“إلبيت سيستمز” الإسرائيلية تحت المجهر بسبب عقودها مع وزارة الدفاع

تشهد بريطانيا جدلًا متصاعدًا بشأن منح عقد تدريبي ضخم لوزارة الدفاع البريطانية بقيمة تصل إلى ملياري باوند، بعد أن تبيّن أن أحد المناقصين هو اتحاد مثير للجدل يضم شركة الدفاع الإسرائيلية “إلبت سيستمز يو كيه” وشركة الاستشارات العالمية “باين آند كو” (Bain & Co).
ويأتي هذا الجدل في ظل ضغوط سياسية متزايدة على الحكومة البريطانية؛ لتجنب منح العقد لاتحاد يُنظر إليه على أنه يحمل تبعات أخلاقية وسياسية كبيرة، ولا سيما في ظل الأوضاع الإنسانية في غزة.
ومن المتوقع أن تعلن وزارة الدفاع خلال الشهرين القادمين عن المناقص المُختار لعقد يمتد 15 عامًا لتحديث تدريبات القوات المسلحة البريطانية، لكن القرار يواجه مقاومة شديدة على خلفية أحد العرضين النهائيين.
انتقادات اللورد هاين وتحذيراته بشأن النزاهة والمساءلة

وقد ندّد اللورد بيتر هاين، عضو مجلس اللوردات العمالي والناشط المخضرم ضد الفصل العنصري، بإدراج “إلبت سيستمز يو كيه” ضمن الاتحاد المقدم للعطاء، مشيرًا إلى أن الشركة الفرعية تابعة لأكبر مجموعة دفاع إسرائيلية، وتزوّد الجيش الإسرائيلي بطائرات مسيرة استخدمت في هجماته على غزة.
ووصف هاين التسويق العسكري لشركة “إلبت سيستمز” بأنه “مختبر في المعارك” بأنه ادعاء مقلق في ظل الدمار الذي تشهده غزة، مؤكدًا أن العقود الحكومية يجب أن تعكس أعلى معايير النزاهة والشفافية والمساءلة.
كما أشار هاين إلى أن منح أموال عامة بريطانية لشركة “باين آند كو” يعد أمرًا غير مناسب؛ نظرًا لتورط الشركة في فضيحة فساد كبرى في جنوب إفريقيا بين عامي 2015 و2017.
ويأتي هذا التحذير في سياق العدوان الإسرائيلي على غزة، الذي بدأ في الـ7 من تشرين الأول/أكتوبر 2023 وأسفر عن استشهاد أكثر من 60 ألف فلسطيني، إلى جانب تسبب العمليات العسكرية في مجاعة واسعة النطاق ودمار هائل للقطاع.
ووفقًا لرسالة هاين المؤرخة في الـ25 من آب/أغسطس إلى وزير الدفاع جون هيلي، فإن منح هذا العقد سيثبت دور “إلبت سيستمز” في البنية التحتية الدفاعية البريطانية لمدة 15 عامًا، مع آثار خطرة على سمعة الحكومة.
وفي خطوة متصلة، أعلنت الحكومة البريطانية منع المسؤولين الإسرائيليين من حضور معرض الدفاع الرئيس (DSEI UK 2025) المقرر انعقاده في لندن من الـ9 إلى الـ12 من أيلول/سبتمبر، على خلفية العدوان الإسرائيلي على غزة، ولكن يُسمح للشركات الإسرائيلية الفردية بالمشاركة.
سجل “باين آند كو” الفضّي وردود الحكومة البريطانية على المخاوف
ويتنافس الاتحاد الذي يضم “إلبت سيستمز يو كيه” و”باين آند كو” مع اتحاد منافس، “أومنيا ترينينغ”، بقيادة الفرع البريطاني لشركة الدفاع الأمريكية “رايثيون” وبمشاركة شركة “كابيتا”.
وقد أكدت وزارة الدفاع أن المنافسة على مشروع “تحويل التدريب الجماعي للجيش” مستمرة، وهو المشروع الذي يستهدف تطوير تدريب عشرات الآلاف من أفراد الجيش البريطاني.
تجدر الإشارة إلى أن “باين آند كو”، التي تتخذ من بوسطن مقرًّا لها، مُنعت من تقديم عطاءات لعقود الحكومة البريطانية في آب/أغسطس 2022؛ بسبب دورها في فضيحة فساد جنوب إفريقية، قبل أن يُرفَع الحظر عن الشركة بعد ستة أشهر، مع الإبقاء على الحظر عن فرعها في جنوب إفريقيا.
وفي الشهر الماضي، أغلقت “باين آند كو” أعمالها في جنوب إفريقيا؛ نتيجة فضيحة “الاستيلاء على الدولة” التي شهدتها البلاد خلال رئاسة جاكوب زوما، والتي استُنزِفت خلالها وكالات الدولة الرئيسة بفعل الفساد.
وفي وقت سابق من هذا العام، حاول وزير شؤون مجلس الوزراء البريطاني، بات مكفادن، إعادة فرض الحظر على عمل “باين آند كو” مع الدولة البريطانية، لكنه أُبلغ بعدم وجود أي طرق قانونية لذلك دون معلومات جديدة عن القضية.
وأكدت الشركة أنها اتخذت تدابير لتعزيز حوكمتها في العقود العامة منذ عملها مع مصلحة الضرائب في جنوب إفريقيا.
وردًّا على تحذيرات هاين، أكدت الحكومة البريطانية وجود آليات صارمة؛ لضمان منح العقود الحكومية بعدالة وشفافية، بما يشمل العقود الدفاعية واستخدام الشركات الدولية، مع الإشارة إلى أن منع العطاء المقدم من اتحاد “إلبت يو كيه” و”باين آند كو” ليس خيارًا قانونيًّا، إذ إن كلَيهما مؤهل لتقديم العطاءات.
تشير منصة العرب في بريطانيا (AUK) إلى أن الجدل بشأن مشاركة “إلبت سيستمز يو كيه” و”باين آند كو” في العقود الحكومية يسلط الضوء على أهمية مراجعة خلفيات الشركات الأجنبية قبل منحها عقودًا عامة ضخمة، لا سيما تلك المرتبطة بانتهاكات لحقوق الإنسان.
وترى المنصة أن مثل هذه الخطوة تعكس مدى حساسية قرارات الحكومة البريطانية في التعامل مع شركات تتهم بالمشاركة في ارتكاب إبادة جماعية في قطاع غزة، فهذا قد يؤثر على موقف بريطانيا الأخلاقي والإنساني في الساحة الدولية.
المصدر: فاينانشال تايمز
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇