العرب في بريطانيا | هل ستدعم بريطانيا جهود تحديد هويات المفقودين من...

1447 جمادى الأولى 22 | 13 نوفمبر 2025

هل ستدعم بريطانيا جهود تحديد هويات المفقودين من أهل غزة؟

هل ستدعم بريطانيا جهود تحديد هويات المفقودين من أهل غزة؟
صبا الشريف November 10, 2025

لأكثر من عامين، تعيش حنان سمير في حالة دائمة من القلق والألم، دون أن تعرف ليلة نوم هادئة أو لحظة سلام. كل يوم يحمل معها مزيجًا من الأمل واليأس، بينما تواصل البحث عن زوجها، عبد الله فايز أبو شريف، البالغ من العمر 35 عامًا، الذي اختفى في الأيام الأولى للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.

حنان، أم لفتاتين صغيرتين هما نسرين (5 أعوام) وفاطمة (عامان)، أصبحت رمزًا لمعاناة مئات العائلات الفلسطينية التي تواجه صعوبة مزدوجة: انتظار الأخبار وانتظار العدالة.

تقول حنان بحزن عميق: “لا يوجد ألم أو قلب محطم يقارن بما نمر به نحن، عائلات المفقودين، ونحن نبحث بين الجثث عن أحبائنا”.

رحلة بحث مستمرة بين الجثث عن أحبائهم في غزة

هل ستدعم بريطانيا جهود تحديد هويات المفقودين من أهل غزة؟

منذ اختفاء زوجها، طرقت حنان جميع الأبواب؛ زارت المستشفيات والمشرحة والمراكز التي توثق أسماء الشهداء، لكنها لم تجد أي أثر لعبد الله. ومع كل دفعة جديدة من الجثث التي تعيدها إسرائيل ضمن صفقة التبادل المستمرة، تعود حنان إلى ذات المكان، تحدق في الصور والوجوه المشوهة، على أمل العثور على أي أثر يذكّرها بملامح زوجها.

تروي حنان: “بحثت بيأس بين الجثث، لكن العدد كان هائلًا، وكانت الملامح قد تلاشت بسبب التعذيب والإساءة الشديدة. لم أستطع التعرف عليه بين كل الجثث التي رأيتها”.

وتصف تجربة البحث بأنها “قاسية ومؤلمة، تتجاوز حدود التحمل البشري”.

ومع ذلك، تصر حنان على الاستمرار: “مع كل دفعة من الجثث التي تصل إلى غزة، أبحث مرة أخرى عن زوجي. سأستمر في البحث بين جميع الجثث، رغم الألم والصعوبة، حتى أجده”.

معاناة العائلات الفلسطينية بين فقد الأحباء وسياسة الإخفاء

هل ستدعم بريطانيا جهود تحديد هويات المفقودين من أهل غزة؟

تتهم حنان إسرائيل بتعذيب العائلات الفلسطينية مرتين: أولًا بالقصف، وثانيًا بإخفاء مصير أحبائهم. وتقول: “أنا متأكدة أن إرسال الجثث بلا أسماء ومسح ملامحها عبر التعذيب سياسة مقصودة، تهدف إلى الضغط والمعاقبة النفسية على عائلات المفقودين”.

وتضيف: “كما يمنعون دخول أدوات فحص الحمض النووي إلى غزة، ما يزيد من معاناتنا”.

وترى حنان أن هذه الممارسات جزء من سياسة إسرائيلية أوسع تهدف إلى إذلال الفلسطينيين وحرمانهم حتى من حق وداع أحبائهم، وتتابع: “يعتقدون أن أفعالهم القذرة ستكسر إرادتنا. لكننا لن نستسلم”.

وفقًا لبيان وزارة الصحة في غزة بتاريخ 8 نوفمبر 2025، بلغ عدد الجثث المستلمة 300 جثة، مشيرًا إلى أنه تم التعرف على 89 منها فقط حتى الآن. وأدانت منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية السلوك الوحشي للقوات الإسرائيلية تجاه الجثث، معتبرة أنه يمثل انتهاكًا للقانون الدولي.

وبالنسبة لحنان، القوانين والبيانات أقل أهمية من وجه عبد الله الذي لا يغادر ذاكرتها، فتقول وهي تحدق في صورة قديمة له على هاتفها: “قد يكون حيًا، وقد يكون استشهد، لكن حتى أعرف الحقيقة، سأستمر في البحث عنه… كل يوم، وكل ساعة”.

اللجنة الدولية لشؤون المفقودين تطلق خطة لتعريف الجثث في غزة

هل ستدعم بريطانيا جهود تحديد هويات المفقودين من أهل غزة؟

على بعد ألفي ميل في لاهاي، تقع اللجنة الدولية لشؤون المفقودين (ICMP)، الرائدة عالميًا في تحديد هوية الجثث في مناطق النزاعات، والتي تعود جذورها إلى مذبحة سربرنيتسا ضد مسلمي البوسنة في التسعينيات.

وقالت كاثرين بومبرغر {المديرة العامة للجنة} لموقع ديكلاسيفايد :”سربرنيتسا جزء مهم من تاريخنا. قدمنا أدلة في 35 محاكمة جنائية في يوغوسلافيا السابقة”. وأضافت: “نبحث حاليًا عن تمويل للبدء بالعمل في غزة. وعلى الرغم من أننا لم نتمكن بعد من الوصول إلى المنطقة، فقد وضعنا استراتيجية واضحة”.

وتشمل هذه الاستراتيجية التعاون مع عائلات المفقودين على جانبي النزاع، الفلسطيني والإسرائيلي، وبدء حوار مشترك مشابه لتجربتنا في يوغوسلافيا السابقة.

وترى بومبرغر أن تحليل الحمض النووي سيكون مفتاحيًا في التعرف على الضحايا، مشيرة إلى أن العائلات خارج غزة ستتمكن من تقديم عينات بيولوجية لدعم عملية المطابقة. وقالت: “من خلال عملنا في سوريا والعراق وليبيا، لدينا بالفعل نظام إدارة قضايا بالعربية يمكن من خلاله للناس رفع بيانات عن المفقودين”.

وأوضحت بومبرغر أن اللجنة قد تساعد أيضًا في تتبع الأطفال في غزة الذين لا يعرفون مكان والديهم عبر تحليل الحمض النووي.

البنية الدولية لتحديد هوية المفقودين وغزة : مساهمة بريطانيا

هل ستدعم بريطانيا جهود تحديد هويات المفقودين من أهل غزة؟

تاريخيًا، كان مكتب الخارجية في بريطانيا من كبار الممولين لعمل اللجنة، متبرعًا بملايين الباوندات للمنظمة.

وعند سؤال موقع ديكلاسيفايد عن دعم مكتب الخارجية البريطاني لجهود التعرف على المفقودين في غزة، اكتفى المكتب بالقول: “يوفر وقف إطلاق النار لحظة أمل وفرصة لتخفيف المعاناة الشديدة في غزة، والتعرف على المفقودين وإعادتهم إلى عائلاتهم، والعمل نحو تحقيق السلام الدائم. لقد دعمت بريطانيا منذ فترة طويلة اللجنة الدولية لشؤون المفقودين (ICMP) وعملها، حيث تقدم المنظمة مساهمات مهمة لمساعدة الدول على الوفاء بالتزاماتها المتعلقة بالمفقودين حول العالم”.

قضية المفقودين في غزة تمثل إحدى أكثر الأزمات الإنسانية تعقيدًا في ظل النزاعات المسلحة المستمرة. دعم المجتمع الدولي، وبخاصة بريطانيا، للجهود الرامية إلى تحديد هوية الضحايا خطوة ضرورية لتخفيف معاناة العائلات. فتح قنوات تعاون واضحة بين جميع الأطراف، واستخدام الأدوات العلمية الحديثة مثل تحليل الحمض النووي، يسهم في كشف مصير المفقودين ومنح الأهل فرصة لمعرفة الحقيقة ووداع أحبائهم بطريقة كريمة، بما يعكس احترامًا للمعايير الإنسانية والقانون الدولي.

المصدر : ديكلاسيفايد


إقرأ أيضًا :

اترك تعليقا

آخر فيديوهات القناة