رغم العقوبات البريطانية.. مستوطن إسرائيلي يقتل الشاب عودة الهذالين دون محاسبة

في جريمة جديدة تهز الضفة الغربية، قُتل معلم فلسطيني أعزل على يد مستوطن خاضع لعقوبات دولية، لكن سلطات الاحتلال التزمت الصمت وأمعنت في قمع ذويه.
في حادثة تسلط الضوء على إخفاق المجتمع الدولي في منع جرائم الاحتلال، أطلق مستوطن إسرائيلي النار على الشاب الفلسطيني عودة محمد خليل الهذالين، ما أدى إلى استشهاده في قرية أم الخير الواقعة ضمن منطقة مسافر يطّا جنوب الضفة الغربية. الجريمة وقعت يوم الإثنين الـ27 من يوليو، وكان الشاب أعزلَ ولا يشكّل أي تهديد.
وتكتسب هذه الحادثة أهمية خاصة للقارئ العربي في بريطانيا، إذ إن الجاني يُدعى “يينون ليفي”، وهو مستوطن سبق أن فرضت عليه المملكة المتحدة عقوبات، إضافة إلى الاتحاد الأوروبي وكندا. ورغم هذه العقوبات، لا يزال ليفي حرًّا في ممارسة العنف ضد الفلسطينيين، في ظل حماية رسمية من قوات الاحتلال.
معلّم وسينمائي ولاعب كرة قدم.. الرصاصة تصيب وجه فلسطين المدني
الشهيد عودة الهذالين (31 عامًا) كان يعمل مدرسًا للغة الإنجليزية في مدرسة ثانوية محلية، ويُعرف في مجتمعه بنشاطه السلمي، وقد شارك في توثيق معاناة الفلسطينيين عبر عدسته، وساهم في إنتاج الفيلم الوثائقي “لا أرض أخرى”، الحائز على جائزة أوسكار. إلى جانب ذلك، كان لاعبًا في فريق كرة القدم المحلي، وأبًا لثلاثة أطفال.
وثقت مقاطع الفيديو لحظة إطلاق النار، حيث يظهر ليفي وهو يطلق الرصاص نحو الأهالي أثناء اقتحام المستوطنين للقرية، بإسناد من جنود الاحتلال. اللافت أن ليفي لم يُعتقل، بل وُضع قيد إقامة منزلية مؤقتة، في حين اعتُقل عدد من الشبان الفلسطينيين الذين كانوا في موقع الجريمة، ولا يزالون قيد الاحتجاز.
قوات الاحتلال تمنع الحزن وتُخفي الجثمان!
لم تكتف قوات الاحتلال بحماية الجاني، بل عمدت إلى اقتحام خيمة العزاء التي أقامها الأهالي لتوديع الشهيد، وأجبرت الحاضرين على المغادرة، ثم أزالت الخيمة. وفي مشهد مأساوي آخر، ما تزال سلطات الاحتلال ترفض تسليم جثمان الشهيد لعائلته، ما يمنع دفنه ويزيد من معاناة ذويه. وقد أطلقت عائلة الهذالين نداءً عاجلًا قالت فيه:
“نعيش ظروفًا قاسية في خربة أم الخير. لم يُسمح لنا بدفن شهيدنا حتى اللحظة، واعتُقل 14 شابًا. كما طُرد الصحفيون والناشطون الدوليون من القرية. نناشد العالم أن ينقل معاناتنا، ونرفض محاولات تهجيرنا من أرضنا”.
مسافر يطّا.. الأرض المستهدفة بالحصار والعنف
تشهد منطقة مسافر يطّا، التي تضم عدة قرى فلسطينية جنوب الخليل، تصاعدًا في وتيرة الهجمات الاستيطانية المدعومة من الجيش الإسرائيلي. تتضمن هذه الهجمات تدمير ممتلكات، واقتلاع أشجار الزيتون، وتسميم المياه، والاعتداء على السكان، وكل ذلك يجري في ظل صمت رسمي وغطاء عسكري.
وقد خُصّصت أجزاء واسعة من المنطقة منذ ثمانينيات القرن الماضي بوصفها ”منطقة إطلاق نار 918”، لتُستخدم ذريعةً لهدم المنازل ورفض التصاريح الفلسطينية. وفي عام 2022، سمحت المحكمة العليا الإسرائيلية بإخلاء سكان ثماني قرى فلسطينية، ما عرّض نحو 1,150 فلسطينيًّا لخطر التهجير القسري. وتُمنع جميع أشكال البناء أو الترميم، في خطوة تستهدف إفراغ الأرض من أصحابها.
لا تقتصر هذه الجريمة على مقتل شاب فلسطيني فحسب، بل تعكس اختلالًا خطيرًا في ميزان العدالة الدولي. فرغم إدراج يينون ليفي ضمن قوائم العقوبات البريطانية والأوروبية، يواصل تحركاته المسلحة بحرية كاملة، ويُمنح شرعية ميدانية عبر تواطؤ جيش الاحتلال.
إن الإفلات من العقاب لم يعد خللًا في النظام الدولي، بل بات جزءًا من بنيته حين يتعلق الأمر بحقوق الفلسطينيين. من واجب المجتمع الدولي، وبخاصة الحكومات التي فرضت عقوبات مثل المملكة المتحدة، الانتقال من الإدانات إلى أدوات فعالة للردع، تشمل المحاسبة القضائية، ووقف جميع أشكال التعاون مع سلطات الاحتلال، وملاحقة الأفراد المتورطين في الجرائم على الأراضي البريطانية أو ضمن ولايتها القضائية.
فلسطين لا تطلب سوى العدالة، لكن العالم يكتفي بالمراقبة.
المصدر الغارديان
إقرأ أيّضا
الرابط المختصر هنا ⬇