واشنطن تنتقد سجل حقوق الإنسان في لندن بسبب الرقابة الرقمية

أعلنت الولايات المتحدة أن وضع حقوق الإنسان في بريطانيا “تدهور” خلال عام 2024، مشيرة إلى قيود على حرية التعبير مرتبطة إلى حد كبير بقانون السلامة على الإنترنت البريطاني (OSA).
وجاء في التقرير السنوي لوزارة الخارجية الأمريكية حول ممارسات حقوق الإنسان، الذي نُشر يوم الأربعاء، انتقاد للحكومة البريطانية لمحاولتها “كبح الخطاب” بشأن منفذ هجوم ساوثبورت الصيف الماضي، الذي أسفر عن مقتل ثلاث فتيات صغيرات، مؤكدًا أن “أصبح مراقبة المواطنين البريطانيين أمرًا شبه روتيني ومتزايد الوتيرة”.
قانون السلامة على الإنترنت يثير مخاوف حول حرية التعبير في بريطانيا
وأشار التقرير إلى أن “القضايا البارزة المتعلقة بحقوق الإنسان تضمنت تقارير موثوقة عن قيود جدية على حرية التعبير، بما في ذلك تطبيق أو تهديد القوانين الجنائية أو المدنية للحد من التعبير؛ إضافة إلى جرائم أو عنف أو تهديدات بالعنف بدوافع معاداة السامية.”
واستهدف التقرير بشكل خاص قانون السلامة على الإنترنت، مدعيًا أن أحكامه “وسعت صراحة سلطة هيئة Ofcom لتشمل الشركات الإعلامية والتكنولوجية الأمريكية التي لديها عدد كبير من المستخدمين البريطانيين، بغض النظر عن وجودها القانوني في بريطانيا.”
ومنذ دخول أحد الأحكام الرئيسية للقانون حيز التنفيذ في يوليو، والذي يتطلب تقييد الأطفال من الوصول إلى المحتوى الضار، ما دفع المنصات الكبرى لإجراء فحوصات واسعة للسن، أثارت مجموعات الدفاع عن الحقوق الرقمية مثل Open Rights Group و Big Brother Watch مخاوف تتعلق بالخصوصية وحرية التعبير.
ومع ذلك، يشير التقرير لاحقًا إلى أن بعض التصورات الخاطئة حول القانون تتعلق بصلاحيات Ofcom، إذ لا يسمح القانون للهيئة بمراقبة جميع أشكال الاتصالات للكشف عن خطاب غير قانوني، ولا يمكنها أو للحكومة توجيه إزالة محتوى محدد.
وبدلاً من ذلك، يقع على مزودي الخدمة التزام عام لمنع المستخدمين من مواجهة المحتوى الضار، مع حماية حقهم في حرية التعبير.
Ofcom توضح آليات قانون السلامة وتحذيرات بشأن خصوصية المستخدمين
وقالت متحدثة باسم Ofcom: “دورنا هو تطبيق قانون السلامة على الإنترنت، الذي يتطلب من شركات التكنولوجيا أن تمتلك أنظمة وإجراءات للتعامل مع المحتوى الجنائي — بما في ذلك الاحتيال، ومواد الاعتداء الجنسي على الأطفال، والإرهاب — ومنع الأطفال من الوصول إلى المحتوى الأكثر ضررًا لهم مثل المواد الإباحية، والانتحار، وإيذاء النفس واضطرابات الأكل.”
وأضافت: “لا يُطلب من المواقع تقييد المحتوى القانوني للمستخدمين البالغين. بل يجب عليها الموازنة بين حماية حرية التعبير وسلامة المستخدمين.”
كما أشار التقرير إلى تحذيرات بعض الخبراء من أن القانون قد يدفع الحكومة لتنظيم التشفير بشكل يقلل خصوصية المستخدم على المنصات، رغم أن الحكومة السابقة بقيادة المحافظين تراجعت عن بند “التجسس” بعد الاعتراف بأن التكنولوجيا اللازمة لفحص الرسائل المشفرة من طرف إلى طرف للكشف عن محتوى الاعتداء الجنسي على الأطفال دون الإضرار بالخصوصية لم تكن متوفرة بعد.
وزارة الداخلية تواجه آبل حول التشفير وسط ضغوط أمريكية على بريطانيا
وتخوض وزارة الداخلية حاليًا نزاعًا قانونيًا مع شركة آبل حول التشفير من طرف إلى طرف بعد أن رفضت الشركة منح الوصول إلى البيانات المؤمنة في نظام حماية البيانات المتقدم التابع لها، لكن النزاع يتعلق بقانون صلاحيات التحقيق (“ميثاق المتلصصين” حسب المنتقدين) وليس بقانون السلامة على الإنترنت.
وأفادت صحيفة فاينانشال تايمز الشهر الماضي أن كبار المسؤولين في واشنطن، بما فيهم نائب الرئيس JD Vance، يمارسون ضغوطًا على بريطانيا للتراجع عن موقفها مع آبل بشأن التشفير.
رأي منصة العرب في بريطانيا (AUK) :
تقرير وزارة الخارجية الأمريكية الأخير حول حقوق الإنسان في بريطانيا يسلط الضوء على التوتر بين حماية حرية التعبير وضمان سلامة المستخدمين على الإنترنت. ما يثير الاهتمام هو الانتقاد الموجّه لقانون السلامة على الإنترنت، الذي حاولت الحكومة البريطانية من خلاله الحد من الوصول إلى المحتوى الضار للأطفال، وفي الوقت نفسه حماية حرية التعبير للبالغين.
التقرير يوضح تحديات واضحة تواجه السلطات البريطانية : من جهة، الحاجة إلى منع الجرائم الإلكترونية وحماية الأطفال من المحتوى المؤذي؛ ومن جهة أخرى، المخاوف من انتهاك الخصوصية أو فرض رقابة مبالغ فيها على المواطنين العاديين. النقاش حول التشفير وحماية البيانات الشخصية يبرز كذلك حساسية التوازن بين الأمن الرقمي وحقوق المستخدمين.
ما يلفت الانتباه هو أن الحكومة السابقة تراجعت عن بعض البنود الأكثر جدلية، مثل بند “التجسس”، بعد أن تبين أن التكنولوجيا اللازمة لفحص الرسائل المشفرة دون انتهاك الخصوصية غير متوفرة. هذا يؤكد أن الحلول التقنية وحدها لا تكفي، وأن التشريعات يجب أن تراعي الحقوق الأساسية للمواطنين.
برأيكم، هل يمكن لبريطانيا أن تحمي الأطفال والمجتمع من المخاطر الرقمية دون المساس بحرية التعبير وخصوصية المستخدمين؟
أم أن الضغوط الحكومية والسياسية قد تمثل تهديدًا أكبر لهذه الحقوق؟ شاركونا آرائكم وتجاربكم في التعليقات.
المصدر : Politico
إقرأ أيضًا :
الرابط المختصر هنا ⬇