أطباء في لندن ينجحون في علاج العمى لدى طفل تونسي بحالة نادرة

في إنجاز طبي غير مسبوق، تمكن فريق من الأطباء في العاصمة البريطانية لندن من علاج العمى لدى الأطفال المولودين بحالة وراثية نادرة، وذلك باستخدام علاج جيني مبتكر.
وتُعَد هذه المرة الأولى على مستوى العالم التي يُتوصَّل فيها إلى علاج فعّال لهذه الحالة، وهو ما يفتح آفاقًا جديدة أمام المصابين بأمراض العين الوراثية.
حالة نادرة تهدد البصر منذ الولادة
الحالة تُعرف علميًّا باسم “ضمور الشبكية الخلقي من نوع ليبر” (Leber Congenital Amaurosis – LCA)، وهي من أشد أشكال أمراض الشبكية، حيث يؤدي خلل وراثي في جين يُعرف باسم (AIPL1) إلى فقدان البصر منذ الولادة.
ويُعَد الأطفال المصابون بهذا المرض فاقدين للبصر قانونيًّا، إذ تقتصر قدرتهم على التمييز بين الضوء والظلام، مع فقدان تدريجي لما يتبقى لديهم من رؤية خلال السنوات القليلة الأولى من حياتهم.
جراحة دقيقة تحدث فرقًا هائلًا
في خطوة مبتكرة، أجرى الأطباء عملية جراحية دقيقة استغرقت 60 دقيقة فقط، حُقِنت خلالها نسخ سليمة من الجين المتضرر في شبكية العين.
واستُخدم في هذه العملية فيروس غير ضار يحمل الجين السليم، حيث استُهدفت الطبقة الحساسة للضوء في الجزء الخلفي من العين.
وتعمل هذه النسخ السليمة على إعادة تنشيط المستقبلات الضوئية، وهي الخلايا المسؤولة عن تحويل الضوء إلى إشارات كهربائية تُرسل إلى الدماغ لتُفسَّر على شكل رؤية.
طفل تونسي يستعيد بصره جزئيًّا
كان من بين الأطفال الأربعة الذين خضعوا لهذه العملية في عام 2020 طفل تونسي، اختير مع ثلاثة أطفال آخرين تتراوح أعمارهم بين سنة وسنتين، من الولايات المتحدة وتركيا.
أُجريت العمليات في مستشفى (Great Ormond Street) في لندن تحت إشراف فريق طبي متخصص من مستشفى (Moorfields) لأمراض الأعين ومعهد (UCL) لطب الأعين.
ووفقًا للتقارير الطبية، أظهر الطفل التونسي تحسنًا ملحوظًا في قدرته على الرؤية، إذ بات قادرًا على تمييز الأشكال والتعرف على وجهَي أبيه وأمه، إضافة إلى العثور على الألعاب بمفرده.
وتُعد هذه النتائج استثنائية نظرًا لخطورة الحالة، إذ كان من المستبعد سابقًا حدوث أي تحسن دون تدخل جراحي.
نتائج علمية واعدة وتغير جذري في المستقبل
وفي هذا السياق صرّح البروفيسور ميشيل مايكليدس، استشاري أمراض الشبكية في مستشفى مورفيلدز وأستاذ طب الأعين في معهد (UCL)، بأن النتائج “مذهلة للغاية”، مؤكدًا أن العلاج الجيني قد يُحدث تحولًا جذريًّا في علاج العمى الوراثي لدى الأطفال.
وأضاف: “هذه هي المرة الأولى التي يتوفر فيها علاج فعّال لأكثر أشكال العمى خطورة لدى الأطفال، ونتائجنا قد تُمهّد الطريق لعلاج المرض في مراحله المبكرة مستقبلًا”.
نتائج استثنائية تفتح أبواب الأمل
وبهذا الصدد أشار البروفيسور جيمس بينبريدج، استشاري جراحة الشبكية في مستشفى مورفيلدز، إلى أن الأطفال المصابين بـ(LCA) لا يستطيعون تمييز غير الضوء والظلام، وفي العادة يفقدون هذا القدر اليسير من البصر خلال سنوات قليلة.
وأضاف أن بعض الأطفال الذين خضعوا للعلاج الجديد أصبحوا قادرين على القراءة والكتابة، وهو أمر لم يكن متوقعًا قطّ في الحالات غير المعالجة.
تطوير العلاج بترخيص خاص
يشار إلى أن هذا العلاج الجيني طُوِّر بترخيص خاص من وكالة تنظيم الأدوية ومنتجات الرعاية الصحية البريطانية (MHRA)، وبدعم من شركة (MeiraGTx) المتخصصة في العلاجات الجينية.
وقد ساعدت هذه الخطوة في تسريع عملية تطوير العلاج، ما سمح بإجراء التجارب السريرية على الأطفال المصابين بهذه الحالة النادرة.
المصدر: الغارديان
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇