7 دروس مستفادة من أطول دراسة في العالم حول السعادة

يرغب الجميع في الحصول على حياة سعيدة، وبالطبع فإن “السعادة” هي هدف أساسي بالنسة لغالبية الناس، وعلى الرغم من السعي الدائم نحو السعادة إلا أن البشر قد يخطئون الطرق إليها، فماذا كان رأي العلماء في أول دراسة أعدت حول السعادة
تنتشر الإعلانات التي تروج للحياة السعيدة في كل مكان، ويعتقد الناس أنه يمكنهم شراء السعادة عبر الخروج في عطلة أو إقامة الزفاف الذي يحلمون به أو شراء المنزل المثالي، حيث أن مفهوم “الرضا” في الثقافة الغربية، يستند على النجاح المهني وبناء العائلة المثالية.
وقد نشر كل من الأستاذ في جامعة هارفرد بوربت والدينجر إلى جانب العالم مارك شولتز كتاب The Good Life، وهو أطول دراسة في العالم عن السعادة، وقد بدأت الدراسة عام 1938، عندما بدأ العلماء باكتشاف الأسباب التي تقف وراء سعادة البشر.
وعلى الرغم من الأمل والصدمات التي يواجهها البشر طوال حياتهم، إلا أنهم يستطيعون تجاوز ذلك في النهاية عبر الروابط والعلاقات القوية، لأن قوة الروابط أهم من شكل الروابط نفسها، سواء كان الفرد عازبًا أم متزوجًا.
وقد أجريت الدراسة في ثلاثينات القرن الماضي على 724 شخصًا وهم طلاب من الذكور في جامعة هارفرد، وبعض الصبية من ذوي الدخل المنخفض في جامعة بوسطن، وقد تتبعت الدراسة حياتهم المهنية وزواجهم وتقاعدهم.
كما انضمت زوجات وأطفال هؤلاء الطلاب إلى الدراسة ، وحصل الباحثون على السجلات الصحية للمشاركين في الدراسة كل خمس سنوات، كما أنهم كانوا يطرحون مجموعة من الأسئلة التفصيلية على المشاركين في الدراسة كل عامين.
وقد أخذ العلماء عينات من الحمض النووي للمشاركين في الدراسة، وأجروا عمليات مسح على أدمغتهم، وقد تبرع 25 مشاركًا بأدمغتهم للدراسة بعد وفاتهم.
وقال والدينجر:” لقد خلصت الدراسة إلى أن الناس يعتقدون بأنه يمكن تحقيق السعادة إذا اشتروا منزلاً جديدًا أو حصلوا على ترقية في العمل أو فقدوا وزنًا كافياً حيث يعتقد معظم الناس أن السعادة هي وجهة يمكن أن يصلوا إليها، إذا مشوا في الطريق الصحيح، لكن البيانات الخاصة بالدراسة تظهر أن هذا الأمر غير صحيح، وهذا شيء جيد، لأن تحقيق الرضا لم يعد أمراً بعيد المنال.”
ولعل أحد أبرز الأسئلة التي يطرحها والديننجر في الدراسة هي :” هل فات الأوان بالنسبة لي ؟” ويعتقد والدينجر أن الدراسة تجيب على هذا السؤال حيث قال:” على الرغم من تأثير الجينات والخبرات على أسلوب الحياة ومنظور العالم، لكن لا شيء يمكن أن يمنع المرء من التواصل مع الآخرين والتطور في أي عمر، كما أن الوحدة غيرمرتبطة بعدد الأشخاص فيمكن أن يعاني المرء من الوحدة حتى لو كان متزوجًا أو ضمن حشد من الناس، إلا أنه يمكن تحقيق الإشباع العاطفي من خلال علاقة واحدة صادقة مع شخص من المجتمع المحيط”.
ويوضح الكتاب أن الأشخاص الذين يمتلكون أقوى الروابط في الخمسينيات من العمر هم الأكثر صحة في الثمانينيات من العمر، حيث يمتلك هؤلاء أدنى معدلات الإصابة بأمراض القلب والاكتئاب، وإذا كنت غير متأكدًا من مدى قوة علاقاتك وروابطك مع الآخرين نقدم الخطوات السبعة التالية..
7 دروس مستفادة من أطول دراسة في العالم حول السعادة :
1. إعداد قائمة بأسماء الأصدقاء الذين يمكنك الاتصال بهم ليلًا عند الوقوع في مشكلة
وبالطبع فإن والدينجر لا يتحدث في دراسته هنا عن الأشخاص الذين تتناول معهم القهوة أو زملاء العمل، لكنه يشير إلى أولئك الذين سيأتون لمساعدتك في أي وقت، وسيقدمون الدعم الكافي لك ويساعدونك على الشعور بتحسن، وهم أولئك الذين تستطيع أن تبكي أمامهم.
ويقول والدينجر:” تظهر الدراسة أن هؤلاء الأشخاص قد يكونون من الأخوة والأخوات أو الزوجات أو الأمهات أو زملاء العمل، إذ أن قوة العلاقة لا ترتبط بالمكانة الاجتماعية للشخص، وليس من الضروري أن يكون لديك عدد محدد من هؤلاء الأصدقاء إذ يحتاج البعض إلى الكثير من الروابط الاجتماعية بينما يشعر الآخرون بالسعادة مع عدد أقل من الناس، ما يهم في النهاية هو وجود الأشخاص الذين يخلقون إحساسًا بالأمان والراحة”.
وينصح والدينجر بكتابة أسماء هؤلاء الأصدقاء ومعرفتهم قبل قضاء المزيد من الوقت معهم، يقول والدينجر :” عن العلاقات التي تخلق إحساساً بالأمان هي اللبنات الأساسية لبناء حياة جيدة”، وتقول إحدى النظريات إن العلاقات القوية تعتبر صحية لأنها تساعد الناس على التخلص من الإجهاد الذي يعانون منه.
عندما يواجه المرء مشكلة معينة فإنه إما أن يتهرب منها أو يسعى لحلها، لكن في هذه الحالة فإن بقاءنا مع نوعية معينة من الأشخاص سيمنحنا إحساسًا بالراحة او الأمان.
ويقول والدينجر : “لا داعي للقلق إذا كانت قائمة المعارف متفرقة، لأن البشر يشكلون الروابط الاجتماعية بسرعة كبيرة، ويقترح والدينجر إرسال رسالة نصية إلى صديق قديم أو التعرف على أشخاص جدد ولقائهم”.
2. تناول الغداء مع الزملاء في العمل

يأخذ معظم الموظفين استراحة غداء مدتها ساعة، لكن الدراسات تؤكد بأن قلة من الناس يستغلون هذه الساعة للحصول على الراحة بشكل فعلي، وغالبًا ما يقضون هذه الساعة في ممارسة نشاطات بعيدة عن التواصل الاجتماعي، ويشير والدينجر إنه من الأفضل استغلال هذه الساعة للتحدث مع الزملاء عن الحياة الشخصية بدلًا من الحديث عن العمل.
ويقول والدينجر:” أظهرت الدراسة أن بناء العلاقات الجيدة مع الزملاء في العمل، لا تقتصر على جلب السعادة وتحسين الصحة فحسب، بل تزيد من الإنتاجية والنجاح وتزيد احتمالية البقاء في نفس الوظيفة، وأضاف:” لابد من أن يجد المدراء طُرقاً لتحقيق المزيد من التواصل الاجتماعي بين الموظفين ويساعدوهم على الانصات لبعضهم البعض، كما أنه لا يجب على الموظف أن يشعر بالذنب لقضاء ساعات العمل في تكوين صداقات جديدة فهو أمر مفيد للعمل وللموظف على حد سواء”.
3. التوقف عن العمل في الساعة السادسة مساءً وتجاهل البريد الإلكتروني في عطلة نهاية الأسبوع
تناولت إحدى الدراسات الواردة في الكتاب حياة صديقين درسا في نفس المدرسة هما جون وليو كلاهما كانا من الأوائل في الصف الدراسي، لكن جون الذي انتقل إلى المدينة وعمل محاميًا كان من ضمن الأشخاص الأقل سعادة الذين أجريت عليهم الدراسة، وكان مطلقًا أيضًا، في حين كان يعمل في المساء وفي عطلات نهاية الأسبوع، وبدا انه مقتنعًا بأن ذلك سيحقق له الرضا.
بالمقابل كان ليو رجلًا عادياً ولم يغادر القرية التي ولد فيها، وتزوج في عمر الشباب ولم يحقق حلمه بأن يصبح كاتبًا، بدلًا من ذلك حصل ليو على وظيفة مدرس في الثانوية، وكان يعود إلى المنزل خلال المساء للمساعدة في تربية أطفاله، وهو من أسعد الأشخاص الذين أجريت عليهم الدراسة ويقول والدينجر:” لم يكن ليو يستمد سعادته من عمله بل من علاقاته، وهذا هو مفتاح السعادة”.
4. ارتياد نفس المقهى كل يوم

تناول كتاب (The Good Life) الدراسة التي أجرتها جامعة شيكاغو، والتي أرسلت مجموعة من الأشخاص في رحلة بالقطار وطلبت من نصفهم قراءة الجريدة بينما طلبت من النصف الآخر التعرف على شخص غريب في القطار، وعلى الرغم من أن غالبية المشاركين في الدراسة توقعوا أن التحدث إلى شخص غريب سيكون تجربة سلبية، لكنهم في الواقع استمتعوا بالرحلة أكثر من أولئك الذين كانوا يقرؤون الصحيفة، يقول والدينجر:” هذا مجرد مثال واحد على عدم معرفتنا بالأمور المفيدة لنا”.
قد يكون من الصعب في بريطانيا التعرف على شخص غريب في وسائل النقل العامة، لذلك من الأفضل ارتياد نفس المقهى والتحدث إلى النادل عن الطقس على سبيل المثال أو عن الأخبار، وبهذه الطريقة سيتذكر النادل الزبون في المرة القادمة، وسيصبح هذا التفاعل ذو مغزى حتى ولو كان تفاعُلاً قصير الأمد.
يقول والدينجر:” بنفس الطريقة التي يعبر فيها الدماغ عن سعادته عند تناول الطعام، فهو يستجيب بشكل إيجابي عند التواصل مع الآخرين، حتى لو لم يكن التواصل عميقًا: إن التفاعل مع الآخرين بشكل إيجابي يرسل رسالة إلى أجسادنا مفادها أننا نشعر بالأمان، ويقلل من الإحساس بالإثارة”.
5. استخدام مواقع التواصل الاجتماعي للتعرف على أشخاص جدد
عندما بدأت الدراسة في ثلاثينيات القرن الماضي كانت وسائل التواصل الاجتماعي ضربًا من ضروب الخيال العلمي، لكنها أصبحت واقعًا في السنوات الأخيرة، ولها تأثيراً كبيراً على الصحة النفسية، ويميل الناس إلى إلقاء اللوم على تطبيقات مثل تويتر وإنستغرام فيما يتعلق بالمشكلات النفسية المعاصرة، لكن أظهرت الدراسة أن هذه التطبيقات قد تعود بتأثير إيجابي إذا استخدمت للحفاظ على العلاقات مع الأصدقاء والعائلة، كما أنه يمكن للأشخاص الذين يعانون من مشاكل صحية معينة، أن يجدوا أقرانهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي الأمر نفسه ينطبق على مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي من ذوي الاهتمامات الخاصة.
لكن ذلك لن يعمل بالشكل الصحيح إلا إذا استخدمت وسائل التوصل الاجتماعي لتحقيق التفاعل الحقيقي مع الآخرين بدلًا من مشاهدة المنشورات فقط، كما أن رؤية ما ينشره الآخرون بصمت يعد من أكثر الأسباب المعززة للشعور بالعزلة، لأنه يخلق نوعًا من المقارنة بين الحياة الحقيقية للمستخدم، والحياة المزيفة التي تصورها وسائل التواصل الاجتماعي عن الشخص الآخر.
وينصح والدينجر باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي للتعرف على الآخرين أو بوضع المزيد من القيود على استخدامها.
6. الاتصال بالأصدقاء بدلاً من الدردشة معهم على واتساب

يقول والدينجر إنه لابد من التدريب على التخلص من عادة التواصل عبر الرسائل النصية، لأن تواصلنا كبشر يعتمد على طريقة قول الكلام، وليس فقط على الكلمات نفسها ، ويشير والدينجر إلى أن التحدث إلى شخص بالصوت هو من أفضل الطرق للتقرب منه بدلًا من كتابة الرسائل النصية”.
وليس هناك حاجة لإجراء مكالمات هاتفية مطولة حيث أظهرت الدراسة أن التحدث إلى أحد الأصدقاء المقربين ثماني دقائق يوميًا يعزز إفراز هرمون السعادة ويساعد على الاسترخاء .
7. تناول العشاء مع صديق مقرب
غالبًا ما يخوض الناس أفضل النقاشات عندما يكونون بصحبة أحد الأصدقاء أو الأخوة، ويقول والدينجر: “يجب أن ينتقي الناس من يحبون للتحدث في الشأن الذي يريدون، لكن الانطوائيين تحديدًا، يرغبون في رؤية أحد أصدقائهم على انفراد، وتكوين روابط جيدة معه”.
وينطبق ذلك على الأصدقاء المقربين أو المعارف الذين نستمتع بصحبتهم رغم أننا قد نراهم مرة واحدة فقط كل عدة أشهر، ويقول والدينجر:” نمتلك جميعًا أصدقاء يعتبرون بمثابة مصدر للحيوية، لكننا لا نراهم بما يكفي، ويعتبر هؤلاء مصدرًا للطاقة لا نستغله بالشكل الصحيح، لأننا نقضي معظم الوقت في محاولة إيجاد معنى لحياتنا عبر استخدام الهواتف الذكية أو مشاهدة التلفاز، أو الانخراط في العمل”.
اقرأ أيضاً :
دراسة: وزارة الداخلية البريطانية تتعمد دفع طالبي اللجوء إلى هوة الفقر
حكومة بريطانيا تعلن تثبيت رسوم الدراسة الجامعية لعامين على الأقل
دراسة بريطانية : المرونة في العمل تدعم الانتاجية من وجهة نظر المدراء
الرابط المختصر هنا ⬇