العرب في بريطانيا | أقلام مُجوَّعة: كيف يعيش صحفيو غزة التجويع الذي...

أقلام مُجوَّعة: كيف يعيش صحفيو غزة التجويع الذي ينقلونه؟

WhatsApp Image 2025-07-28 at 11.13.27 AM
خلود العيط July 28, 2025

في قطاع غزة، حيث الحرب لم تعد تميّز بين مدني وصحفي، تنقل الصحفية شيماء عيد شهادة مؤلمة عن واقع المراسلين الذين لا يكتفون بتوثيق الجوع، بل يعيشونه بكل تفصيل، بالصورة والكلمة والجسد المنهك.

وفي تقرير نُشر على موقع (Declassified UK)، تسرد عيد بأسلوب شخصي وصادق كيف تحوّلت الصحافة من مهنة إلى معركة يومية للبقاء، في ظل الانهيار الكامل للبنية التحتية، ونُدرة الطعام، وانعدام الأمان، واختفاء الحدود بين من يروي الحدث ومن يُدفن تحته.

عندما يكتب الصحفي عن الجوع وهو جائع!

أوين جونز: من يكشف الفظائع في غزة إذا قُتل جميع الصحفيين؟

تبدأ عيد تقريرها بقولها: “أكتب هذه السطور وقواي تتلاشى، ليس من ضغط العمل الصحفي فحسب، بل من الفراغ في معدتي الذي يلتصق بجسدي الواهن. في بعض الليالي، أقتسم قطعة خبز واحدة مع من تبقّى من أسرتي، ونغفو على وعد جائع بالغد”.

وتتابع: “في غزة، لم يعد الجوع مناشدة إنسانية، بل صار واقعًا يعيشه الصحفيون والمصورون والمراسلون، نحن الذين اعتدنا نقل معاناة الآخرين، صرنا اليوم جزءًا منها. نكتب فيما نكتم جوعنا وألمنا، ونكافح كي لا تسقط كلماتنا قبل أن تصل إلى العالم”.

تروي عيد كيف باع زميل لها أرشيفًا صحفيًّا يمتد لعشرين عامًا مقابل كيس دقيق. لم يكن القرار لحظة ضعف بل معركة بين الذكريات والبقاء.

وتتساءل: “كيف يمكن للمرء أن يتمسّك بصور الماضي وأطفاله ينامون جياعًا؟”.

آخر باع كاميرته، وثالث تخلّى عن ميكروفونه، أدوات لم تكن مجرد معدات عمل، بل جزءًا من الهُوية، تُفقَد اليوم أمام فواتير الجوع.

“لم نعد نفاوض على عقود، بل على ما تبقى من كرامتنا. لم نعد نطلب أجرًا على صورة، بل وجبة تسدّ رمق أطفالنا”.

وتكشف عيد أن السوق السوداء أصبحت الوجهة الوحيدة، حيث يُباع رغيف الخبز بـ9 دولارات، وكيلو الطحين بما يعادل دخل يوم عمل كامل.

“نخطط للوجبات، ونَعُدُّ الأرغفة، ونُقنّن اللُّقَم، ونقنع أطفالنا أن هذا كل ما لدينا”.

وتضيف: “كل صورة نلتقطها ترتجف، لا من اليد بل من الجوع والخوف. كل كلمة تخرج منا منهكة، وجائعة، ومطاردة بالقلق”.

صحفيو غزة يسقطون من الجوع… لا من القصف

تبرع غزة

 

وفي لحظة فاجعة، تسقط زميلة لعيد على أرض أحد المستشفيات، لا نتيجة شظية، بل لانهيار جسدها من الجوع.
“حملناها بصمت، وكأننا نحمل هشاشتنا نحن أيضًا، نحن الذين نُغطّي المجاعة ونعيشها معًا”.

وتشير عيد إلى أن إنتاج تقرير واحد بات يتطلب أيامًا؛ بسبب تشتت الذهن تحت وطأة الجوع والحرمان.

“لم يعد هناك فرق بين الصحفي الذي يلتقط الصورة والمواطن الذي يُقصَف. كلاهما جائع، وخائف، وبلا مأوى، ومجبر على الاستمرار… لا لأننا أقوياء، بل لأنه لا خيار لدينا”

وتختم شهادتها بالقول: “نحن أبناء هذه الأرض، صوتها، وصورتها، ومرآتها. نحمل الكاميرا والميكروفون والقلم، ونحمل معها وجع الأمهات، وجوع الأطفال، وحلم البقاء على قيد الحياة”.

هذا وترى منصة العرب في بريطانيا أن شهادة الصحفية شيماء عيد تمثل وثيقة إنسانية مؤلمة تُعرّي وجه الاحتلال البشع، ليس فقط بآلة القتل، بل أيضًا بسياسة التجويع المتعمّد التي تُمارَس ضد المدنيين والإعلاميين على حد سواء.

وتؤكد المنصة أن ما يجري في غزة يتجاوز كونه حربًا تقليدية، ليصل إلى جريمة جماعية تُمارَس على الهواء مباشرة، بينما يصمت العالم الحر، وتُغمض وسائل إعلام غربية كثيرة أعينها عن المعاناة الفلسطينية.

وتدعو المنصة الحكومة البريطانية ووسائل الإعلام المستقلة إلى التعامل مع التقارير القادمة من غزة، لا كأرقام أو صور صادمة فحسب، بل كنداء أخلاقي عاجل لإنهاء الحصار، ومحاسبة المسؤولين عن هذه المجازر البطيئة، ودعم الصحفيين الذين ينقلون الحقيقة وهم يتجرّعون مرارتها يوميًّا.

المصدر: Declassified UK


اقرأ أيضًا:

اترك تعليقا

لن يتم نشر بريدك الإلكتروني.

loader-image
london
London, GB
8:55 am, Jul 31, 2025
temperature icon 17°C
broken clouds
90 %
1016 mb
6 mph
Wind Gust 0 mph
Clouds 75%
Visibility 10 km
Sunrise 5:22 am
Sunset 8:50 pm