إسرائيل و90 رأسًا نوويًا.. لماذا لا تذكر بي بي سي ذلك في تغطيتها؟

رغم تغطيتها المكثفة للهجمات الإسرائيلية والأمريكية على إيران، أغفلت هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” التطرق الجدي لامتلاك إسرائيل أسلحة نووية، فيما اعتبره خبراء وإعلاميون إخفاقًا مهنيًّا صارخًا وتحيّزًا يخدم الرواية الغربية الرسمية.
وكشف تقرير استقصائي أعدّه موقع (Declassified UK)، أن بي بي سي تجاهلت بشكل منهجي الإشارة إلى الترسانة النووية الإسرائيلية، حتى في سياق تغطية أحداث تُبرّر فيها واشنطن وتل أبيب هجماتهما على إيران بدعوى منعها من امتلاك القنبلة النووية.
بي بي سي تتجاهل الحقائق
وفي الـ13 من يونيو، شنّت إسرائيل غارات على إيران، تبعتها ضربات جوية أمريكية في الـ22 من الشهر نفسه. كلا البلدين برّر الهجمات بأنها لمنع إيران من تطوير سلاح نووي.
لكن المفارقة -التي غابت عن تغطية بي بي سي- هي أن إسرائيل والولايات المتحدة دولتان نوويتان، أما إيران فلا تمتلك حتى الآن أسلحة نووية، بحسَب الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومصادر أخرى.
وحلّل التقرير محتوى 103 مقالات نشرتها بي بي سي بين الـ13 والـ26 من يونيو عن إيران وإسرائيل، إلى جانب 821 مادة قصيرة نُشرت في التغطية الحيّة. فوجد أن السلاح النووي الإسرائيلي لم يُذكَر إلا في 6 مقالات، معظمها بجملة مقتضبة ومتكررة في نهاية التقرير: “يُعتقد على نطاق واسع أن إسرائيل تمتلك أسلحة نووية، لكنها لا تؤكد أو تنفي ذلك”.
مقال واحد فقط -نُشر في الـ18 من يونيو- تضمّن فقرة أطول نسبيًّا ضمن تقرير “أسئلتكم وأجوبتنا”، جاء فيه أن هناك تقديرات تشير إلى امتلاك إسرائيل نحو 90 رأسًا نوويًّا، لكن “لا يمكن التأكد من ذلك”، مع تكرار سياسة الغموض النووي الإسرائيلية.
ترسانة نووية مؤكدة لا تظهر في التغطية
ورغم امتناع إسرائيل عن الاعتراف الرسمي بترسانتها، تؤكد مصادر مستقلة مثل معهد (SIPRI) السويدي أن إسرائيل تمتلك ما لا يقل عن 90 رأسًا نوويًّا، وقد تصل إلى 300، ويُعتقد أن قواتها الجوية والبحرية والبرية جميعها مجهزة بأسلحة نووية.
وتشير تقارير متعددة إلى أن غواصات إسرائيلية حُدّثت لحمل صواريخ نووية، في حين تُظهر صور الأقمار الصناعية أن مفاعل ديمونا النووي في صحراء النقب يشهد تحديثات مستمرة لإنتاج البلوتونيوم.
التقرير أشار إلى أن بي بي سي تواصل تقديم تحليلات تفصيلية عن البرنامج النووي الإيراني، تتضمن خرائط وصورًا وأرقامًا دقيقة، في حين تتجاهل القدرات النووية الإسرائيلية كليًّا، حتى في تقارير تُفترض فيها الموازنة.
ففي مقال بعنوان “التوازن العسكري في الشرق الأوسط”، لم تذكر بي بي سي أن صواريخ كروز الإسرائيلية يمكن أن تصل إلى إيران لمسافة 1500 ميل، وأنها تحمل رؤوسًا نووية تزن 200 كلغ.
أما المراسل الأمني المخضرم فرانك غاردنر، فقد كتب مقالًا بعنوان “سباق التسلح النووي”، دون أن يذكر إسرائيل بين الدول المعنية!
ويرى الأكاديمي البريطاني توم ميلز، المختص في الإعلام، أن بي بي سي تخفق باستمرار في تقديم تغطية محايدة للسياسة الخارجية، وبخاصة عندما يتعلق الأمر بحلفاء بريطانيا. وقال: “حتى عندما تظهر بعض الأصوات النقدية، تبقى الأحداث خارج سياقها الكامل، ويظل الجمهور في النهاية دون فهم حقيقي للواقع”.
ورغم تأكيد بي بي سي لموقع (Declassified) أنها “أشارت إلى قدرات إسرائيل النووية” بهدف تقديم السياق، فقد أظهر التحليل أن هذه الإشارات ضئيلة جدًّا، وتكاد تكون شكلية.
رأي منصة العرب في بريطانيا
ترى منصة العرب في بريطانيا أن التحيّز في التغطية الإعلامية الذي كشفه التقرير لا يُعَدّ أمرًا عابرًا، بل يعكس خللاً عميقًا في كيفية تناول القضايا الدولية من منظور يخدم مصالح الدول الغربية وحلفائها، على حساب المهنية والعدالة في الإعلام.
وتحذّر المنصة من أن غياب التوازن في نقل المعلومات -ولا سيما في القضايا الحساسة كالسلاح النووي في الشرق الأوسط- لا يضلل الرأي العام البريطاني فحسب، بل يُسهم في إيجاد مناخ سياسي غير عادل، يدفع ثمنه الأبرياء في مناطق النزاع.
وتدعو المنصة الإعلام البريطاني إلى مراجعة معاييره التحريرية، وتوسيع دائرة مصادره، والاعتراف بحق الجمهور في معرفة الحقائق كاملة، لا ما يخدم سردية الحكومة أو حلفائها الدوليين فحسب.
المصدر: Declassified UK
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇