أسعار الذهب في بريطانيا تحطم رقمًا قياسيًا جديدًا

في قفزة تاريخية غير مسبوقة، حطمت أسعار الذهب في بريطانيا اليوم رقمًا قياسيًّا جديدًا بعدما تجاوزت حاجز 3 آلاف باوند للأونصة للمرة الأولى، لتواصل موجة الصعود العالمية التي دفعت المعدن النفيس أيضًا لتخطي 4 آلاف دولار في الأسواق الدولية مساء الثلاثاء.
وجاء الارتفاع الكبير مدفوعًا بحالة من القلق في الأسواق العالمية، إذ يسعى المستثمرون البريطانيون إلى التحوّط من الاضطرابات الاقتصادية والاضطرابات السياسية في الغرب، في ظل تراجع الثقة في العملات الورقية وارتفاع الطلب على الأصول الآمنة.
وقد سجّل الذهب صباح أمس في بورصة لندن سعرًا قدره 3012.95 باوند للأونصة، مرتفعًا بنحو 120.95 باوند في جلسة واحدة، في وقت وصفه خبراء الأسواق بأنه “أعنف موجة شراء” منذ وباء كورونا.
وأظهرت بيانات منصة (BullionVault) لتداول المعادن النفيسة أن عدد المستثمرين الجدد في بريطانيا بلغ أعلى مستوى له منذ عام 2020، إذ ازداد فتح الحسابات الجديدة بنسبة 87.6 في المئة على أساس شهري، في حين قفز عدد المستثمرين للمرة الأولى في بريطانيا بنسبة 213.5 في المئة مقارنة بشهر سبتمبر 2024.
وفي هذا السياق قال آدريان آش، مدير البحوث في (BullionVault): إن تجاوز الذهب لحاجزي 4 آلاف دولار و3 آلاف باوند في يوم واحد “يؤكد حجم الزخم غير المسبوق في السوق”.
وفي مزاد رابطة سوق لندن للذهب (LBMA)، جرى تسوية السعر عند 4034.75 دولارًا للأونصة، متجاوزًا الرقم القياسي السابق البالغ 3979 دولارًا، في أول اختراق رسمي لمستوى الأربعة آلاف دولار.
ومنذ مطلع العام، ارتفع السعر المرجعي العالمي للذهب بنسبة 52.5 في المئة، وبلغت مكاسبه خلال أكتوبر وحده 3.8 في المئة، وفق بيانات السوق البريطانية.
سلسلة الرهونات البريطانية (Ramsdens) رفعت توقعاتها للأرباح صباح أمس، مشيرةً إلى أن ارتفاع الأسعار وإطلاقها موقعًا إلكترونيًّا مخصّصًا لشراء الذهب أسهما في زيادة المبيعات بنسبة 15 في المئة على أساس سنوي.
وقال ستيف كلايتون، رئيس صناديق الأسهم في منصة الاستثمار (Hargreaves Lansdown): إن المعدن الأصفر “يخطف الأضواء بعد تجاوزه حاجز 4 آلاف دولار”، موضحًا أن “الارتفاع الصاروخي خلال العامين الماضيين يعكس بحث المستثمرين عن ملاذات آمنة في مواجهة اضطرابات مثل إغلاق الحكومة الأميركية أو الجمود السياسي في فرنسا”.
وأضاف: إن الأزمة الحكومية في باريس تُظهر “العجز عن موازنة متطلبات الدولة الاجتماعية مع القدرة على الإنفاق”، وهو ما يثير مخاوف من توسّع الأزمة في أوروبا، ويدفع المستثمرين نحو الذهب رغم الأداء القوي لأسواق الأسهم العالمية.
بريطانيا تتراجع إلى المركز الـ17 عالميًّا في احتياطي الذهب
هذا وأظهرت بيانات حديثة أن احتياطي بريطانيا من الذهب تراجع إلى المرتبة السابعة عشرة عالميًّا، بعد أن كان سابعًا مطلع الألفية.
ويبلغ احتياطي بريطانيا الرسمي نحو 310.29 طن، مقارنة بأكثر من 588 طنًّا عام 2000.
وتتصدّر الولايات المتحدة قائمة حائزي الذهب عالميًّا بـ8,133 طنًّا تُقدّر قيمتها بنحو 1.04 تريليون دولار، تليها ألمانيا وإيطاليا وفرنسا، في حين برزت بولندا بوصفها أكبر مشترٍ عالمي بعد أن رفعت احتياطياتها بنسبة 75 في المئة خلال النصف الأول من 2025 فقط.
كما سجلت تركيا وكازاخستان زيادات كبيرة في احتياطياتهما، إذ ارتفعت قيمة الذهب التركي بنسبة 42.2 في المئة إلى 70.5 مليار يورو، في حين أضافت كازاخستان 32.4 طنًّا لاحتياطياتها لترتفع قيمتها بنسبة 52.5 في المئة.
وقال بول هوفمان، كبير محللي البيانات في منصة (BestBrokers): إن “الزيادة العالمية في الاحتياطات تبرز تحولًا في طريقة إدارة الدول لمخزونها الذهبي، إذ لم تعد الحكومات مجرّد حائزي ذهب سلبيين، بل باتت تضبط سياساتها لتقليل المخاطر النقدية والجيوسياسية”، مؤكدًا أن هذا التوجّه “قد يطيل أمد الزخم الصعودي في الأسعار”.
ارتفاع الأسعار الحالي أعاد إلى الواجهة قرار بيع بريطانيا نحو نصف احتياطياتها من الذهب قبل 25 عامًا، حينما قرّر وزير الخزانة آنذاك غوردون براون بيع 395 طنًّا من المعدن النفيس بين عامي 1999 و2002 مقابل 3.5 مليار دولار فقط، أي بسعر وسطي بلغ 274.92 دولارًا للأونصة.
لكنّ تلك الكمية نفسها من الذهب تساوي اليوم أكثر من 50 مليار دولار، ما يجعل الخسارة التقديرية لتلك الصفقة نحو 47 مليار دولار وفق الأسعار الحالية.
ترى منصة العرب في بريطانيا أن الارتفاع التاريخي في أسعار الذهب يعكس التذبذب الاقتصادي والسياسي في العالم، ولا سيما في ظل استمرار الأزمات المالية وتراجع الثقة في العملات الورقية.
وتنصح المنصة العرب في بريطانيا بعدم الانسياق وراء موجات الشراء العشوائية أو المضاربة السريعة، بل دراسة السوق بعناية والتعامل مع الذهب بوصفه وسيلة تحوّط طويلة الأمد لا مصدرًا للربح السريع.
كما تؤكد المنصة أهمية تنويع مصادر الادخار والاستثمار؛ للحفاظ على الاستقرار المالي للأفراد في ظل مرحلة اقتصادية عالمية تتسم بالتقلّب وارتفاع المخاطر.
المصدر: The Standard
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇