إلغاء ترحيل أول دفعة من اللاجئين من بريطانيا إلى فرنسا لهذا السبب
في انتصار يُحسب لحملات المجتمع المدني والضغط الشعبي، أُلغيت في اللحظات الأخيرة أول رحلة ترحيل مهاجرين الواصلين عبر القوارب بموجب خطة حكومة كير ستارمر الجديدة المعروفة بـ”واحد يدخل، واحد يخرج”، بعد موجة احتجاجات وتهديدات برفع دعاوى قضائية.
حسب ما ورد، كان من المقرر ترحيل مهاجر واحد على متن رحلة ركاب تابعة للخطوط الجوية الفرنسية (Air France) من مطار هيثرو إلى باريس يوم الإثنين، لكن الرحلة أُجّلت بعد تدخل منظمات حقوقية وتعبئة إلكترونية واسعة. وتُعدّ هذه الخطوة انتكاسة لرئيس الوزراء كير ستارمر الذي يسعى إلى تطبيق الاتفاق الجديد مع فرنسا لإظهار الحزم في مواجهة عبور القناة وسط تزايد الاحتجاجات العنصرية المعادية للمهاجرين.
ضغط شعبي وحملات إلكترونية
قادت منظمات خيرية بريطانية وفرنسية حملة مكثفة لإغراق شركة الطيران بالاتصالات ورسائل البريد الإلكتروني ومنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي، دعتها خلالها لعدم التعاون مع وزارة الداخلية في ترحيل المهاجرين.
وقال متحدث باسم منظمة Auberge des Migrants، الداعمة للمهاجرين في شمال فرنسا:
“شارك المئات في هذه الحملة وأرسلوا رسائل تطالب بوقف التعاون مع الحكومة، والنتيجة أننا نجحنا في إيقاف الرحلة.”
مسار قانوني يزداد تعقيدًا
المحامون الذين يتولون الدفاع عن نحو 90 مهاجرًا عبروا القناة منذ بداية آب/أغسطس يستعدون للطعن في قرارات ترحيلهم استنادًا إلى حقوقهم في الحياة الأسرية بموجب المادة الثامنة من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، وكذلك على أساس حالات الاتجار بالبشر أو الأوضاع الصحية والنفسية لبعضهم.
وكان حكم سابق ضد خطة الحكومة السابقة لترحيل المهاجرين إلى رواندا قد فرض على وزارة الداخلية منح فترات زمنية كافية لاستشارات قانونية قبل تنفيذ أي ترحيل، مما أدى إلى إبطاء الإجراءات واللجوء إلى رحلات تجارية صغيرة يومية بدلًا من رحلات مستأجرة جماعية.
استقبال مؤقت وتشجيع على العودة الطوعية

وبحسب ديدييه ليشي، المدير العام لمكتب الهجرة والاندماج الفرنسي، فإن المهاجرين الذين سيُعادون إلى فرنسا سيُنقلون أولاً إلى فنادق ثم إلى مراكز استقبال يمكنهم الدخول والخروج منها بحرية، مع تشجيعهم على قبول برامج “العودة الطوعية” إلى بلدانهم الأصلية. وأضاف أن من يرفضون العودة ولا يملكون حق اللجوء قد يواجهون أوامر رسمية بمغادرة الأراضي الفرنسية.
رغم أن أعداد المرحّلين ضمن هذه المرحلة التجريبية ما زالت محدودة، تؤكد الحكومة البريطانية نيتها “توسيع نطاق الخطة لتكون رادعة لمحاولات عبور القناة”. إلا أن الاتفاق مع فرنسا يتضمن بندًا يسمح لأي طرف بإنهائه بعد عام إذا لم يحقق الأهداف المرجوة، وهو ما شددت عليه وزارة الداخلية الفرنسية بوصف الاتفاق بأنه “ما زال في مراحله التجريبية للغاية”.
يأتي هذا التطور في ظل موجة من الاضطرابات التي يقودها اليمين المتطرف في بريطانيا، حيث نظّم تومي روبنسون وآخرون مسيرات حاشدة تطالب بترحيل المهاجرين. لكن إلغاء هذه الرحلة يثبت أن سيادة القانون، وضمانات حقوق الإنسان، والضغط الشعبي ما تزال قادرة على الانتصار على دعوات الشعبوية والعقاب الجماعي. فالقوانين الدولية، واتفاقيات حماية اللاجئين، وتعبئة الشارع، تبقى أدوات أساسية لرفض تحويل المهاجرين إلى أوراق مساومة في الصراع السياسي.
المصدر: التلغراف
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇
