزًا معروفًا بمشاركته المنتظمة في الفعاليات التعليمية والاجتماعية داخل بريطانيا، حيث كان الهدف من الفعالية هو نقل تجارب الضحايا من غزة وتقديم منظور إنساني بعيد عن النزاعات السياسية.
وأشار الإمام سيدات إلى أن إدارة الكلية، وعلى الرغم من علمها المُسبق بالتخطيط للفعالية، ألغت الحدث بشكل مفاجئ.
كما انتقد التناقض في مواقف الإدارة، موضحًا أنه طُلب منه في السابق تقديم تدريبات للموظفين حول كيفية التعامل مع النزاعات وتبني الحوار الإيجابي كجزء من التطوير المهني المستمر، إلا أن تلك التوجيهات تم تجاهلها عند اتخاذ قرار الإلغاء.
تصعيد القضية إلى مجلس مساجد لانكشاير
في ظل تصاعد الجدل حول هذه القضية، صرّح الإمام سيدات بأنه قام برفع المسألة إلى مجلس مساجد لانكشاير (Lancashire Council of Mosques – LCM)، وهو الجهة التي كانت قد أوصت بتعيينه في منصبه لضمان تمثيل المجتمع المحلي ضمن الأطر القانونية وسياسات الكلية.
وأوضح في بيانه أن استقالته جاءت نتيجة شعوره بالعجز أمام ما وصفه بـ”تقييد حرية التعبير الإسلامي” داخل الحرم الجامعي، مضيفًا: “وجدت نفسي دون أي بديل فعّال للتعامل مع هذه القضية ذات الأهمية العامة، وهو ما دفعني إلى اتخاذ قرار الاستقالة.”
ردود الأفعال وتأكيد على الشمولية
من جانبها، أكدت إدارة كلية بلاكبيرن التزامها بقيم التنوع والشمول، مشيرة إلى أن قرار إلغاء الفعالية لم يكن بدافع التمييز بل استند إلى السياسات المتبعة لمنع إقامة فعاليات يُحتمل أن تكون ذات طابع سياسي قد يؤدي إلى انقسام داخل المجتمع الجامعي.
وشددت الكلية على تعاونها مع منتدى الأديان في بلاكبيرن وداروين (Blackburn with Darwen Interfaith Forum) ومؤسسات مجتمعية أخرى لضمان بيئة يسودها الاحترام المتبادل بين جميع الفئات.
تقييم هيئة أوفستد يسلط الضوء على التميز المؤسسي
في أحدث تقرير صادر عن هيئة أوفستد (Ofsted)، حصلت كلية بلاكبيرن على تصنيف “جيد”، حيث أثنى المفتشون على جهود إدارة الكلية في تعزيز ثقافة “متماسكة ومنسجمة.”
كما حصلت على تقييمات “ممتازة” فيما يتعلق بالسلوك والمواقف الإيجابية للطلاب، وكذلك في برامج التنمية الشخصية والتعليم المخصص للشباب والكبار.
وفي تعليقها على القضية، أكدت وزارة التعليم أن القرار كان بالكامل بيد إدارة الكلية، موضحة أن الوزارة لم تتدخل في إلغاء الفعالية، وتركت الأمر لإدارة الكلية للبت في مثل هذه القرارات وفقًا لسياستها الداخلية.
المصدر: asianimage
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇